يعلمنا الله الأدب معهم بقوله تعالي: "وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفى رَحِيمى" هكذا ينبغي أن نتعلم الأدب مع الصحابة. لا أن ننتقص من أقدارهم ونوجه لهم التّهم التي لا تنم إلا عن جهل فاضح. فهل من الإنصاف والعدل أن يسب هؤلاء الذين زكاهم الله وزكاهم رسول الله صلي الله عليه وسلم؟ هل يسب أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم؟ إننا نعيش في زمان قَدِّمَ فيه التافهون وأصبحوا القدوة والمثال. فلقد آن الأوان لننظر بأبصارنا إلي هذه القدوات الطيبة والمثل العليا من أصحاب النبي صلي الله عليه وسلم. إنّ تطاول السفهاء علي الصحابة والاستهزاء بكتب الحديث التي تلقتها الأمة بالقبول تطرف فكري لا يختلف عن التطرف الديني. وكلاهما يجلب المزيد من الصراعات التي أثخنت الأمة بالجراح. في وقت يحتاج فيه الوطن من المؤسسات العاملة أن تجتمع علي رفعة شأنه ولم شعث أفراده وجمع الكلمة وتأليف القلوب. وتنزيه ما استقر في وجدان الأمة وضمير علمائها. وما أجمع عليه أهل التخصص. فلا ينبغي أن يتصدر المشهد أنصاف المتعلمين بل أرباعهم. أو المتعالمون الذين لا حظ لهم من دينهم إلا شقشقة لفظية وكلمات يرددونها ترديد الببغاء التي لا تفهم ما تقول إلا يملي عليها. وليعلم هؤلاء الأقزام أنهم لم ولن يرجعوا مما ذهبوا إليه إلا بخفي حنين. بل ولا بخفي حنين إلا أن تنهال الخفاف ضربًا وتقريعًا علي رءوسهم الفارغة.پ پ ولو صدقوا الله تعالي وظهر من نيتهم طلب الإصلاح وكان ما أثاروه مما أشكل عليهم لسألوا. قال تعالي: فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون. لكنهم تحدثوا في دين الله تعالي بل تقولوا علي الله ما لا يعلمون. أفلا يذكرون حديث النبي صَلَّي اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبي عَلَي أَحَدي فَمَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ. رواه مسلم. وكان الأولي والأحري بهؤلاء إن كانت عندهم نية النصيحة والإصلاح ونهضة المجتمع أن يردوا ما أشكل عليهم فهمه إلي الله والرسول صلي الله عليه وسلم. "وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَي الرَّسُولِ وَإِلَي أُوْلِي الأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ". فهل يظن أولئك النفر أنهم يشوهون بذلك دين الله. أو يتوقعون بذلك أن يجرّوا أكبر مؤسسة رسمية تتكلم باسم الإسلام إلي معارك وهمية لا تعود عليهم إلا بالخسران المبين. ألا فليعلموا أن أجنداتهم الممولة وخططهم الممنهجة معلومة الهدف والغرض. وبادية الخسران والبوار. ألا فليعلم هؤلاء الأغبياء أن نور الشريعة قد ملأ ساحات الأزهر ويأبي الله إلا أن يتم نوره. فقد شاء ربك القدير أن يكشف هؤلاء ومكرهم وأفكارهم المسمومة وآثامهم المدمرة. قد بدت البغضاء من أفواههم وما تخفي صدورهم أكبر. ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله. فتارة تجد متنطعا ينكر عذاب القبر وتارة تجد أخري تريد أن تتدخل في قسمة الله تعالي فتسوي بين الرجل والمرأة في المواريث. وتارة تجد غيرهما يتهجّم علي صحيح البخاري. وهكذا يخرج علينا حينا بعد حين رويبضة جديد فيهرف بما لا يعرف. وما علم هؤلاء أن الإسلام دعوة ربانية خالدة. أنزلها الله وهو لها حافظ. فما يملك هؤلاء إلا الإفلاس الفكري والعقدي. وقد غاب عن هؤلاء الأقزام أن ما ينفقونه من عمر ومال سيكون عليهم حسرة ولن يكون سببا لنصرة. ولن يعود عليهم إلا بالبوار. "إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ لِيَصُدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَالَّذِينَ كَفَرُوا إِلَي جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ". وغاب عنهم أيضًا أن دين الله اكتمل وتمّ وأن الله تكفّل بحفظه. الْيَوْمَ "أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإسْلامَ دِينًا". وقال نبينا صلي الله عليه وسلم: لَيَبْلُغَنَّ هَذَا الْأَمْرُ مَا بَلَغَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَلَا يَتْرُكُ اللَّهُ بَيْتَ مَدَري وَلَا وَبَري إِلَّا أَدْخَلَهُ اللَّهُ هَذَا الدِّينَ بِعِزِّ عَزِيزي أَوْ بِذُلِّ ذَلِيلي عِزًّا يُعِزُّ اللَّهُ بِهِ الْإِسْلَامَ وَذُلًّا يُذِلُّ اللَّهُ بِهِ الْكُفْرَ. رواه أحمد والطبراني والحاكم. لن يتبقي لهذا العالم الحائر بعد أن خاض كلّ التجارب البشرية التي لم تزده إلا عنتا وإرهاقًا. لم يتبق إلا أن يستجيبوا لنداء الفطرة والاستسلام لخالقها. وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ. كما يجب علي وسائل الإعلام. أن تراعي الظروف الصعبة التي تمر بها بلدنا وأمتنا العربية كلها. والتي لا تحتمل استضافة أمثال هؤلاء الجهلة الذين لا صفة لهم سوي محاولة المتاجرة بالدين أو بالزي الأزهري. شأنهم في ذلك شأن المتطرفين سواء بسواء.