يسارع الصائمون هذه الأيام إلي إخراج زكاة القطر وخاصة أن أيام العشر الأواخر تمر سريعا.. ومازال الجدل السنوي حول "زكاة الفطر" مستمرا حول أهميتها وقيمتها وخاصة أن دار الافتاء قد حددت قيمتها هذا العام بثمانية جنيهات. في البداية التقت "عقيدتي" مع مجموعة كبيرة من المستفيدين من الزكاة الذين لم ننشر صورهم حرصا علي حيائهم وقد أكد غالبيتهم موافقتهم علي رأي الإمام أبي حنيفة في أخذ القيمة وليس الحبوب رغم انه الرأي المنفرد وذلك لأن التشريع يهدف إلي مصالح المستفيدين منه في كل زمان ومكان. وحذر الفقراء من يخرجوا الزكاة من إخراجها حبوبا لمن ليسوا في حاجة إليها من أهل المدن مثلا لأن هذا يجعلهم يبيعون هذه الحبوب بالخسارة أما إخراجها نقودا فيعطيهم الحرية في شراء احتياجاتهم من الملبس والمأكل والاحتياجات الأساسية للعيد. أصناف الزكاة عن الأصناف المخرجة في زكاة الفطر أشار الدكتور محمد المنسي. أستاذ الشريعة بكلية دار العلوم جامعة القاهرة. إلي أن هذه الأنواع محددة وليست حسب المزاج فقد جاء عن أبي سعيد رضي الله عنه أنه قال: كنا نخرج زكاة الفطر صاعا من طعام. أو صاعا من شغير. أو صاعا من تمر. أوصاعا من أقط. أو صاعا من زبيب. قال القاضي عياض: واختلف في النوع المخرج فأجمعوا أنه يجوز البر والزبيب والتمر والشعير إلا خلافا في البر لمن لا يعتد بخلافه. وخلافا في الزبيب لبعض المتأخرين. وكلاهما مسبوق بالإجماع مردود به. وأما الأقط فأجازه مالك والجمهور ومنعه الحسن واختلف فيه قول الشافعي. وقال أشهب: لا تخرج إلا هذه الخمسة. وقاس مالك علي الخمسة كل ما هو عيش أهل كل بلد من القطاني وغيرها. وعن مالك قول آخر أنه لا يجزي غير المنصوص في الحديث وما في معناه. وعن جواز إخراج القيمة أوضح الدكتور المنسي أنه رغم أن غالبية الفقهاء لم يجيزوا إخراج القيمة. فقد أجازه أبوحنيفة. وقد اختلف الذين لم يجيزوا القيمة والأصح أنه يتعين عليه غالب قوت بلده. وقال ابن هبيرة: واتفقوا علي أنه تجزيء إخراجها من خمسة أصناف: البر. والشعير. والتمر. والزبيب. والأقط. إذا كان قوتا حيث تخرج. إلا في أحد قولي الشافعي في الأقط خاصة أنه لا يجزيء. وإن كان قوتا لمن يعطاه. والمشهور من مذهبه جوازه. وقال ابن قدامة: ومن قدر علي التمر. أو الزبيب. أو البر. أو الشعير. أو الأقط فأخرج غيره لم يجزه. ظاهر المذهب أنه لا يجوز له العدول عن هذه الأصناف. مع القدرة عليها سواء كان المعدول إليه قوت بلده أو لم يكن وقال مالك: يخرج من غالب قوت البلد. وقال الشافعي: أي قوت كان الأغلب علي الرجل. أدي الرجل زكاة الفطر منه. واختلف أصحابه. فمنهم من قال بقول مالك. ومنهم من قال: الاعتبار بغالب قوت المخرج. وقال ابن تيمية: إذا لم يكن أهل البلد يقتاتون التمر والشعير. فهل يخرجون من قوتهم كالبر والأرز. أو يخرجون من التمر والشعير. لأن النبي صلي الله عليه وسلم فرض ذلك. فإن في الصحيحين عن ابن عمر أنه قال: فرض رسول الله صلي الله عليه وسلم صدقة الفطر صاعا من تمر أو صاعا من شعير علي كل صغير أو كبير. ذكر أو أنثي. حر أو عبد. من المسلمين. وأوضح الدكتور المنسي. أن هذه المسألة فيها قولان للعلماء. وهما روايتان عن أحمد. وأكثر العلماء علي أنه يخرج من قوت بلده. وهذا هو الصحيح. كما ذكر الله ذلك في الكفارة بقوله: من أوسط ما تطعمون أهليكم. وبالتالي فإن الأرز والعدس يجوز إخراجهما إن كانا قوتا للناس. وأما ما يسمي باللبن الجميد: فهو الأقط الوارد في النص وعامة العلماء علي جواز إخراجه كما تقدم في كلام عياض وابن هبيرة وقال ابن قدامة: فإنه يجزيء أهل البادية إخراج الأقط إذا كان قوتهم. جواز التوكيل عن جواز التوكيل في إخراج زكاة الفطر أوضح الدكتور أحمد حسني. نائب رئيس جامعة الأزهر. انه أمر مشروع وللوكيل أجر