لم يكن السلطان سليم الأول العثماني أول من حكم مصر من الأتراك. إذ سبقه حكام من أصل تركي أشهرهم أحمد بن طولون والظاهر بيبرس. ثم جاء الغزو العثماني عام 1517م بقيادة السلطان سليم الأول لينهي السلطنة المماليكية في مصر والشام والحجاز والسودان ويخضع مصر كولاية من ولايات الدولة العثمانية التي استمرت حتي كانت الحماية البريطانية علي مصر عام 1914م وإنهاء كل علاقة بين مصر وتركيا. وقد حاول محمد علي باشا الاستقلال بمصر عن الدولة العثمانية بل والدخول معها في حروب "الشام الأولي والثانية 1839 - 1831م" ولكن موقف الدول الأوروبية المتصارعة علي ممتلكات الدولة العثمانية "بريطانيا وروسيا وفرنسا والنمسا" أوقف تطلعات محمد علي وفرضت عليه فرماناً عثمانياً عام 1841م مستنداً إلي اتفاقية لندن عام 1840م بين القوي العالمية. ذلك الفرمان الذي نص علي حكم محمد علي لمصر وأسرته حكماً وراثياً بحيث يتخلي عن بلاد الشام والجزيرة العربية وكريت. ويبقي الحكم محصوراً في مصر والسودان. ومنذ قامت الدولة التركية الحديثة ذات الاتجاه الطوراني والتوجه نحو الغرب وترك الصلة مع الشرق "الدول العربية والإسلامية". فقد أنشغلت تركيا بأمورها الداخلية والاهتمام بعملية التغريب في نواحي حياة المجتمع التركي. ومع ذلك ظل الشعب التركي يهتم بالأمور الإسلامية. ومن هنا نشطت الطرق الصوفية كالنقشبندية والبكتاشية والمولوية في نشر الإسلام والمؤسسات الإسلامية بين المواطنين. كما نشطت حركة الوقف الإسلامي في بناء المدارس والمراكز الإسلامية والمؤسسات الإسلامية المختلفة. ونتيجة لدور المؤسسات الإسلامية المنبثقة من الطرق الصوفية ومؤسسات الوقف الإسلامية نجح التيار الإسلامي أخيراً في تركيا المعاصرة في السيطرة علي الحكم في أنقرة من خلال حزب العدالة والتنمية الذي اشتهر من رجاله نجم الدين أربكان وعبدالله جول ورجب طيب أردوغان وأحمد داود أوغلو وغيرهم. الذين يحاولون احياء استراتيجية الدولة العثمانية في المنطقة العربية علي النحو الآتي: أولاً: كانت الاستراتيجية العثمانية منذ قامت دولة آل عثمان عام 1299م تتمثل في بناء جناح غربي للدولة العثمانية علي حساب الدولة البيزنطية في الأناضول والبلقان. وبناء جناح شرقي للدولة علي حساب أقطار الأمة العربية في العراق والشام ومصر والحجاز والخليج والجزيرة العربية عامة. واليوم يسعي تيار حزب العدالة والتنمية علي تطبيق الاستراتيجية التركية في الشام ومصر والعراق بعد فشله مع الاتحاد الأوروبي. ثانياً: استخدمت الاستراتيجية العثمانية التوجه الإسلامي لدي الشعوب العربية في إطار فكرة الجماعة الإسلامية لضم أقطار الخليج العربية ومواجهة القوي الأوروبية الطامعة في الأقطار العربية بصفة عامة. وتقوم استراتيجية حزب العدالة والتنمية علي احياء الاستراتيجية العثمانية بفرض الوصاية التركية علي كل من مصر وسوريا وغيرها من الأقطار العربية. ومن ثم أطلق علي أعضاء حزب العدالة والتنمية التركي اسم العثمانيون الجدد. ثالثاً: تقوم الاستراتيجية التركية الجديدة تجاه مصر علي محاولة إخضاع مصر بعد ثورتي 25 يناير 2011م و30 يونيو 2013م لتصبح تابعاً للهيمنة التركية بعد أن فشلت مع سوريا. ومن ثم نجد الحكم في أنقرة يسعي لإثارة الفتنة في مصر بمعاداة الشعب المصري في تطلعاته للاستقرار وبناء مصر الحديثة. وتأييد القوي الخارجية علي الاجماع المصري سواء من المصريين أو غير المصريين الكارهين لمكانة مصروقوتها ونهضتها. ولكن الله حافظ مصر وشعبها وجندها الذين هم خير أجناد الأرض.