* يسأل محمد سرحان من الشرقية هل يعذب الميت ببكاء أهله عليه؟! ** يقول الشيخ عثمان عامر مدير الإعلام بمنطقة دمياط الأزهرية: حياة الإنسان بعد الموت من لحظة خروج روحه وإلي أن يوضع في قبره إلي أن يبعث يوم القيامة من الأمور الغيبية التي لا يستطيع الإنسان أن يخوض فيها بغير دليل قوي يستند إليه. وهذا الدليل إما أن يكون آية من كتاب الله تعالي أو حديث من أحاديث الرسول صلي الله عليه وسلم ومن تلك الأمور الغيبية عذاب الميت أو نعيمه في قبره. وقد جاء في بعض الأحاديث النبوية أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه مع تعارض ذلك ظاهرياً بالآية الكريمة "ألا تزر وازرة وزر أخري" آية رقم 38 من سورة النجم. والسؤال الذي يفرض نفسه ويلح علي الخاطر كيف نوفق بين ظاهر هذه الأحاديث النبوية الشريفة والآية الكريمة؟ والواجب علي ذلك أنه قد صحت أحاديث كثيرة ظاهرها أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه مما يتعارض في الظاهر بالآية الكريمة السابقة ومن هذه الأحادي: 1- أن حفصة بنت عمر رضي الله عنهما بكت علي عمر رضي الله عنه فقال لها مثلاً يا بنتي ألم تعلمي أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن الميت يعذب ببكاء أهله عليه رواه الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما. 02 لما طعن عمر رضي الله عنه أغمي عليه فصيح عليه فلما أفاق قال: أما علمتهم أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: إن الميت ليعذب ببكاء الحي رواه الشيخان كذلك. 3- عن أنس رضي الله عنه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه لما طعن عولت عليه حفصة فقال يا حفصة: أما سمعت رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: المعول عليه يعذب رواه الشيخان أيضاً. فظاهر هذه الأحاديث الثلاثة وغيرها كثير يتعارض ظاهرها مع الآية الكريمة "ألا تزر وازرة وزر أخري" فكيف نوفق بين هذه الأحاديث الشريفة والآية الكريمة؟ ذكر العلماء رحمهم الله تعالي في ذلك عدة تعليلات منها: 1- أن ذلك محمول علي ما إذا صاحب البكاء نياحة وأمور أخري كشق الجيوب ولطم الخدود ودعوي الجاهلين. أما البكاء وحده فلا يعذب به الميت. 2- أن ذلك محمول علي ما إذا أوصي الميت بالنياحة عليه كما كان يصنع بعض الناس في الجاهلية كما ورد في معلقة طرفة بن العبد يوصي ابنة أخيه أن تنوح عليه وتشق جيبها فقال: فإن مت فانعيني بما أنا أهله وشقي علي الحبيب يابنه معبد ولا تجعليني كامرئ ليس همه كهمي ولا يغني غنائي ومشهدي وقول أبي فراس الحمداني وهو يحتضر يخاطب ابنته: ابنيتي لا تجزعي كل الأنام إلي ذهاب نوحي علي بحسرة من خلف سترك والحجاب قولي إذا كلمتني فعييت عن رد الجواب زين الشباب أبوفرا س لم يمتع الشباب 3- معني يعذب التي وردت في الحديث أن الميت يعذب.. إلخ. معناها يتألم بسماعه بكاء أهله ويرق لهم وذلك يكون في البرزخ وليس يوم القيامة علي الصحيح من أقوال العلماء. وعلي ذلك: أ- فالميت لا يعذب ببكاء أهله عليه إلا إذا صحب هذا البكاء مخالفات كلطم الخدود. وشق الجيوب. والدعاء بدعوي الجاهلية. وكان ذلك بوصية من الميت قبل موته. ب- لا تعارض بين الأحاديث التي ظاهرها أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه وبين الآية الكريمة "ولا تزر وازرة وزر أخري" ويستحيل أن يوجد تعارض بين حديث صحيح وآية كريمة لأن كليهما يصدر من مشكاة واحدة ومصدره واحد وهو الله سبحانه فالقرآن من عنده سبحانه والسنة من إلهامه سبحانه لرسوله صلي الله عليه وسلم الذي لا ينطق عن الهوي................. والحمد لله أولاً وآخراً.