نقد الرجال في صحيح البخاري والرد علي ذلك بقلم: د.المحمدي عبدالرحمن وكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية بجامعة الأزهر وجه بعض النقاد الطعن في بعض رجال البخاري الذين خرج لهم في كتابه "الجامع الصحيح" ومعظمهم من شيوخه الذين لقيهم وجالسهم وخبرهم وميَّز بين صحيح مروياتهم من سقيمها وقد أخرج لبعضهم في أصول الكتاب وأخرج لبعضهم الآخر في المتابعات والشواهد. دفاع الحافظ ابن حجر والإجابة عن تلك الاعتراضات يقول الحافظ ابن حجر: ينبغي لكل منصف أن يعلم أن تخريج صاحب الصحيح لأي راوي كان مقتضاً لعدالته عنده وصحة ضبطه وعدم غفلته ولاسيما ما انضاف إلي ذلك من أطباق جمهور الأئمة علي تسمية كتاب البخاري "الجامع الصحيح" وكذلك "صحيح مسلم" وهذا معني لم يحصل علي من خرج عنهم في الصحيح فهو بمثابة إطباق جمهور الأئمة علي تعديل من ذكر فيهما هذا إذا خرج له في الأصول. فأما إذا خرج له في المتابعات والشواهد والتعليق فهذا تتفاوت درجات من أخرج له منهم في الضبط وغيره مع حصول اسم الصدق لهم. وحينئذ إذا وجدنا لغيره في أحد منهم طعناً فذلك الطعن مقابل لتعديل هذا الإمام فلا يقبل إلا مبين السبب مفسراً بقادح في عدالة هذا الراوي وفي ضبطه مطلقاً. أو في ضبطه لخير بعينه. لأن الأسباب الحاملة للأئمة علي الجرح والتعديل متفاوتة منها ما يقدح ومنها ما لا يقدح وقد كان الشيخ أبو الحسن المقدسي يقول في الرجل الذي يخرج عنه في الصحيح هذا جاز القنطرة يعني بذلك أنه لا يلتفت إلي ما قيل فيه. مقاييس نقد الرجال عند ابن حجر لقد وضع ابن حجر مقاييس دقيقة لنقد الرجال وهي: 1 البدعة 2 المخالفة 3 الغلط 4 جهالة الحال 5 دعوي الانقطاع. أولاً: البدعة يقول ابن حجر الموصوف بها إما أن يكون ممن يكفر بها أو يفسق فالمكفر بها لابد وأن يكون ذلك التكفير متفقاً عليه من قواعد جميع الأئمة كما في غلاة الروافض من دعوي بعضهم حلول الألوهية في علي أو غيره. أو الإيمان برجوعه إلي الدنيا قبل يوم القيامة أو غير ذلك. وليس في الصحيح "جامع الصحيح للبخاري" من حديث هؤلاء شيء البتة. ثانياً: المخالفة يقول ابن حجر: أما المخالفة فيثبت بها الشذوذ والنكارة. فإذا روي الضابط والصدوق شيئاً فرواة من هو أحفظ منه وأكثر عدداً فهذا شاذ وهو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه وقد تشتد المخالفة بأن يضعف الحفظ فيحكم علي من يخالف فيه بكونه منكراً. وهذا ليس في الصحيح منه إلا نذر يسير. وقد ذكره في موضع آخر لا شذوذ فيه ولا نكاره. ثالثاً: جهالة الحال.. يقول ابن حجر: فأما جهالة الحال فمندفعة عن جميع من أخرج لهم في الصحيح. لأن شرط الصحيح أن يكون راويه معروفاً بالعدالة فمن زعم أن أحداً منهم مجهول فكأنه نازع المصنف في دعواه أنه معروف ولا شك أن المدعي لمعرفته مقدم علي من يدعي عدم معرفته لما مع المثبت من زيادة العلم. ومع ذلك فلا تجد في رجال الصحيح أحداً يسوغ إطلاق اسم الجهالة عليه أصلاً. رابعاً: الغلط يقول ابن حجر: أما الغلط فتارة يكثر من الراوي. وتارة يقل فحيث يوصف بكونه كثير الغلط ينظر فيما أخرج له إن وجد مروياً عنده وعند غيره من رواية غير هذا الموصوف بالغلط علم أن المعتمد أصل الحديث لا خصوص هذه الطريقة وإن لم يوجد إلا من طريقه. فهذا قادح يوجب التوقف عن الحكم بصحة ما هذا سبيله وليس في الصحيح بحمد الله في ذلك بشيء. وحيث يوصف بقلة الغلط كما يقال سييء الحفظ أو له أوهام أو له مناكير وغير ذلك من العبارات فالحكم عليه كالحكم في الذي قبله أي يكثر وتارة يقل وينظر فيما أخرج له...إلخ. إلا أن الرواية عن هؤلاء في المتابعات أكثر منها عند المصنف من الرواية عن أولئك مع عدم التفرد فلا طعن. إلا أن الرواية إنما هي للاستئناس والشواهد وتكثير الطرق فهي معادة. خامساً: دعوي الانقطاع يقول ابن حجر: أما دعوي الانقطاع فمدفوعة عمن أخرج لهم البخاري كما علم من شرطه "وهو أن العنعنة تفيد الاتصال بشرط المعاصرة واللقاء فحكم من ذكر من رجاله بتدليس أو إرسال أن تسير أحاديثهم الموجودة عنده فإن ثبت السماع فلا اعتراض. وقد ثبت السماع في المعنعن فلا اعتراض.