70% من جرائم قتل الزوجات سببها الأزواج .. إحصائية عالمية وردت علي لسان الدكتور عادل العدوي وزير الصحة. ولأن الرقم كبير ومفزع قمنا بالبحث عن إحصائيات مصرية تتعلق بالعنف بين الأزواج والزوجات فوجدنا أرقاما توضح أن 67% من نسبة قتل الأزواج لزوجاتهم سببها الخيانة. وأن نسبة قتل الزوجات لزوجاتهن لنفس السبب تبلغ 30 % وأن عدد الأزواج الذين قتلوا علي يد زوجاتهم وصل إلي 91 رجلا في عام واحد هو عام 2005 لتتنوع أدوات القتل مابين السم والسكين والساطور والرصاص . وأشارت الإحصائيات إلي احتلال القاهرة المركز الأول في نسبة ارتكاب جرائم القتل بسبب الخيانة وتلتها محافظة الجيزة ثم الإسكندرية والشرقية والقليوبية . هناك أسباب أخري للقتل بين الأزواج أوضحتها الدراسات وهي الانتقام والقسوة في المعاملة والثأر للشرف وانعدام القيم والوازع الديني والبخل وصعوبة المعيشة والغيرة ... وأيا كانت الأسباب فإن الإحصائيات السابقة تدق ناقوس الخطر وتطرح التساؤل : هل تحولت الأسرة من مصدر السكينة والطمأنينة إلي ساحة لارتكاب الجرائم وتهديد أمن المجتمع ؟.. في السطور التالية نحاول البحث عن الإجابة ... الدكتور عبد الرؤوف الضبع رئيس قسم الاجتماع ووكيل كلية آداب سوهاج سابقا أبدي استغرابه من النسبة التي تظهرها الإحصائية وتساءل قائلا : من أين أتي وزير الصحة الدكتور عادل العدوي بهذا الرقم ؟ لقد كان من الأجدي به أن يقول غالبية جرائم قتل الزوجات سببها الأزواج. لكن التحديد الكمي دون تحقق من الأرقام يسمي التلاعب باستخدام الإحصاء. وهذا يذكرني بالدكتور أحمد نظيف رئيس الوزراء الأسبق الذي كان يستخدم كثيرا من الأرقام التي قد تكون صحيحة لكن طريقة عرضها فاسدة ومغرضة كأن يقول مثلا إن الزيادة بالدخل القومي وصلت إلي 7.7 % قد يكون الرقم صحيحا لكن كيف تم توزيعه وأين ذهب هذا هو الأهم . والإحصائية التي ذكرها وزير الصحة مشكوك في صحتها . أضاف : بالنسبة لقتل الزوجات لأزواجهن فقد كتبت مقالة في هذا الأمر أوضحت فيه أن من تفعل ذلك تكون الدنيا قد ضاقت أمامها فلم يعد بإمكانها الهرب أو الذهاب إلي أهلها أو حتي أن تغلق علي نفسها باب غرفتها فلم تجد مفرا من أن تقتل زوجها . أوضح الضبع أن مثلما أن هناك سرطانا يصيب الجسد فهناك سرطان أصاب الأسرة المصرية. فالأسرة في ماهية وجودها وظيفتها الرئيسية توفير الحماية لأفرادها وهذا لا يقتصر علي أسر البشر فقط بل يمتد ليشمل أسر الحيوان أيضا فتكون المهمة الأولي للأسرة هي توفير الحماية البدنية والنفسية والاجتماعية لأبنائها. جرائم عفوية استكمل الدكتور عبد الرؤوف الضبع حديثه قائلا : كلفت أحد الباحثين بمتابعة الجرائم التي نشرت بجريدة الأهرام لمدة سنة. وكنت واضعا في ذهني فرضية معينة و وتبين بالفعل بعد الرصد للبحث عن المجرم أن معظم هذه الجرائم تم ارتكابها من طرف أفراد في الأسرة. وقد تأكدت من ذلك بنفسي بمتابعة صفحة الحوادث. لكنني لا أستطيع أن أخلص من ذلك إلي أن الأسرة أصبحت تمثل الخطر الأكبر علي أفرادها لكن يمكنني أن أقول إن الأسرة المصرية سارت في عاصفة العنف وآخر مدي يصل إليه العنف هو القتل لكن هناك أيضا الضرب والأذي والانتهاكات فكل هذه أشكال من العنف . والجرائم الأسرية غالب ما تكون جرائم عفوية ولكن لا يمكن أن نضع كل هذه الجرائم في سلة واحدة . وإذا حللنا جرائم إزهاق النفس