عاشوراء.. ذلك اليوم الذي أذل الله فيه فرعون ومن معه من الطغاة.. وكسر كبرياءهم.. وأذل أنوفهم.. وجعلهم عبرة لمن يعتبر. عاشوراء.. ذلك اليوم الذي أعز الله فيه موسي ومن معه من المؤمنين الصالحين.. وأراهم ثأرهم من فرعون وجنده.. ومكن لموسي عليه السلام ومن معه من المؤمنين.. وكانت البداية لكي يرث المؤمنون مع موسي عليه السلام الأرض ومن عليها.. وقد قدر الله أن يستشهد في هذا اليوم الإمام الحسين ويقتل مظلوما ً بعد أن قدم نموذجا ً رائعا ً هو وثلة من آل البيت في التضحية والفداء .. ولكننا نأبي أن نسعد بذلك اليوم ونستعيد انتصارات الأنبياء.. فيقوم بعض إخواننا من الشيعة بلطم الخدود وشق الملابس وإسالة الدماء في مظهر يمثل أبشع إساءة للإسلام والمسلمين.. بل إن بعض الآباء يجرح ابنه الصغير الذي يبكي خوفا ً من السكين التي تقترب من رأسه .. ورأيت البعض يجرح ابنته الصغيرة وهي تصرخ هلعا ً.. وبعض الفتيات الصغيرات يسكبن الدماء علي ملابسهن حزنا ً علي الحسين .. تاركين الفرحة بنجاة موسي ومن معه .. وهو من أولي العزم من الرسل . إنني أناشد المراجع الشيعية الكبري في إيران والعراق والخليج ولبنان أن تقف موقفاً حازما ًمن المهازل التي تحدث كل عام في ذكري استشهاد الحسين رضي الله عنه من لطم الخدود وتمزيق الملابس وضرب المحتفلين لأنفسهم حتي تنزف دماؤهم. والمصيبة أنه يتم نقل ذلك الاحتفال علي شاشات القنوات المختلفة لتعطي للعالم صورة سلبية عن الإسلام والمسلمين وعن الشيعة أنفسهم. أين هذه الصورة المزرية من قول النبي صلي الله عليه وسلم: " ليس منا من لطم الخدود وشق الجيوب.. ودعا بدعوي الجاهلية"؟ لقد جاء الإسلام ليحيي في الناس فقه الحياة لا فقه الموت .. وصنع البسمة لا صنع البكاء والعويل.. فهذا الرسول المحب لكل شيء يقول عن جبل أحد الذي شهد مأساة أصحابه ¢أحد جبل يحبنا ونحبه¢. وإذا كنا ننهي الأم التي مات ابنها الشاب منذ دقائق عن هذا الأمر.. أليس أولي منه أن ننهي من يفعل ذلك حزنا علي الحسين رضي الله عنه الذي استشهد منذ قرون؟ ولو كان الحسين رضي الله عنه الآن حيا.. هل كان يرضيه ذلك أو يقبله من هؤلاء الذين يزعمون محبته وهم يخالفون هديه وهدي جده الكريم "صلي الله عليه وسلم"؟ ولماذا يحزنون علي الحسين فقط دون سواه من صحابة الرسول "صلي الله عليه وسلم" الذين استشهدوا في معارك الإسلام المتعددة؟ لماذا لا يحزنون مثل هذا الحزن علي شهيد الإسلام والخليفة الثاني لرسول الله "صلي الله عليه وسلم" وهو الفاروق عمر بن الخطاب؟ ولم لا يحزنون علي أسد الله وأسد رسوله ¢حمزة بن عبد المطلب¢ عم رسول الله وأعظم المدافعين عن الإسلام في مهد رسالته؟ ولم يخصون الحسين دون مئات الشهداء من الصحابة والتابعين بهذا الحزن؟ والغريب أن الشيعة لا يعيرون سيدنا الحسن بن علي الشقيق الأكبر للحسين أي اهتمام أو ذكر.. رغم أن الرسول صلي الله عليه وسلم مدحه في الحديث الصحيح¢إن ابني هذا سيد وسيصلح الله به بين طائفتين عظيمتين من المسلمين¢. يا قوم إن كنتم تحبون أهل البيت حقا فاتركوا كل ما يخالف نهجهم وفكرهم. إن كنتم تحبونهم فتوقفوا عن ضرب السلاسل علي الصدور.. فلم تجرموا أنتم في حق الحسين ولم تخذلوه.. ولكن خذله جيل سابق لكم أغروه بالخروج للقتال ثم تخلوا عنه.. وتركوه وحيدا مع ثلة من أقاربه وأهل بيته الشجعان يقاتلون حتي الموت. فما ذنب هذا الجيل حتي يلطم الخدود ويشق الجيوب؟ ألم يقل الله تعالي ¢وَلاَ تَزِرُ وَازِرَةى وِزْرَ أُخْرَي.. وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إِلَّا مَا سَعَي¢. حتي الجيل الذي تخاذل عن نصرة الحسين لا ينبغي عليه لطم الخدود وشق الجيوب.. ولكن يسعه الاستغفار والتوبة. أما هذا الجيل فلم يرتكب إثما في حق الحسين ولا في حق أحد من شهداء الصحابة.. ولا كان طرفا في أي صراع بين طائفتين من الصحابة أو التابعين. وإذا كان الله قد عصم سيوفنا من الانخراط في الصراع بين الصحابة.. فعلينا أن ننزه ألسنتنا من طعنهم أو سبهم أو لعنهم. والغريب أن أحدا ً من أئمة المذهب الشيعي وفقهائه الكبار مثل جعفر الصادق أو زيد بن زين العابدين لم يأمروا بمثل ذلك أو يفعلوه.. ولم يقل به الخوميني أو مهدي شمس الدين أو الخوئي بل جميعهم نهوا عنه . يا قوم إن الفكر الشيعي يحتاج إلي من يطوره ويجدده ويزيل ما به من أخطاء فادحة .. وأهمها الطعن في حق الصحابة عامة.. وفي حق وزيري الرسول "صلي الله عليه وسلم" العظيمين أبي بكر الصديق وعمر بن الخطاب.. وفي حق الصديقة ابنة الصديق عائشة بنت أبي بكر. وإذا أراد الشيعة حقا التقارب والتواصل مع أهل السنة.. فعليهم أن يتركوا سب الصحابة أو الهجوم علي بعضهم. فماذا سيستفيدون من سب الصحابة أو الطعن فيهم؟ وهل هناك قوم يسبون أجدادهم الكرام الذين كانوا سببا في إسلامهم وهدايتهم إلي الصواب؟ يا قوم تدبروا هذه الآية جيدا: ¢تِلْكَ أُمَّةى قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ وَلاَ تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ¢.