يُقيم أكثر من 1000 لاجئ من افريقيا الوسطي في مخيم للنازحين بساحة المسجد المركزي ببانغي عاصمة افريقيا الوسطي . يعيشون في هذة الساحة منذ اندلاع العنف الطائفي في ديسمبر الماضي بانتظار إجلائهم لإحدي دول الجوار. وبحسب الاناضول فقد تحولت ساحة المسجد المركزي إلي مخيم حيث اصطفت بعض السيارات لعمل جدار يفصل اللاجئين عن باقي رواد المسجد. وتوجد أمتعهم ملقاة بإهمال في الزوايا تحسبا للسفر المفاجئ. وتمتد الأحبال بين أغصان الأشجار والتي تستخدمها النساء لنشر الملابس فهي مأساة إنسانية يعيشها المسلمون في هذه المنطقة. ووفقا لتقارير المنظّمة الدولية للهجرة في فبراير الماضي. فإنّ 44% من اللاجئين بمخيم المسجد المركزي ببانغي يرغبون في الذهاب إلي التشاد. غير أنّ هذا البلد يشترط تقديم وثائق ثبوت الجنسية التشادية. وهي إجراءات اعتبرها المراقبون ¢غير مرنة¢ مقارنة بما يتطلّبه الوضع الإنساني في افريقيا الوسطي. 11% يأملون في المغادرة نحو الكاميرون علي متن القافلة البرية التي تقوم برحلات دورية لإجلاء الناس تحت حراسة القوات الدولية "الميسكا". في حين أنّ 31% منهم يودّون البقاء في افريقيا الوسطي.. حالة من عدم الاكتراث بالمستقبل تعتريهم بعد أن فقدوا كلّ شيء. وفقد المكان تبعا لذلك كلّ معني لديهم.. وطبقا للتقرير الذي نشرته الأناضول» يحصل سكان المخيم علي إمدادات المياه الصالحة للشرب وعلي الرعاية الطبية من منظمة ¢أطباء بلا حدود¢. في حين يتكفل برنامج الأغذية العالمي بتزويدهم بالوقود من وقت لآخر.. ففي هذا المخيم تتقاطع مصائر أولئك المسلمين. وتتوحّد آمالهم بعد أن نزحوا هربا من عمليات العنف التي تستهدفهم من قبل ميليشيات ¢أنتي بالاكا¢ المسيحية. فقد تشكلت تلك الميلشيات ردا علي انتهاكات تحالف المجموعات السياسية والعسكرية ¢سيليكا¢. والتي أطاحت بالرئيس السابق ¢فرنسوا بوزيزي¢ في مارس 2013. وأطلقت في ديسمبر الماضي هجوما علي بانغي. انتهي بالبلاد إلي دوامة العنف الطائفي. ومنذ ذلك الوقت . بدأت المطاردات التي استهدفت المسلمين. وأجبرت عددا منهم علي مغادرة البلاد. ومع إجلاء عشرات الآلاف منهم نهاية يناير الماضي. تحوّل مخيم مسجد بانغي المركزي إلي نقطة الالتقاء الوحيدة التي يتجمّع فيها المسلمون في عاصمة افريقيا الوسطي. فيما قد تحولت أحياء المسلمين في بانغي إلي مرتع للميليشيات المسيحية. علي غرار حيّ ¢ميسكين¢ و¢بوي رابي¢حيث لم يتبقّ سوي مسلم واحد هو ¢موسي علي¢.. هذا التاجر ذو ال 45 سنة والذي بقي وحيدا بعد إجلاء أسرته في الرابع من ديسمبر الماضي.. كان عليه هو الآخر أن يترك ممتلكاته. أياما قليلة بعد ذلك. ويهرب في الصباح الباكر.. اضطرّ إلي الاختباء من ممرّ إلي آخر إلي حين بلوغه إلي حيّ ¢الكيلومتر 5¢.. لم يكن يرغب سوي في البقاء ببلده ¢افريقيا الوسطي هي موطني. يقول: ¢إلي أين يسعني الذهاب؟ إذا لم يحلّ السلام. فمن المحتمل أن أتوجّه نحو الشمال الشرقي للبلاد¢. أي إلي المنطقة الخاضعة لسيطرة ميليشيات السيليكا المسلمة. وفي المنزل المجاور للمسجد. يقيم آخر مسلمي مدينة ¢مبايكي¢ الواقعة علي بعد 70 كم غربي بانغي.. انتقلوا إلي ذلك المكان عقب المجزرة التي جدّت في الرابع عشر من فبراير الماضي. حين قتل نائب عمدة المدينة ¢صالح ديدو¢ علي أيدي ¢أنتي بالاكا¢. وعقب الحادثة. قامت مجموعة من الشباب بنهب ممتلكاته وقتل ماشيته قبل أن يحرقوا منزله في وضح النهار. فيما قد روي ¢أمادو غاري¢ من جهته تفاصيل رحلته المأساوية قائلا ¢استقرّت عائلتي بمدينة مبايكي منذ العام 1935. حيث افتتحت مقهي. وتمكّنا بمرور الزمن من الاندماج في المجتمع. حتّي أنّ أحد أقاربي كان من نواب البرلمان في افريقيا الوسطي.. كانت حياتنا هادئة. غير أنّ الوضع سرعان ما تدهور مع قدوم 160 عنصرا تابعين ل ¢أنتي بالاكا¢ في الحادي والثلاثين من يناير الماضي.. قاموا بتحريض السكان ضدّنا. وهو ما دفع الأربعة آلاف تشادي الموجودين بالمدينة إلي الرحيل علي متن شاحنات في السادس من فبراير الماضي.. لقد اضطرّ معظمنا إلي الرحيل أيضا. ولم يتبقّ سوي العشرات رفقة نائب عمدة المدينة.. كانوا يبتغون من وراء بقائهم فرصة للسلام. ف ¢صالح ديدو¢ كان دائما يقول ¢أنا لا أخشي الموت. ولم أرتكب أمرا أستحقّ عليه اللوم¢. وقال ¢صالح ديدو¢ قضي يوم الجمعة 14 مارس الجاري. ¢حين أحاط حشد بشري بمنزله.. حيث كان خروجه برفقة جندي. تمكّنت الحشود من توجيه طعنات إلي مستويات مختلفة من جسده. كما ذبحوا امرأة وقطعوا أوصالها..¢ وتابع ¢أمادو¢ بألم شديد ¢من أجل كلّ هذه الفظائع. كان علينا التوجّه نحو مسجد بانغي الرئيسي في انتظار رحيلنا إلي مالي¢. وفي سياق متصل . قال §ابراهيم آلادي أباكار¢ "38 سنة" ¢جئت إلي افريقيا الوسطي قادما من جنوب السودان سنة 1996.. أقمت بحي ¢بوينغ¢ القريب من مطار بانغي.. وفي الخامس من ديسمبر . تناهي إلي مسامعي ضجيج حادّ. وحين خرجت لاستطلاع ما يحدث. لم أتمكّن من العودة إلي منزلي.. في الخارج. وجدت جثتين لطفلين صغيرين سرعان ما تبيّن أنّهما طفلاي. ثمّ اكتشفت بعد ذلك اختفاء كلّ أفراد عائلتي.. أنا الآن محتجز هنا. ولا أستطيع العودة إلي جنوب السودان¢. وفي الفناء الصغير لمسجد بانغي المركزي. تقيم عائلة من شعوب ¢الفولاني¢.. في السابق كانت تقيم في ضواحي العاصمة. إلاّ أنّه كان عليها الهرب خوفا من بطش ¢أنتي بالاكا¢. تاركة وراءها بضعة عشرات الآلاف من الماشية. وتنتظر حاليا إجلاءها إلي الكاميرون. وعلي ذات الصعيد تخطط منظمات الا غاثة الدولية في جمهورية أفريقيا الوسطي لإعادة توطين بعض من الجالية المسلمة داخل البلاد بدلاً من خارجها. ومنذ عدة أشهر دأبت هذه الهيئات وبينها المنظمة الدولية للهجرة والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشئون اللاجئين. علي مساعدة المسلمين لمغادرة البلاد. ولكنهم يقومون الآن بتنظيم عملية الانتقال الداخلي. وبحسب شبكة الأنباء الانسانية التابعة للأمم المتحدة ¢ايرين¢. تستهدف الخطة ما يقرب من ألف مسلم حوصروا داخل مجمع مدارس في بوسانغوا "350 كيلومتراً شمال العاصمة بانغي" وتهديدهم من قبل ميليشيات البالاكا. لتتم إعادة توطينهم في بلدة باوا التي تقع علي بعد نحو 175 كيلومتراً إلي الشمال الغربي وحوالي 70 كيلومتراً من الحدود التشادية. ويقول عبدة دينغ منسق الشئون الإنسانية لجمهورية أفريقيا الوسطي إن ¢أمام هؤلاء الناس خياران فقط. إما أن يبقوا حيث هم. وقد يتعرضون للقتل. أو أن يتم نقلهم. لكنهم أعربوا عن رغبتهم الشديدة في الخروج من بوسانغوا. وعندما سألناهم أين يودون الذهاب أشاروا إلي بلدة باوا¢. وأضاف قائلاً: ¢لقد تحدثنا إلي السلطات المحلية في باوا للحصول علي موافقتهم لاستضافة هؤلاء وحصلنا عليها. وحددوا مكاناً يمكنهم الذهاب إليه. نحن في مرحلة التخطيط ونأمل خلال الأيام أو الأسابيع القادمة أن نكون قادرين علي مساعدة هؤلاء الناس في الخروج من بوسانغوا¢. وعلي عكس معظم المدن الأخري في غرب جمهورية أفريقيا الوسطي. أياً كان حجمها. لم تشهد باوا قتالاً بين مقاتلي السيليكا السابقين الذين يشكل المسلمون غالبيتهم. وميليشيات البالاكا الذين ينتمون في غالبيتهم للمسيحية خلال الأشهر القليلة الماضية. وتجنبت العنف الطائفي. وذكرت مصادر محلية انه كرد فعل للعنف في المناطق المجاورة. غادر معظم المسلمين في باوا "الذين قدر عددهم بنحو ألف شخص في 2013" إلي تشاد أو الكاميرون. ولكن بقي حوالي 50 من أرباب الأسر. وعاد عدد قليل آخر. وقال عمر محمد. وهو تاجر مسلم في سوق باوا: ¢إن الوضع الأمني جيد هنا. وسيكون المسلمون من بوسانغوا موضع ترحيب¢.