إن من الجفاء أن ينطلق حجاج بيت الله الحرام إلي بيت الله .جل وعلا. وألا نشاركهم هذه الفرحة وألا نبين لأحبائنا وإخواننا هذه الفريضة العظيمة التي إفترضها الله .جل وعلا. علي المؤمنين والموحدين من عباده لهذا البيت العظيم الذي قال الله عنه: "إِنَّ أَوَّلَ بَيْتي وُضِعَ لِلنَّاسِ لَلَّذِي بِبَكَّةَ مُبَارَكاً وَهُدًي لِّلْعَالَمِين". "َآل عمران: 96". "فِيهِ آيَاتى بَيِّنَاتى مَّقَامُ إِبْرَاهِيمَ وَمَن دَخَلَهُ كَانَ آمِناً وَلِلّهِ عَلَي النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ الله غَنِيّى عَنِ الْعَالَمِينَ". "آل عمران:97". وقال ابن عباس: "أيوه من أعرب عن حج بيت الله مع القدرة والإستطاعة فإن الله غني عنه وعن العالمين لا تنفعهم طاعة ولا تضره المعصية". فأول بيت وضع علي هذه الأرض للعبادة هو بيت الله الحرام وكما في الصحيحين من حديث أبي ذر أنه قال: "قلت يا رسول الله أي مسجد وضع في الأرض أول؟ فقال الحبيب: المسجد الحرام قال أبو ذر: ثم أي؟ قال المصطفي المسجد الأقصي. قلت كم بينهما؟ قال أربعون سنة. قلت ثم أي؟ قال ثم حيث أدركتك الصلاة فصلي فالأرض كلها مسجد". وهذه فضيلة للحبيب - صلي الله عليه وسلم - ولأمته من بعده فضل الله بها نبيه علي جميع الأنبياء كما في لفظ البخاري ومسلم. فأول بيت وضعه الله في الأرض للعباده هم بيت الله الحرام إفترض الله علي المؤمنين حجه كما في الصحيحين من حديث أبي هريرة إن الحبيب صلي الله عليه وسلم إرتقي المنبر يوما وقال: "أيها الناس إن الله كتب عليكم الحج فحجوا. فقام الأقرع ابن حابس رضي الله عنه وقال: "أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت المصطفي فقام الأقرع. ومرة ثانية وقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فسكت المصطفي - صلي الله عليه وسلم - قفام الأقرع ابن حابس في المرة الثالثة وقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ فقال الحبيب - صلي الله عليه وسلم -:لو قلت نعم لوجبت ولما إستطعتم ذروني ما تركتكم فإنما أهلك من كان قبلكم كثرة سؤالهم وإختلافهم علي أنبيائهم". فالحج فريضة من الله علي عباده وكم من الناس الآن ممن شهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله وقد منّ الله عليه بالمال ويسر الله له الإستطاعة ولكنه ما فكر في أن يحج بيت الله وأن يؤدي هذا الركن الخامس من أركان الإسلام وإسمع لهذا الحديث الذي يسكب الطمأنينة في القلوب القلقة التي تظن أن النفقة التي تنفق في الحج تقلل المال وتفقر أصحابها. ورد في سنن الترمذي في سند حسن صحيح أن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: تابعوا بين الحج والعمرة فأنهما ينفيان الفقر والذنوب". وإنتبه لقولة الحبيب: "ينفيان الفقروالذنوب كما ينفي الكير خبث الحديد والذهب والفضه".. فإن الحج والعمرة ينفيان الفقر فيا من ظننت أن الصدقة التي ستبذلها في الحج أو العمرة ستقلل الرزق إعلم أن الرزق بيد الله وأن نفقة أنفقتها طاعة لله سيخلف الله عليك أضعافها من الحلال الكريم الطيب لأن الأمر كله بيد الله ولأن الملك كله بيد الله. ومن جميل ما قرأت أن إبراهيم بن أدهم ذلك السلفي الذي ظن كثير من أحبابنا أنه من المتصوفة ولكنه محسوب علي سلف الأمة رضوان الله عليهم كما قال المحققون من أكثر أهل الجرح والتعديل فذلك الرجل الذي جلس يوما ليأكل بعض قطع اللحم المشوي فجاءت قطة فخطفت قطعة