اتفق الخبراء والمتخصصون علي ان تعزيز حب الوطن والانتماء واعطائه حقوقه يكون منذ النشأة الأولي للأطفال لان من شب علي شئ شاب عليه مؤكدين ان النبي صلي الله عليه وسلم ضرب أروع الأمثلة في حب الوطن مشيرين إلي ان حب الوطن واجب مقدس لافتين إلي انه إذا أردنا إخراج مواطن صالح نافع لبلده لابد ان ونهييء له الظروف المناسبة ونعطيه كامل حقوقه. .. حول حق الوطن والمواطنة دار هذا التحقيق. قال الدكتور أمين عبدالمعبود رئيس قسم الفقة بجامعة الأزهر: ان البداية الصحيحة لتربية النشء علي حب الوطن والانتماء له واعطائه حقوقه تكون باختيار الزوجة الصالحة والزوج المتدين حقا وقد جاء رجل إلي الرسول صلي الله عليه وسلم يقول له ان بنتي بلغت سن الزواج فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: زوجها لرجل يعرف دينه ان احبها حافظ عليها وان كرهها لن يظلمها في حقها. وقال كذلك صلي الله عليه وسلم "تنكح المرأة لأربع لجمالها ومالها ونسبها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك" فالمعيار الأساسي في اختيار الزوج أو الزوجة هو الدين فاذا التزام الانسان بهذا المعيار تم تنشئة الأطفال تنشئة صحيحة لان الاب والام ملتزمان بالمنهج الصحيح وسيكون نبتهما طيبا وصالحا بإذن الله أما ما نراه اليوم فالشاب يبحث عن الفتاة الجميلة الغنية ولا يعير الدين أدني اهتمام لذا لا يصبح نبتهما صالحا كما نراه. هذا من ناحية ومن ناحية أخري فنظام التعليم لدينا نظام سييء وهش ساعد بشكل كبير علي إضعاف النشء وغرس عدم الانتماء بداخله فالجميع يبحث عن مدارس اللغات لتعليم ابنه اللغة الأجنبية دون الالتفاف لتعليمه مبادئ دينه وكذلك الحال بالنسبة للمدارس الحكومية التي تركت مادة التربية الدينية جملة وتفصيلاً وضيعتها فضيعها أبناءنا وضاعوا بالتبعية وذلك علي العكس تماماً من دول الخليج التي تولي التربية الدينية اهتماما غير عادي بل ان المنهج الذي تدرسه يفوق عشرات المرات علي المنهج الذي يدرس في مدارسنا فتخرج الغالبية منهم ملمين بقواعد دينهم.. فنحن في أمس الحاجة إلي إعادة صياغة المناهج وإعادة النظر في محتواها وفي آلية تطبيق ذلك ولابد ان يلزم المدرس بتدريس مادة الدين باستفاضة ولابد ان تضاف للمجموع لانها تعد حائط الصد الأول لابنائنا في مواجهة الانفلات الاخلاقي والقيمي المتفشي في المجتمع. أضاف ان من أكبر الاخطاء التي نقع فيها هي تربية أبنائنا علي المادية بحيث يجعل المال هو المتحكم فيهم والمسيطر عليهم وهذا بالطبع يخرج شبابا هشا ضعيفا البنية الاخلاقية من السهل استقطابة واستخدامه لفعل أي شئ طالما ان المال هو العائد. استطرد: بالرغم من وجود الأزهر في مصر منبر الإسلام الوسطي ومعقل الدين السمح إلا ان التعليم الأزهري تشوبه شوائب لا حصر لها فالمناهج جيدة ومعتدلة لكنها تفتقد التطبيق الصحيح وذلك لفساد المنظومة الإدارية فالمدرس لا يؤدي عمله علي أكمل وجه لغياب المراقبة فكل استاذ يتصرف طبقاً لضميره لذا نجد عضو هيئة تدريس مخلصا وعشرات غير مخلصين. أشار د. أمين إلي ان الإسلام نص علي حقوق الوطن بداية من حق الجار وقول النبي صلي الله عليه وسلم "مازال جبريل يوصيني بالجار حتي ظننت انه سيورثه" كما حث الإسلام علي صلة الرحم لان التواصل بين الأفراد يقوي العلاقات ويوجد المجتمع. فالانسان الذي تعلم في بلاده حتي تخرج في الجامعة وحصل علي الشهادات العليا بالطبع أخذ من وطنه الكثير ولوطنه عليه حقوق لابد ان يؤديها وذلك بالعمل الجاد والاخلاص فيه وعدم التخريب فليعتبر كل منا وطنه بيته الأكبر ويحافظ عليه ويوفيه حقه لان كل اب فعل ذلك فولده سار علي نهجه وهذا كله لابد ان يكون يوازع ديني وليس سياسيا وبعيدا كل البعد عن الأحزاب والتكتلات السياسية لانها هي التي أفسدت المجتمع ولنلتزم جميعا بمبادئ النبي صلي الله عليه وسلم ولنضع نصب أعينئا موقفه وهو خارج من مكةالمكرمة بلده وموطنه الأول وبلد أمه وأيوه وعائلته ورغم إيذاء أهلها له إلا انه خرج منها رغماً عنه وهو ينظر اليها والدموع تذرف من عينيه قائلا: والله أني أعلم انك أحب بلاد الله إلي الله وأحب البلاد إلي قلبي ولولا ان أهلك أخرجوني منك ما خرجت". فقد ضرب لنا صلي الله عليه وسلم أروع الأمثلة في حب الوطن والوفاء له فحب الوطن واجب مقدس