نجد أن تفسيرها يرجع لتشوه الشخصية المقدمة علي القتل خاصة أن هناك معايير كثيرة اهتزت وانهارت. كما أن الضوابط الأسرية لم تعد بنفس مستوي قوتها المعهودة. هذا بالإضافة إلي سيطرة القيم الفردية والأنانية علي الأشخاص وضعف العادات والتقاليد والأعراف الحاكمة علي السلوكيات المصرية . وهناك عامل رئيس يمارس تأثيره في هذا الصدد ويوضع تحت عناوين كثيرة وهو التدين الحقيقي عند الإنسان فالمتدين تدينا حقيقيا يعلم أن عقوبة القتل تنفذ علي صاحبها في الدنيا والآخرة.كما أن التدين الحقيقي يجعل صدر الإنسان متسامحا فينكر ذاته ويغفر للآخر ولا يسيطر عليه الغضب الذي يذهب عقله.لكن للأسف لقد حدث تشوه في التدين أيضا فأصبحنا نجد الإنسان متدينا شكلا حتي إذا ما تتبعنا مسلكه وجدناه بعيدا عن جوهر الإسلام . ولا ننسي أننا كنا نملك مرجعية تحدث نوعا من التوازن عند حدوث توترات أسرية وهي الأهل حيث كان تدخلهم يخفف وطأة الأمر. أما الآن فقد صار كل فرد في الأهل متشرنقا داخل مصالحه واهتماماته وانشغالاته . لكن إذا تأملنا قوله تعالي ".... وأولو الأرحام بعضهم أولي ببعض في كتاب الله إن الله بكل شيء عليم" "الأنفال 75" نجد أن التسامح هو مكمن الحل فلو أن المرأة أخطأت في حق زوجها وغفر لها , ولو التمست المرأة لزوجها العذر إذا أساء إليها لصار هناك نوع من الرحابة فتختفي الجريمة لكن الحادث الآن أن كل طرف يضغط علي الآخر بلا رحمة وهذا ضد التدين الصحيح . الإعلام المحرض الدكتور عبد الله عسكر أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة الزقازيق أكد أن العلاقة الزوجية في مصر من أسلم العلاقات الأسرية علي مستوي العالم لأن المصري يقدس الحياة الأسرية والتوافق الزوجي داخل الأسرة هو مؤشر علي الصحة النفسية سواء للرجل أو المرأة . وفي كل الأحوال هناك عوامل عديدة للوصول إلي جريمة القتل . والعدوان البشري ينشأ ما بين الإنسان ونفسه.و الإنسان وقرينه.وما بين الإنسان وأقرباؤه فهذه هي أصول العدوان الأولي . ويمكن للفشل في إدارة الغضب والتعامل مع ضغوط الحياة وتسرب الشك إلي الشريك أن يؤدي إلي تفاقم حدة العدوان ليصل إلي العدوان البدني الذي يبدأ بالضرب وقد ينتهي بالموت . لذلك لابد من مؤازرة الأسرة للتخلص من عدوانها والتخفيف من الصراعات الداخلية وتوجيه طاقات العدوان للبناء والتعامل بصورة عقلانية مع أحداث الحياة وتعميق قيم الحب والأمان داخل الأسرة .. كل هذا من شأنه أن يحقق جودة الحياة الأسرية ويخفف من وطأة العدوان . أضاف أن الإعلام عليه دور في نبذ العنف الأسري لأنه قد يساهم في انتشاره إذا كان محرضا يتبني اتجاهات سلبية ضد المرأة مثلما نشاهد في الدراما من خلال بعض الأفلام والمسلسلات العشوائية التي لا تحرص علي وحدة الأسرة والنظام الاجتماعي. دوافع إنسانية محمد زارع رئيس المنظمة العربية للإصلاح الجنائي أوضح أن أي شخص يرتكب جريمة لا يرد في ذهنه أبدا أن جريمته ستكتشف والجرائم الزوجية يقف وراءها أسباب كثيرة قد تكون اقتصادية أو بسبب عدم التوافق في الزواج فقد يتم الزواج أحيانا لمجرد الزواج وهذا يجعل الحياة بين الزوجين صعبة خاصة في البيئة التي لا يكون للفتاة فيها رأي كالريف مثلا. وحتي الرجل قد يطلب منه أن يتزوج وفقط فيقدم علي اختيار غير مناسب . أي أن القتل مثله مثل كل الجرائم يرتكب بدافع أو احتياج