إعانة الناس علي تلك العبادة وبالتالي لا بأس بالتوكيل في إخراج زكاة الفطر وذلك بدفعها إلي الوكيل أو دفع ثمنها ولو في أول الشهر أو في نصفه. والأفضل أن تفرق في البلد الذي يقيم فيه الأفراد المزكي عنهم. وعلي الوكيل أن يفرقها في بلادهم فجر يوم العيد أو قبله بيوم أو يومين. وقال الدكتور أحمد حسني: ذهب بعض العلماء إلي أن الأصناف المنصوص عليها لا يجزيء إن لم تكن قوتا عند الناس. الصحيح أنها لا تجزيء. ولهذا ورد عن الإمام أحمد: الأقط لا يجزيء إلا إذا كان قوتا. وإنما نص عليها في الحديث. لأنها كانت طعاما. فيكون ذكرها علي سبيل التمثيل لا التعيين. لما ثبت في صحيح البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: كنا نخرجها في عهد رسول الله صلي الله عليه وسلم صاعا من طعام. وكان طعامنا يومئذ التمر والزبيب والشعير والأقط لأن طعام فيه إشارة إلي العلة. وهي أنها طعام يؤكل ويطعم. ويرجح هذا ويقويه قول النبي صلي الله عليه وسلم: "أغنوهم عن السؤال في هذا اليوم". عن علة زكاة الفطر أكد الدكتور أحمد حسني. أن حديث ابن عباس في أن فرضها أي: زكاة الفطر طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وعلي هذا. فإن لم تكن هذه الأشياء من القوت كما كانت في عهد الرسول صلي الله عليه وسلم فإنها لا تجزيء وقد جاء في الموسوعة الفقهية: "اتفق الفقهاء علي أن الواجب إخراجه في الفطرة صاع من جميع الأصناف التي يجوز إخراج الفطرة منها عدا القمح. والزبيب. فقد اختلفوا في المقدار فيهما: فذهب المالكية. والشافعية. والحنابلة.إلي أن الواجب إخراجه في ا لقمح هو صاع منه. وذهب الحنفية إلي أن الواجب إخراجه من القمح نصف صاع. وكذا دقيق القمح وسويقه. أما الزبيب فروي الحسن عن أبي حنيفة أنه يجب نصف صاع كالبر لأن الزبيب تزيد قيمته علي قيمة القمح. اختلاف الفقهاء أشار الدكتور نصر فريد واصل. مفتي مصر الأسبق الي انه لا علاقة لزكاة الفطر بنصاب النقود ومن كان يملك نصابا من الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقامهما من العملة الورقية فإنه يخرج زكاة الفطر صاعا أيضا. ولا فرق بينه وبين من لا يملك نصابا منها. ولا نعلم أن أحدا من الفقهاء قال بأن من ملك نصابا من النقدين الذهب أو الفضة أو ما يقوم مقامهما من العملة الورقية. واختلفوا في صفة العاجز الذي تسقط عنه زكاة الفطر. فقال الحنفية هو الذي لايملك نصابا من أي مال زكوي. وقال الجمهور هوالذي لا يملك فاضلا عن قوته وقوت من يعول يوم الفطر والأصل أن زكاة الفطر تتبع البدن. أي تدفع لفقراء البلد الذي يوجد فيه الشخص إن كان فيه فقراء. فإن لم يوجد فيه مستحقين وهو أمر مستبعد جاز نقلها لبلد آخر يوجد فيه محتاجون. وأوضح الدكتور نصر فريد أن شيخ الاسلام ابن تيمية قال في زكاة الفطر: يخرج مما يقتاته وإن لم يكن من هذه الأصناف المذكورة في الحديث. وهو قول أكثر العلماء.. فإن الأصل في الصدقات أنها تجب علي وجه المساواة للفقراء. كما قال تعالي: "من أوسط ماتطعمون أهليكم" والنبي صلي الله عليه وسلم فرض زكاة الفطر صاعا من تمر. أو صاعا من شعير. لأن هذا كان قوت أهل المدينة. ولو كان هذا ليس قوتهم بل يقتاتون غيره لم يكلفهم أن يخرجوها مما لا يقتاتونه. كما لم يأمر الله بذلك في الكفارات. في النهاية يؤكد الدكتور نصر فريد. أنه من الطريف اختلاف الفقهاء في جواز إخراج زكاة الفطر من الطعام الذي يغلب اقتياته في البلد. بحيث يعتمد عليه أغلب الناس كأساس للغداء والعشاء مثل القمح والأرز ونحوهما. حيث أن البعض اقترح إخراجها من الطعام الغالب كأن يكون غالبية طعام أهل البلاد من الفاكهة أو الدجاج أوالسمك لمن تكون هذه الأطعمة هي الغالبة عليهم ومن الفقهاء من اجاز ومنهم من تحفظ علي ذلك مطالبا الالتزام بما ورد في الحديث.