* يسأل ماجد الغمراوي من دمياط: هل يعذب الميت ببكاء أهله عليه؟ * * يجيب الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر: أحوال الإنسان بعد الموت والانتقال إلي الدار الآخرة من الأمور الغيبية التي لا يستطيع أحد أن يتكلم فيها بغير دليل من الكتاب أو من السنة. ومن هذه الأحوال عذاب القبر ونعيمه. وقد جاء فيما رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما. ومالك في الموطأ. ان الميت يعذب ببكاء أهله عليه. وهذا يتعارض في الظاهر مع قول الله تعالي: "ألا تزر وازرة وزر أخري" آيه رقم 38 من سورة النجم. وقد أجاب العلماء علي ذلك بعدة أجوبة منها: 1 ان هذا العذاب يحمل علي ما يصاحب البكاء من النواح والعويل. يدل علي ذلك ترجمة البخاري للباب رقم 32 من كتاب الجنائز بقوله: باب قول النبي صلي الله عليه وسلم: يعذب الميت ببعض بكاء أهله عليه. إذا كان النوح من سنته. بزيادته: إذا كان النوح من سنته. علي حديث النبي صلي الله عليه وسلم . هو تقييد من البخاري لمطلق البكاء. وتفسير منه للبعض المبهم في الحديث وهو النواح. ومعني إذا كان النوح من سنته: أي من طريقته وعادته في حياته. 2 ان عذاب الميت ببكاء أهله عليه محمول علي ما إذا أوصي الميت بالنوح عليه قبل موته كقول طرفة بن العبد لابنة أخيه يوصيها: إذا مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الجيب يا ابنة معبد ولا تجعليني كامريء ليس همه كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي وكقول أبي فراس الحمداني يوصي ابنته: أبنيتي لا تجزعي كل الأنام إلي ذهاب نوحي عليّ بحسرة من خلف سترك والحجاب قولي إذا كلمتني فعييت عن رد الجواب زين الشباب أبو فراس لم يمتع بالشباب 3 يحمل هذا العذاب المقصود بالحديث علي غير المسلمين يدل علي ذلك ما روي عن عائشة رضي الله عنها في ردها علي الحديث الذي رواه ابن عمر رضي الله عنهما والذي يفيد أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه: قالت: يغفر الله لأبي عبدالرحمن تقصد بذلك ابن عمر: أما انه لم يكذب ولكنه نسي أو أخطأ إنما مر رسول الله صلي الله عليه وسلم بيهودية يبكي عليها أهلها فقال عليه الصلاة والسلام: "إنكم لتبكون عليها. وانها لتعذب في قبرها" رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما في كتاب الجنائز. وعلي هذا: فليس في البكاء علي الميت شيء من الحرمة إذا تجرد من فعل محرم كالندب والنياحة والتسخط علي قضاء الله تعالي وقدره. ولا تعارض بين الحديث المذكورك إن الميت يعذب ببكاء أهله.. وبين الآية الكريمة: "ولا تزر وازرة وزر أخري". وذلك لما تقدم من الأدلة. والله أعلم.