المسلم بدون القرآن لا قيمة له ولا يكون مسلماً فالقرآن لا تتم الصلاة إلاَّ به والحج لا يتم إلا بالصلاة والصوم لا يقبل إلا بالصلاة ولا صلاة إلا بأم الكتاب ومن ثم فالقرآن هو نور حياتنا وزاد أرواحنا ومهجة قلوبنا من تركه من جبار قصمه الله ومن حكم بغيره كفر بالله وصدق الله إذ يقول: "ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون". فعلي المسلم أن يتعهد كتاب الله بالحفظ لأنه بذلك يحفظ نفسه ويسعد روحه ويعلي قدره في الدنيا والآخرة وعلي المسلم كذلك أن يحرص علي حفظ القرآن ليكون من أهل القرآن أهل الله وخاصته. فالمسلم عليه أن يبادر بكل الإخلاص لحفظ كتاب الله وأن يترسمه كسلوك وأخلاق في حياته فقد كان رسول الله صلي الله عليه وسلم قرأنا يسير علي الأرض لأن خلقه القرآن وكمال قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه ينبغي لقارئ القرآن أن يعرف بليله إذا الناس نائمون وبنهاره إذا الناس مستيقظون وبكائه إذا الناس يضحكون وبصمته إذا الناس يخوضون وبخشوعه إذا الناس يختالون وبحزنه إذا الناس يفرحون. فعليك يا عبدالله أن تشد العزم وتشمر عن ساعد الجد وتشحذ همتك وتوقظ عقلك وتنبه قلبك وتخلي نفسك وتسعد روحك بحفظ كتاب الله وهأنذا قد وفقني الله بحفظ كتابه راجياً الله أن يجعله عوناً لي علي العمل به وبشرعه العظيم وغفر الله لنا ولسائر المسلمين حتي يتغمدنا الله بنور عفوه وعظيم كرمه ورحمته فكان شرف حفظه أجل وأكرم الأوسمة التي يتقلدها المسلم علي صدره وقلبه وتاج رأسه المضئ وكثير من الناس يشكو سوء الحفظ بل منهم من يقول لا استطيع أن أحفظ وخاصة القرآن الكريم ولذا حينما نجد طلاب العلم أو المعاهد العلمية الشرعية التي تهتم بحفظ القرآن نجدهم غير طلاب الزمن الأول لعصر الرسالة فحفظهم قليل وينسون سريعاً وما يحفظون إلاَّ لطلب المؤهل وليس لله إلاَّ من رحم ربك وكان تقياً واني أري ذلك يكمن في فتن وفساد هذا الزمان بما فيه من جاهلية عاتية خبيثة تصنع من المفسدين أبطالا ومن الصالحين إرهاباً مع الأزمات المادية الطاحنة التي اكسبت الناس عدم القناعة وقلة البركة مع ضياع كثير من شباب اليوم في المخدرات والسجائر وأماكن اللهو وسماع الأغاني والموسيقي وصحبة أهل السوء وخدمة الظالمين والحمية الجاهلية وضياع الوقت في اللغو والنميمة مع هجر الناس للقرآن حكماً وقراءة وتدبراً وحفظاً. والحق أقول أن الجامعات الإسلامية والمعاهد العلمية والمدارس الشرعية لا تقصر بل التقصير من الطالب اللاهي الغافل المتكالب علي الدنيا وهو سرحان وإن المقاهي نكت سوداء تذهب بنور القرآن من القلوب فاحذر يا عبدالله المعصية كما تحذر نجاسة ثوبك وبدنك فالمعصية ظلمة تنعكس علي القلب فيتبعها بظلمات بعضها فوق بعض فكيف يأتي علم ويحفظ القرآن في مكان لا نور فيه للطاعة فالقرآن نور السماء للأرض وحبل الله المتين ومائدة الله للبشرية جمعاء وهو الميزان الإلهي العادل ودستور الله لعباده ليسعدوا في حياتهم الدنيا والآخرة وسبحان من قال "لو أنزلنا هذا القرآن علي جبل لرأيته خاشعاً متصدعاً من خشية الله" فيا عبدالله احفظ القرآن يحفظك واعتز بالقرآن يعزك الله وكن قرآنا يسير بين الناس لأنك بذلك ستكون نوراً يضئ ظلماتهم ويبدد كروباتهم ويذهب أسقامهم ببركة القرآن اللهم لك الحمد علي ما أنعمت به علينا من نعمك العظيمة وألائك الجسيمة حيث أرسلت إلينا أفضل رسلك وأنزلت علينا أشرف كتبك وشرعت لنا أفضل شرائع دينك وجعلتنا من خير أمة أخرجت للناس.