مازلنا مع ضيف القناة الفضائية والمتحدث بلسان الشيعة مدعيا أن البخاري نسب إلي النبي شبهة الانتحار والذي شهده الملايين وهو يفتري الكذب علي الإمام البخاري بل علي السنة جمعاء ليظهر نفسه أنه مدافع عن السنة وهو أجهل ما يكون بالتعريف الأوليّ للسنة ويظن أنه ممن يحسنون صنعا!! يقول هذا الجاهل "أليس البخاري قد سجل في كتابه المسمي بالصحيح أن النبي هم بالانتحار وأنه كاد يتردي من علي الجبل بعد أن انقطع الوحي عنه ثم يختم باتهام البخاري بأنه ينسب للرسول ما يتنافي مع العصمة" والجواب عندنا: أن هذا الاتهام ينبئ عن ضيق أفق القائل وجهله وأنه يورط نفسه فيما لا يعلم وهو لا يدري أنه لا يدري. وكان عليه أن يسأل أهل العلم في هذه المسائل فالله تعالي يأمرنا بسؤال أهل الذكر وهم يبينون له منهج البخاري وشروطه في صحة الحديث وهذه الشروط معروفة لدي أهل العلم ومن أولها¢ اتصال السند بالرسول صلي الله عليه وسلم¢ والحديث الذي بين أيدينا يحكي رواية عن الزهري نقلها عن عروة عن عائشة تقص من خلالها رضي الله عنها قصة نزول جبريل علي النبي أول مرة وضمه إليه وقوله اقرأ... ثم ذهاب النبي لخديجة وتهدئتها له عليه الصلاة والسلام ثم ذهابها به لورقة بن نوفل. ورد ورقة عليه ثم ختم البخاري الرواية بقوله"ثُمَّ لَمْ يَنْشَبْ وَرَقَةُ أَنْ تُوُفِّيَ."إلي هنا انتهت رواية البخاري لمن يريد أن يعرف ماذا أورد البخاري. ثم يحكي البخاري بعد ذلك كلام الزهري وليس كلام عائشة فيقول "غَدَا وَفَتَرَ الْوَحْيُ فَتْرَةً حَتَّي حَزِنَ النَّبِيُّ مِنْهُ مِرَارًا كَيْ يَتَرَدَّي مِنْ رُءُوسِ شَوَاهِقِ الْجِبَالِ. فَكُلَّمَا أَوْفَي بِذِرْوَةِ جَبَلي لِكَيْ يُلْقِيَ مِنْهُ نَفْسَهُ. تَبَدَّي لَهُ جِبْرِيلُ صلي الله عليه وسلم"فِيمَا بَلَغَنَا" حُزْنًا فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ إِنَّكَ رَسُولُ اللَّهِ حَقًّا. فَيَسْكُنُ لِذَلِكَ جَأْشُهُ وَتَقِرُّ نَفْسُهُ فَيَرْجِعُ" انتهي. إذن البخاري هنا بين أن هذا كلام الزهري وهو من بلاغاته فأخرج الحديث وبين علته وبذلك يكون قد أبرز عدم قوته. فإذا أردنا إخراجا للحديث قلنا: ¢ رواه البخاري بلاغا عن الزهري ¢ ومعلوم أن البخاري لم يشترط في صحة الحديث عنده صحة البلاغات والحكايات التي هي من الرواة وإنما اشترط للصحة الحديث الوارد عن المصطفي عليه الصلاة والسلام اتصال السند بالرسول وهذا هو الذي يحاسب عليه البخاري - إن صح التعبير- أما البلاغات ورؤية الراوي الشخصية واستنتاجاته فلا دخل للبخاري بها. أما لماذا أورد البخاري هذا البلاغ؟ فالجواب: لأنه من تمامات الرواية فقد حكي ما ورد عن عائشة في القصة إلي قولها ¢ثم لم ينشب أن ورقة توفي¢ وانتهت الرواية.. ثم وضع نقطة. وأورد كلام الراوي¢ الزهري¢ في مسألة التردي من الجبل وقال فيه الزهري بين قوسين ¢بلغنا¢ فلابد للبخاري أن يتمم ما قاله الراوي حتي وإن كان ذلك رأيه الشخصي. .وقد رأينا في صلح الحديبية أن البخاري أورد الصلح وقصته وهو من رواية الزهري أيضا ثم أورد كلام الزهري وهو يحكي رؤية عمر للرسول صلي الله عليه وسلم قائلا: ألسنا علي الحق ولماذا نقبل الدنية في ديننا الخ وهو سند منقطع لأن الزهري لم يدرك عمر لكنه من تمام الرواية لذا أورده عن الزهري. ولا يحاسب عليه البخاري. لأن منهجه وشرطه لا ينطبق عليه. ونحن لا يصح أن يلزمنا أحد أننا ندافع عن البخاري ونقدسه بل نحن نقدر البخاري ونقدر منهجه ومدي التزامه به ولا نقدسه. بل رأينا أن البخاري بلغ من أمانته أنه قد يورد حديثا ثم يقرر أنه غير صحيح مثال: ما أورده في كتاب الأذان - باب مُكْثِ الإِمَامِ فِي مُصَلاَّهُ بَعْدَ السَّلاَمِ: "ويُذكر عن أبي هريرة ورفعه: لا يتطوع الإمام في مكانه - ولم يصح-".¢ قال ابن حجر: قوله: "ولم يصح" هو كلام البخاري. وذلك لضعف إسناده وقد يصرخ الكذوب ويقول: إذن البخاري كتب الضعيف. نقول له: ومن الذي نبه أنه ضعيف هل عبقريتك التي تفتقت عن ذلك أم صاحب الكتاب؟ فالذي يقدم له التقدير والإجلال هنا صاحب الكتاب ولست أنت! لأنه نبه أن هذا الحديث ليس علي شرطه.. لذا كل ما اشترطه البخاري: التزم به.. ومن ثمّ الأمة قدرته وأقرت أن كتابه أصح كتاب. وفرق بين ما هو أصح وبين أن كل ما أورده صحيح كما رأينا.فما أورده بالسند هو صحيح. والعلماء يعرفون هذا تماما.. وكان علي الضيف ألا يعري نفسه علميا ويتصرف فيما كتبه البخاري بجهله. لأن آفة الكتب دخول غير أصحابها عليها بفهمهم القاصر. بل من لا يعرف منهج العالم لا يصح أن يناظره او يحاوره والكذوب لم يعرف منهج البخاري وعدم الفهم هذا جريمة لا تغتفر. بل مثل هذا الجاهل الذي ظن أن البخاري ادعي علي الرسول وكذب عليه هنا عندي كمثل رجل دخل مصنعا للمعدات الحربية وهو لا علم له بشئ بخريطة المصنع وأجهزته فرأي في المدخل سكينة كهرباء لم يعجبه وضعها فأمسك بالسكينة هذه وأنزلها عن وضعها بل كسرها ! فكانت النتيجة: حرق المصنع ومعداته. فلما سئل عن جرمه هذا قال: أنا أردت نزعها لتجميل المدخل والمكان!!! هكذا عندي هذا الكذوب. وأقرانه. كان عليهم أن يسألوا عن منهج البخاري قبل الهجوم عليه.. وكان عليهم أن يعلموا أن ما قاله الزهري لا يمكن أن يخدش عصمة النبي. لأنه لم يترد من فوق الجبل بالفعل.. والله قد عصمه عن ذلك. لكنه يؤكد مدي شوق النبي للوحي ومن يشتاق لما يحب لا يمكن أن يقبل علي الانتحار كقول القائل لمحبه: لقد كدت أو هممت أن أموت بسبب تأخرك شوقا. فهل شوق النبي للوحي ينافي العصمة؟ لا أعتقد ذلك.