إنساني قد يكون هذا الدافع هو الرغبة. أو الحاجة الاقتصادية أو عدم القدرة علي مواصلة الحياة مع الطرف الآخر أو الخوف من الانفصال ونظرة المجتمع له . والحياة قائمة بالأساس علي رجل وامرأة السعادة تأتي منهما والشقاء أيضا يأتي منهما علي حسب إدارتهما للحياة . سألناه هل تخفيف عقوبة القتل دفاعا عن الشرف قد تكون دافعا لزيادة معدلات القتل بسبب الخيانة فأجاب قائلا : عقوبة القتل تصل إلي الإعدام وهو الحد الأقصي للعقوبات ولا نملك أن نغلظ العقوبة أكثر من ذلك. كل ما يمكننا فعله أن نحاول أن نقضي علي الأسباب الدافعة للقتل من أوضاع اقتصادية أو اجتماعية سيئة. أما القتل بدافع الشرف فله ظروف محددة كأن يشاهد الرجل زوجته أو اخته مع رجل آخر. لكن هذا ليس السبب الرئيسي مثلما سبق أن ذكرنا فقد يحدث القتل أحيانا بدافع اللاشرف كأن يتخلص الزوج من زوجته لأنه يكن مشاعر لامرأة أخري. إصلاح وتقويم الدكتور عبد الغفار هلال المفكر الإسلامي وأستاذ الشريعة الإسلامية بجامعة الأزهر قال : نريد أن تعيش الأسرة المصرية في أمن وسلام مع نفسها و المحيطين بها . والزواج معروف في الإسلام أنه سكن ورحمة كما جاء في الآية الكريمة التي يتلوها كل مأذون عند عقد القران .. قال تعالي : " ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " "الروم 21" أي أن من آيات الله التي تفضل بها علي عباده أنه زاوج بين الرجل والمرأة . والمعروف أن الاختيار يتم علي أساس الدين فالشاب المقبل علي الزواج عليه أن يبحث في إطار الإسلام عن الفتاة التي تنتمي لأسرة صالحة طيبة الأخلاق وقد جاء في الحديث الشريف قوله صلي الله عليه وسلم : "تنكح المرأة لأربع : لحسبها ولمالها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" . وجاء في الحديث أيضا : "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير" معني ذلك أن تكوين الأسرة والبيت المسلم يتم أساسا علي الأخلاق والقيم والمبادئ أن تسود بين الزوجين بهذه الأوامر الإلهية . وقد قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : "نعم الكنز الزوجة الصالحة إذا نظر إليها زوجها سرته وإذا أمرها أطاعته وإذا غاب عنها حفظته " والزوجان يكمل كل منهما الآخر فتذوب الفوارق . لذا نريد أن نعيد الأسرة لحضن الإسلام مع توعية الزوجين بأن الزواج يبني علي القيم والمبادئ لا علي الأحساب والأنساب والوظيفة والمال مثلما أصبح في أيامنا الأخيرة . والله تعالي تكفل الأسرة المسلمة بالرزق الواسع كما قال تعالي : "وانكحوا الأيامي منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم" "النور 32" ثم قال : "وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتي يغنيهم الله من فضله" أي أن الله يغني الزوجين إذا كانا من الصالحين . لذا فإننا نريد أن نغير مفهوم الشراكة الزوجية فالزوجان شريكان وكل له دور في الأسرة وتربية الطفل فإذا كان الأبوان سويين ينِشأ الأبناء نشأة صالحة. وإذا دب الخلاف بينهما فهذا ينعكس سلبا علي أبنائهما . أشار الدكتور عبد الغفار هلال إلي أن نسبة 70% من جرائم قتل الزوجات يقف وراءها الأزواج إذا كانت صحيحة فهي تهدد مجتمعاتنا وتستلزم إصلاحا وتقويما ومراجعة لمبادئ اختيار الأزواج مع ضرورة تلقين الأسر الدروس الدينية وحث خطباء المساجد علي أن يركزوا في خطبهم علي التوافق الأسري .