إن صحة الأبدان مقدمة علي صحة الأديان. فالضرورات الدنيوية تبيح المحذورات الدينية. لذا كان من مقاصد الشرعية للصيام العناية بصحة الإنسان جسديا وروحياً. وكما قال الإمام أبوحامد الغزالي رحمه الله: "إن نظام الدين لا يحصل إلا بنظام الدنيا. فنظام الدين بالمعرفة والعبادة. ولا يتوصل إليهما الإنسان إلا بصحة البدن. وبقاء الحياة. وسلامة قدر الحاجات الضرورية من الكسوة والمسكن والأقوات والأمن. فلا ينتظم الدين إلا بتحقيق الأمن علي هذه المهمات الضرورية" "الاقتصاد في الاعتقاد للإمام الغزالي ص 135" من هنا نجد توجهات سيد الأنام للصائمين كلها تحافظ علي صحتهم الجسدية والنفسية فمثلاً: 1- يبدأ الصيام بوجبة السحور: ومن السنة تأخير السحور إلي ما قبل الفجر بمقدار نصف ساعة. أو مقدار قراءة خمسين آية كما جاء في الصحيحين: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر وأخروا السحور" وكذلك ترغيب النبي صلي الله عليه وسلم في تناول وجبة السحور ولو بجرعة ماء فقال صلي الله عليه وسلم: "السحور أكله بركة فلا تدعوها ولو أن يجرع أحدكم جرعة ماء فإن الله وملائكته يصلون علي المتسحرين" "مسند أحمد" لأن هذا يصلح جسد الصائم طوال نهاره. لأن عدم تناول السحور قد يؤدي إلي ارهاق جسد الصائم وقد يصاب بالإعياء الشديد. وهذا مناف لمقاصد الصيام الشرعية التي تدعو لحفظ البدن بالسحور وحفظ النفس بصلاة الله وملائكته علي المتسحرين. 2- تعجيل الفطور: تظهر اهمية تعجيل الفطر في العناية بالصحة العامة للإنسان. وقد قال فيها النبي صلي الله عليه وسلم: "لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر" ويكون قبل صلاة المغرب ليقلل مدة الصيام ويزود الجسم بالسكريات والماء اللازم لترطيبه وإعادة حيويته إليه ونشاطه. لذا كان من سنة النبي أنه كان يفطر علي تمر وماء أو لبن. 3- عدم الوصال في الصيام: أي وصال النهار بالليل من غير طعام أو شراب. وفي الصحيحين. ما يشهد بذلك ويعضد هذا. فعن أبي هريرة "صلي الله عليه وسلم قال: انهي رسول الله صلي الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم فقال له رجل من المسلمين: انك تواصل يا رسول الله أي في الصيام فقال: وأيكم مثلي؟ إني ابيت عند ربي يطعمني ويسقيني فلما أبو أن ينتهوا عن الوصال واصل بهم النبي صلي الله عليه وسلم يوما ثم يوما ثم رأي الهلال فقال: لو تأخر أي الهلال لزدتكم" متفق عليه" وعندما رأي الرجل الذي صام عاماً بأكمله وقد ظهر آثار الصيام عليه في نحالة جسده ودخول عينيه في وجهه فقال صلي الله عليه وسلم له: من أمرك أن تعذب نفسك "ابن ماجه" وهذا دليل علي حرص الإسلام علي قوام الأبدان وسلامتها من الأمراض والحفاظ علي نضرتها وقوتها. وأن خصية الوصال في الصيام خاصة برسول الله صلي الله عليه وسلم. 4- الإفطار علي تمر وماء من سنن الصيام اجمع العلماء أن من آداب الصيام الإفطار علي التمر والماء. وهذا يفيد الجسم بالتزود بالسكريات ليعوض ما نقص منه بسبب الصيام. والتمر طعام وشراب كما قال الله تعالي للسيدة مريم: "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا. فكلي واشربي وقري عينا".