لحم وجرت . فقام ورائها ليتابع لماذا جرت فرأي إبراهيم أن القطة قد وضعت قطعة اللحم جحر في مكان مهجور وإنصرفت فإزداد عجباً وظل يراقب الموقف مراقبة دقيقة فنظر فرأي ثعبان أعمي فقأت عيناه خرج من هذا الجحر ليأخذ قطة اللحم ثم يرجع إلي جحره مرة أخري فبكي إبراهيم إبن أدهم وقال: "سبحانك يا من سخرت الأعداء يرزق بعضهم بعضا". فرزقك بيد الله وما من دابة في الأرض إلا علي الله رزقها ويعلم مستقرها ومستودعها كل في كتاب مبين فالحج والعمرة ينفيان الفقر والذنوب وفي الصحيحين أنه صلي الله عليه وسلم قال: "العمرة إلي العمرة كفارة لما بينهما وليس للحج المبرور ثواب إلا الجنة". ومن أجمل ما أقدمه لكم أن نعيش مع حبيبنا المصطفي مع حجتة الوحيدة التي تسمي ب ¢حجة الوداع¢ لنصغي السمع ولنحضر القلب ولنطف بعقولنا وروحنا مع نبينا وحبيبنا لنصحب رسول الله في حجته من يوم أن خرج من بيته في المدينةالمنورة إلي أن عاد إلي بيته مرة أخري إننا اليوم علي موعد مع حديث جابر إبن عبد الله الذي إنفرد به الإمام مسلم والذي يحكي فيه حجة الحبيب رسول الله صلي الله عليه وسلم. كيف حج الحبيب؟ "خذوا عني مناسككم" فأنت مأمور أن تقتدي بالحبيب في كل شيء لاسيما ونحن نعيش الآن زمان يسمي بعصر العقلنة عصر عبد فيه العلم وعصر قدس فيه العقل إن كنا لا نقلل من شأن العقل أبداً بل وإن كنا نقرر أن نور الوحي لا يطمس نور العقل أبداً بل يباركه ويزكيه ويقويه بشرط أن يسجد العقل مع الكون كله لله رب العالمين. نعيش الآن زمانً قدم فيه المعقول علي المنقول الصحيح ولا حول ولا قوة إلا بالله فأنت مأمور يا عبدالله أن تقتدي بحبيبك المصطفي في قوله وفي فعله وفي عمله وفي تقريره: { لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةى حَسَنَةى لِّمَن كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيراً". "الأحزاب:21". فيجب عليك أن تمتثل أمر رسول الله وأن تصدق قول رسول الله وأن تطيع رسول الله في كل ما أمر وأن تنتهي عن كل ما نهاك عنه النبي وذكر وأن تحب الحبيب أكثر من نفسك دون غلو أو إطراء محبة مبنية علي الإتباع دون الإبتداع نسأل الله أن يرزقنا وإياكم الحب الصادق لحبيبنا ونبينا صلي الله عليه وسلم , والحديث إنفرد به الإمام مسلم فهو من أفراده رحمة الله تعالي وقد صنف في هذا الحديث الحافظ الكبير والإمام العلم إبن المنذر جزءاً كبيراً استخرج من هذا الحديث الكثير من القواعد الفقهية والنفائس العلمية والأصول الشرعية ما يزيد عن مئة وخمسين مسألة وتقص الإمام إبن المنذر الإمام النووي فقال رحمه الله :¢ ولو تقص الإمام إبن المنذر لإستخرج من هذا الحديث من المسائل بنفس هذا القدر الذي إستخرجه¢ هذا الحديث من حديث جعفر ابن محمد عن أبيه يقول :¢ دخلنا علي جابر إبن عبد الله رضي الله عنه فسأل جابر عن القوم حتي إنتهي إليه "أي ظل يسأله من أنت؟ من أنت؟ من أنت؟ "لأنه كان قد فقد بصره في هذا الوقت يقول محمد إبن علي إبن الحسين فلما إنتهي إلي قال من أنت فقلت أنا محمد بن علي بن حسين فقال مرحبا بك إبن أخي سل عما شئت فقال: أسألك عن حجة المصطفي صلي الله عليه وسلم فقال جابر بن عبد الله : أعرلي قلبك وسمعك يا حبيبي في الله , قال جابر بن عبد الله : إن رسول الله صلي الله عليه وسلم مكث تسع سنين لم يحج ثم أذن في السنة العاشرة إن رسول الله حاج فقدم المدينة خلق كثير كلهم يلتمس أن يأتم برسول الله ويعمل مثل عمله".