وإذا كان مستقرا وهنأ بالأمان تبني فيه كل الأديان السماوية وتقام الشعائر الدينية علي أكمل وجه أما إذا كان غير آمن فلن يصلح فيه زرع ولا ولد. سفراء الإسلام وأشار إلي ان النبي صلي الله عليه وسلم عندما هاجر من مكة إلي المدينة واستقر بالمدينة أول شيء عمله بني المسجد ليس ليصبح مكاناً للعبادة فحسب بل ليصبح غرفة عمليات تناقش فيه أمور المسلمين كما كتب وثيقة المدينة وعقد الصلة مع اليهود وحث علي الاخاء وربط المهاجرين بالانصار فكانت النتيجة دولة قوية ومسلمين أقوياء صالحين كانوا سبباً في نشر هذا الدين وخير سفراء في كل مكان يذهبون إليه. ورش عمل أما الدكتورة نجلاء أمين عميدة انسانية بنات الأزهر فقالت: الكلية حريصة كل الحرص علي غرس حب الوطن والانتماء له في نفوس بناتها لأنهن سيصبحن في القريب العاجل أمهات المستقبل لذا نعقد الندوات تباعاً عن أهمية الانتماء ونستضيف كبار الاساتذة في الصحة النفسية والاجتماعية ومجال التربية كما اننا نعقد ورش عمل ودورات تدريبية لعدد من الطالبات حول هذا الموضوع العام ليكونوا نواة يدربون غيرهن من الطالبات بحيث تتسع الدائرة وتشمل عدداً أكبر من الطالبات. شددت علي ان حب الوطن والوفاء بحقوقه يكون من الصغر وهذا مسئولية الأسر والمدرسة في المرحلة الأولي ثم الجامعة في الشباب. الإعلام والوطن أشارت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس إلي ان الإعلام يلعب دورا كبيرا في تعزيز حب الوطن وحقوقه علي أبنائه فقديما كنا نشاهد أفلاما رائعة تدعم ذلك مثل "واه إسلاماه" و"رد قلبي" وكانت هذه الأفلام تحمل قصصا انسانية رائعة تحث علي حب الوطن وتقديره واعطائه حقه وكنا جميعا نبكي ونحن نشاهد هذه الأفلام الرائعة أما اليوم فالأفلام متدنية وتدعو للتقزز وتحض علي كره الوطن لما تحمله من عبارات متدنية ومواقف مهنية فالجو العام والمناخ قديماً كان يعزز حب الوطن بداية من المدرس حيث تحية العلم والنشيد الوطني وكانت كل مدرسة تخصص وقتاً لا يزيد عن ربع ساعة في طابور الصباح يتحدث عن الوطن وحقه علينا وفي المسارح كانت كل مسرحية تبدأ بموسيقي السلام الجمهوري وكان الجميع يقف احتراماً لهذا السلام الجمهوري وتدريجياً تم الغاء هذا السلام وحل محله ألفاظ وحركات منافية لكل الآداب والاخلاق ولما حدثت نكسة 67 رأينا الملايين تخرج إلي الشوارع وهي تبكي حسرة وحزناً علي ما حدث لمصر ورفضوا تنحي عبدالناصر وهم يرددون "هنحارب" فهذه المواقف تعكس مدي حب الناس لبلادها الذي لم نعد نراه اليوم مع كل أسف وهذا يرجع من وجهة نظري إلي الخطط التي تحاك بنا فاليهود يسيطرون علي 4/3 إعلام العالم وهم يخططون لهدم الشعوب العربية وتطبيعها فيساعدون علي إنتاج الأفلام المتدنية ويدمرون الاقتصاد وبالتالي صار الغالبية العظمي من شبابنا يفتقد الانتماء لهذا الوطن العظيم بل والأدهي من ذلك انه أصبح ناقما علي وطنه لذا لا يتردد في اتخاذ قرار السفر والهجرة إذا ما أتيحت له الظروف. بيئة جاذبة شددت علي ضرورة ان تكون البيئة جاذبة لابنائنا ومعينة لهم كل ما يحتاجون إليه ليصبحوا أبناء صالحين أوفياء لأوطانهم. الاغتراب النفسي ووافقتها الرأي الدكتورة سامية الجندي استاذ الصحة النفسية بجامعة الأزهر قائلة مما لا شك فيه ان التنشئة الاجتماعية المبكرة هي السبب فيما نحن فيه اليوم.. فنحن ربينا أبناءنا علي الأنانية وحب الذات وصارت المادة هدفاً لهم بالإضافة إلي ان الظروف الاجتماعية والاقتصادية المتدهورة التي نعيشها ساعدت بشكل كبير علي تعزيز شعور الاغتراب داخل الوطن وعدم الرضاء فملايين الشباب الذي يتخرج في الجامعة ولا يجد فرصاً للعمل ويستمر علي هذا الحال سنوات وسنوات لا شك ان لديه حقدا وكرها لهذا الوطن لا يوصف فاذا أردنا ان نغرس في نفوس أبنائنا حب الوطن وان لهذا الوطن حقوقا لابد ان يؤديا الجميع لابد ان نهيئ له الظروف المناسبة لذلك ولابد ان يعطيهم الوطن ما يحتاجون اليه لنعزز شعور الرضا لديهم ثم يصبحون أبناء معطائين لأوطانهم نافعين له. أضافت للأسف الشديد أشعر بغضب وحزن شديد عندما أسمع بعض الشباب يقول ان هذه البلد مش بلدنا انما بلد اللي بيحكموها رغم الحزن الذي ينتابني إلا أنني ألتمس لهم العذر في ذلك.. فلابد ان تؤدي الدولة دورها تجاه أولادها ثم تطالبهم بحقوقها.