نأتي إلي الشبهة الثانية . والتي أثارها الضيف الكذوب عبر القناة الفضائية وزعم أن البخاري قد كذب علي الرسول المصطفي ونقل عن عائشة أن النبي قد سحره أحد اليهود الخ وهذا ينافي عصمة النبي ويفتح الباب للتشكيك فيما بلغ به.. وقال الكذوب أيضا إن ذكره لهذا القضية للناس علي الهواء سببه غيرته علي السنة وهدفه تنقيتها مما افتراه البخاري !!! وغير خفي كذب الكذوب فلم نعرف في دنيا العلماء الصادقين أن تنقية السنة يكون بالطعن في السنة فهذا شأن الضالين . ثم من هو هذا الذي يريد تنقية السنة وما مقامه العلمي حتي يصدقه السامعون ويطمئن لعلمه المسلمون؟ إنه نكرة غير معروف إلا في وسط الجهلاء والباعة الجائلين في الشوارع. ثم هو الآن يصرخ لتنقية السنة! لماذا لم يذهب إلي العلماء المعتبرين ليقف علي الحق في القضية وينشره بدلا من هذه الخيبة التي ألمت بشخصه وما يحمله من جهل عجيب ! إنه لا يستطيع هذا الجهول أن يناقش الدكتور أحمد زويل هو ولا من معه في قضية علمية كونية بل إن الدكتور زويل نفسه بقيمته وقامته لم يستطع أن يجاوب علي قضية فقهية لأنها ليست من تخصصه فلماذا الجرأة من الكذوب علي ما أقر العرف والعلم والدين ومحاولته الحط من قدر كبار المحدثين في الإسلام لا لشيء إلا لتنفيذ مخططات الشيعة وغيرهم في مصر الإسلامية السنية وبجوار أزهرها الشريف كعبة العلم الديني للأمة كلها؟... وإلا فما الذي ينتفع به المشاهد من إثارة قضايا ناقشها العلماء مثل السحر وغيره وسط مشاهدين قد لا يعرفون سنن الوضوء ولا واجباته ولا كيفية الصلاة بضوابط الشرع ولا غير ذلك من بدهيات الشريعة؟ ما الذي يعود عليهم بالخير من إعلامهم بأن النبي قد سحر. وأن البخاري ذكر ذلك اللهم إلا التشكيك في السنة كاملة وفي كل ما نقله البخاري وبعد ذلك يأتي الدور علي التشكيك في القرآن والإسلام؟. والحقيقة أن علماء الأمة تنبهوا لذلك منذ أزمنة وبينوا للناس أن الذي يثير هذه القضايا علي العامة هم المبتدعة والمشككة يقول الإمام المازري : "أنكر بعض المبتدعة هذا الحديث - يريد حديث السحر - وزعموا أنه يحط منصب النبوة . ويشكك فيها . قالوا وكل ما أدي إلي ذلك باطل . وزعموا أن تجويز هذا يعدم الثقة بما شرَّعوه من الشرائع . إذ يحتمل علي هذا أن يخيل إليه أنه يري جبريل وليس هو ثَمَّ . وأنه يوحي ولم يوح إليه بشيء . وهذا كله مردود" انتهي . وسبب رده عندنا أن الدليل قد قام علي صدقه وعصمته فيما أوحي إليه من الله تعالي والمعجزات أكدت ذلك . ووقد ورد الحديث في الصحيحين وقد أجمعت الأمة علي تلقي ما ورد في الكتابين بالقبول والرضا ولا يمكن أن يجتمع علماء الأمة علي ضلالة بل أقروا بصدق الحديث رواية ودراية وروي بطرق عدة عند البخاري ومسلم وغيرهما فالبخاري لم ينفرد وحده برواية الحديث بل جاء بطرق عدة في كتب السنة عن طريق عائشة وابن عباس وزيد بن أرقم وغيرهم واعترف بصحة هذه الطرق علماء أفاضل أمثال : المازني والخطابي والقاضي عياض والإمام النووي وابن تيمية وابن القيم والإمام بن كثير وابن حجر وغيرهم وسلموا بصدق الواقعة. فهل الضيف الكذوب أصدق قولا وأرسخ علما من هؤلاء الأفاضل الذين تشهد لهم الدنيا برسوخهم في العلم وبعلو قدمهم بين العلماء؟ وهل هذا الدعي فهمه يفوق فهمهم وعقله يرجح علي عقولهم حتي يدعي أنه جاء ليصحح السنة وكأن هؤلاء فاتهم ما يراه هذا الكذوب منذ القدم؟ . إن هذا الضيف لو تعلم من العلماء أن الحديث حدد ما كان يقع للنبي كما قالت عائشة ¢من أنه كان يخيل إليه أنه فعل الشيء وما فعله ¢ والفعل هذا ¢ السحر ¢ أمر دنيوي وهو بخلاف أمر الوحي لما قال ما قال. وادعي أن هذا يشكك في الموحي به للنبي ... ويجب أن يستقر في الأذهان أن الرسول أنه - عليه الصلاة والسلام- عندنا له اعتباران : اعتبار كونه بشرا واعتبار كونه رسولا. أما اعتبار كونه رسولا فالأدلة قامت علي صدقه وعصمته من أي شيطان يؤثر في عقله وما أوحي إليه من الله. .. وثبت أنه عليه الصلاة والسلام أنه كان ينزل عليه الوحي بالسورة كاملة وبعدما ينفض عنه فيقرأها وتكتب خلفه وبعد أسابيع وسنوات يقرأها كما هي فلا ينسي حرفا ولا يقدم كلمة علي أخري. بل يتلوها كما نزلت أول مرة.. فصاحب هذا العقل لا يمكن أن ينسي الموحي به أبدا. قال تعالي¢ سنقرئك فلا تنسي¢ أما اعتبار كونه بشرا: فإنه يجوز عليه ما يجوز للبشر من أمراض. والسحر مرض من الأمراض وقع للنبي في لحظة ما . ثم عفي عنه تماما. وهو أمر بدني دنيوي بل أصابته الجروج وخدش في أحد. وأصيب جسده بالقاذورات وأغمي عليه وهو علي فراش الموت عليه الصلاة والسلام ولم يقل أحد أن ذلك ضد العصمة وأن هذا يمتنع أن يقع للنبي فلماذا يقال هذا الآن؟ ثم ألم يعلم المنكرون أن نبي الله موسي وقع له من السحر ما وقع وخيل إليه أن الحية حقيقة تسعي ولم ينكر أحد ذلك فلماذا ينكر علي نبينا هذا الأمر؟ . أضف إلي ما سبق أن ثبت وقوع سحر للنبي عليه الصلاة والسلام وتسليمنا بذلك يؤكد أن الأمة لا يمكن أن تغالي في نبيها وتصفه فوق ما وصفه به الرحمن. أما غيرنا فقد رفع نبيه وجعله إلها فوق البشر وهذا مرفوض عندنا والذي علمنا هذا الرفض هو النبي عليه الصلاة والسلام والذي يتهجم الضيف الكذوب علي سنته في عصرنا هذا عصر العجائب نسأل الله اللطف والمغفرة.