* هل المشروع الإسلامي الذي تتبناه الحركة الإسلامية هو مشروع هداية ودعوة في الأساس والأصل؟ * أم هو مشروع للحكم والسلطة في الأساس والأصل.. لأن السلطة هي التي تلزم الناس بالهداية وكراسي السلطة هي التي تجبر الناس علي الصلاح رغبا ً أو رهبا لأن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن؟ * هذا السؤال أراه محوريا ً لحل أزمة الحركة الإسلامية في العالم كله.. وأري أن الإجابة عن هذا السؤال بصدق وتجرد ستوفر علي الحركة الإسلامية جهودا ً تبذل في غير طائل.. وأموالا ً تنفق دون فائدة.. ودماء زكية تهدر في غير ميدان. * والحقيقة أن المشروع الإسلامي هو مشروع هداية ودعوة إلي الله في الأصل.. أما السلطة والحكم فهي فرع عليها.. وإذا تنازع الأصل مع الفرع قدمنا الأصل وأخرنا الفرع. * وأن المشروع الإسلامي في جوهره الأساسي هو مشروع هداية للخلائق.. وأن الحكم وسيلة.. والهداية غاية.. وإذا تنازعت الوسيلة مع الغاية قدمنا الغاية علي الوسيلة.. ولي فصل كامل في أحد كتبي في تنازع الغايات مع الوسائل في الفقه والفكر الإسلامي. * ولكن الغريب أن الحركة الإسلامية تنسي عادة هذه القواعد الأساسية فتقدم الحكم والسلطة وهو الفرع والوسيلة علي هداية الخلائق ودعوتهم وهو الأصل والغاية.. ناسية ومتغافلة عن فقه الأولويات.. وتقديم الغايات علي الوسائل. * ولعل أخطر ما أصاب الحركة الإسلامية في كثير من البلاد ومنها مصر هو تخليها طواعية عن موقع الدعوة والهداية لتتحول تدريجيا ً إلي حركة سياسية محضة.. تدور حول السلطة وتدندن حولها وتضحي من أجلها بالغالي والرخيص وتبذل دماء الآلاف من أبنائها.. بل والمتعاطفين معها من البسطاء من أجل كراسيها. * ومن أخطر ما أصابها كذلك هو الخلط المعيب بين الشرعية والشريعة وبين الهداية والسلطة.. ناسية أن معظم علماء وفقهاء المسلمين كانوا ينأون بأنفسهم عن السلطة ويجعلون بينهم وبين السلطة في العهد الأموي والعباسي- رغم تطبيقه للشريعة - مسافة فاصلة دون أن يدمجوا أنفسهم في السلطة أو يعادوها دون مبرر شرعي. * بل إن بعض الفقهاء ضربوا ضربا ً من الحكام لكي يقبلوا مناصب القضاء الشرعي وهم يتأبون ذلك.. لأنهم كانوا يدركون أن موقعهم في الدعوة والعلم أقوي من موقع السلطة والحكم في مدي تأثيره الوجداني والزماني والمكاني. * والآن علي الحركة الإسلامية المصرية أن تسأل نفسها هذه الأسئلة وتجيب عنها بمنتهي الوضوح بينها وبين ربها من جهة.. وبينها وبين نفسها بصرف النظر عن فساد وظلم الحكام لهم أو لغيرهم . * س1- هل قتل السياح الكوريين يصب في خانة هداية الخلائق .. أم يصب في خانة تنفيرهم من الإسلام واعطائهم أسوأ صورة عن هذا الدين العظيم؟!! * س2- هل تفجير مديريات الأمن في القاهرة والدقهلية وغيرها يصب في خانة هداية الناس أم تنفير الجميع عن الإسلام ودعوته وكل الحركات الإسلامية؟!! * س3 - هل حرق الكنائس وأقسام الشرطة والمحاكم والنيابات والمحافظات بعد فض رابعة يصب في خانة الهداية والدعوة .. أم في خانة التنفير والكراهية لكل ما هو إسلامي.. مع الإقرار الكامل بأن فض اعتصام رابعة كان سيئا ًجدا ًويعد أسوأ طريقة لفض أي اعتصام.. حتي لو كان فيه بعض المسلحين؟! * س 4- هل قتل جنود وضباط الشرطة وقنصهم عند بيوتهم أو التمثيل بجثث بعضهم كما حدث في كرداسة يصب في خانة الهداية والدعوة.. أم يصب في عكسها من النفور الشديد من الإسلام والمسلمين والحركة الإسلامية.. رغم إقراري أن هناك مظالم كثيرة يتعرض لها الإسلاميون من الحكومة؟!.. ولعل هذا ما حدا بالقرآن العظيم أن يأمر النبي الكريم صلي الله عليه وسلم بالعفو والصفح في 19 موضعا ً من القرآن. * س 5- هل ذبح ال25 جندي أمن مركزي البسطاء الذين أنهوا خدمتهم في سيناء أو قتل ال16 جنديا ً من الجيش ¢الذين قتلوا في عهد مرسي¢ وكان ذلك في شهر رمضان وكان ذلك وقت إفطار المغرب.. والجنود مسلمون صائمون يفطرون بعد صوم يوم طويل.. وكذلك كل الحوادث المشابهة هل تصب في خانة هداية الخلائق ودعوتهم.. أم تصب في كراهية الإسلام والنفور منه وعنه.. وحيرة كل من يريد الدخول فيه. * س6 - هل حرق سيارات الشرطة والمواطنين وأسر الضباط وتفجير سيارات الجيش وضرب السفن في قناة السويس أو محاولة ضرب شركات البترول التي يمكن أن تحترق بمن فيها من العمال البسطاء.. هل يصب في خانة الهداية.. أم عكس ذلك؟!. * إنني أناشد أبناء الحركة الإسلامية كلها في العالم كله أن يسأل كل واحد منهم نفسه سؤالا ً هاما ًويجيب عليه بصدق قبل أن يفعل شيئا ً: هل الذي أفعله مطابق للشرع الحنيف؟.. وهل هذا الذي سأفعله يصب في خانة الهداية أم خانة التنفير من الإسلام؟. * وعليهم أن يتذكروا جميعا ً أن الرسول صلي الله عليه وسلم كان يقدم الهداية علي كل شيء.. حتي أنه رفض أن يقتل رأس المنافقين عبد الله بن أبي سلول الذي أذاه في عرضه قائلا ً¢حتي لا يقول الناس إن محمدا ً يقتل أصحابه¢.. إنه يراعي مشاعر المشركين ورؤيتهم للإسلام وفكرتهم عنه.. ويدرك أن قتله لعبد الله بن سلول سينفر المشركين عن الدخول أو التكفير في الإسلام.