أجمع علماء الدين علي أن العمل في حفر قناة السويس الجديدة من أنبل الأعمال التي يُتقرب بها إلي الله إيمانا بقيمة العمل ذاته الذي جعله ديننا الحنيف عبادة من ناحية. وتقديرا لأهمية هذا المشروع تحديدا باعتباره منفعة عامة لأبناء الوطن وخطوة أولي نحو تحقيق استقرار وتقدم البلد من ناحية أخري. في السطور التالية نتعرف عن قرب علي أحوال العاملين بمشروع الحلم المصري "دينيا" من خلال أئمة ودعاة الأوقاف المرابطين هناك بجوارهم في موقع الحفر. قال فضيلة الشيخ زكريا الخطيب وكيل وزارة الأوقاف بمحافظة الإسماعيلية: عندما علمنا بانطلاق إشارة البدء لحفر قناة السويس الجديدة كان لابد أن نشارك فجاء معالي الوزير وصلي أول جمعة مع العاملين بالقناة وكلفني بإرسال إمام دائم ليصلي بالعاملين لأنهم في منطقة صحراوية أعانهم الله علي أداء أعمالهم فكلفنا الشيخ محمد حسين عياد بصفته إمام وخطيب ونقيب الأئمة ليصلي بهم ويتعرف علي مشاكلهم. رأي أن دورنا يتلخص في التغطية الدينية في هذا الموقع لكي نشعر إخواننا العاملين والمهندسين ورجال القوات المسلحة الشرفاء أننا معهم قلبا وقالبا ومستعدون لأن نقيم معهم في أي مكان وأن نقيم لهم مسجدا ولو علي الرمال لأن النبي - صلي الله عليه وسلم - قال: "جعلت لي الأرض مسجدا وطهورا". أضاف أنه ليس شرطا أن يتوافر الماء فيمكن الاستعاضة عنه بالتيمم وكلما تم الحفاظ علي العبادة بارك الله في العمل. قوافل دينية * سألناه عن المصلي الذي تمت إقامته في موقع الحفر فأجاب قائلا: هي مصلية تنقلية وليست ثابتة ننشئها بمساعدة القوات المسلحة عن طريق فرش قطعتي سجاد 200 متر نقيم عليهما صلاة الجمعة ونتنقل بهما مع اختلاف المواقع علي مسافة 74 كيلومترا حيث نقوم بفرش هذا السجاد علي الأماكن التي تحتوي علي أسفلت بمساعدة اللواء أحمد القصاص محافظ الإسماعيلية. استكمل قائلا: طالبني سيادة المحافظ بصفتي وكيل الوزارة القائم بالأعمال بإرسال قوافل دينية لموقع حفر القناة لتعريف العاملين هناك بشئون دينهم وتشجيعهم علي العمل. لأن من حفر بئرا فأخرج منه ماء كان له ثواب عظيم وما يحفر الآن هو نهر جار ينفع العامة وينتج عنه مدينة مستقلة تنفع شبابنا وتفيد بلدنا. وفد النقابة الشيخ فرج نجم - مدير عام الدعوة بأوقاف الإسماعيلية - أكد أنه تم مؤخرا تخصيص اثني عشر إماما من مديرية أوقاف الإسماعيلية لزيارة الموقع بشكل متتابع لدفع العاملين بالمشروع بالشكل الذي يأتي بالمردود الإيجابي المطلوب لسير العمل وذلك طبقا لتوجيهات اللواء أحمد القصاص محافظ الإسماعيلية. وتابع نجم أن معالي وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة كان قد وجه بتخصيص إمام مقيم مع عمال الحفر للإجابة عن أي أسئلة تعن لهم وليؤمهم في صلاة الجمعة وهذا ما حدث بالفعل. كما أرسل وزير الأوقاف ثلاث مكتبات واحدة للموقع. والثانية لهيئة قناة السويس والثالثة لمحافظة الإسماعيلية. بالإضافة إلي تقديم مائتي نسخة من المصحف الشريف للعاملين بالموقع. أضاف أن هناك وفدا من النقابة العامة للدعاة بالقاهرة زار موقع العمل السبت الماضي رافقهم نقيب الدعاة بالإسماعيلية حيث قام الوفد بتقديم الدعم للعاملين بالمشروع وحثهم علي العمل والإنتاج والتقدم والتنمية. أوضح الشيخ فرج نجم أن العمال يؤدون واجبهم بشكل إيجابي وهم في الحقيقة لا يحتاجون للوعظ بقدر ما يحتاجون إلي مكان لتأدية الصلاة وهو ما وفرته لهم وزارة الأوقاف. قضية كونية وإيمانية الدكتور دسوقي حجاج - الإمام والخطيب بمديرية أوقاف الجيزة - أوضح أن الإنسان خليفة الله في أرضه خلقه ليعمر الأرض ويعبد الله حق العبادة فما من عبادة إلا وهي عمل سواء كان قوليا أو فعليا ولكي يعيش الإنسان لابد أن يعمل لأن الله كرمه أيما تكريم علي سائر المخلوقات بل وجعلها جميعا في خدمة الإنسان. وقد بين النبي - صلي الله عليه وسلم - أن الإنسان لابد أن يعمل ويتقن عمله ولا ينتظر ثمرة هذا العمل فقد قال - صلي الله عليه وسلم - فيما رواه أنس بن مالك: "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها".. يعلمنا النبي في هذا الحديث أن الإنسان لابد أن يكون عنده أمل في الله - تعالي - وأن يأخذ بالأسباب ولا ينتظر عطاء لأن المعطي هو الله - سبحانه وتعالي - وهنا لابد أن نحقق قضيتين: الأولي كونية وهي العمل والسعي والثانية إيمانية وهي التوكل علي الله تعالي. وقد كان سيدنا عراك بن مالك إذا صلي الجمعة قال: اللهم إني أحببت دعوتك وصليت فريضتك وانتشرت كما أمرتني فارزقني من فضلك وأنت خير الرازقين وهذا يدل علي فضل الانتشار في الأرض وطلب الرزق. أضاف الشيخ دسوقي أن المصريين قاموا بحفر قناة السويس القديمة لتصل بين البحرين الأحمر والأبيض لاختصار الطريق علي السفن والبحارة وكان هذا مشروعا من المشروعات العملاقة التي تمت في القدم. واليوم المصريون يريدون أن يكون هناك مشروع آخر مواز لقناة السويس وهذا المشروع يتطلب الجهد والعمل لصالح الدين والوطن والفرد والمجتمع ومثله أيضا مشروعات توشكي وشرق العوينات وتنمية الساحل الشمالي. ولابد أن يعي كل مصري ومسلم أن الكلمة لا تكون من رءوسنا إلا إذا كانت لقمة العيش من فؤوسنا. لذا لابد أن يتقن كل منا عمله كل في مجاله لأن العمل المتقن في النهاية يصب لمصلحة الفرد والجماعة والبلد الذي نعيش فيه وقد قال رسول الله - صلي الله عليه وسلم: "لأن يحتطب أحدكم حزمة علي ظهره خير له من أن يسأل أحدا فيعطيه أو يمنعه" لذلك لابد من العمل والكد والعرق وأن يتقن كل إنسان عمله أيا كان صغيرا أو كبيرا حتي تتكاتف أعمالنا كلها وتصب في مصلحة الوطن لأن الأمة التي تستجدي قوتها لا تستحق الحياة.