* يسأل حسام موسي من الإسكندرية: من هم بنو إسرائيل؟ وما علاقتهم بمصر؟ ولماذا كان الخروج أربعين سنة؟ * * يجيب الشيخ عثمان عامر من علماء الأزهر الشريف: بنو إسرائيل يسمون ببني إسرائيل نسبة إلي أبيهم إسرائيل وهو يعقوب عليه السلام وإسرائيل: كلمة عبرانية مكونة من كلمتين اثنتين: إسرا: بمعني عبد أو صفوة وإيل: بمعني الله فيكون المعني الكلي هو: عبد الله. كما يسمي بنو إسرائيل بالعبرانيين أيضا وذلك: نسبة إلي إبراهيم الخليل عليه السلام جدهم الأعلي الذي عبر الفرات وأنهار أخري حينما خرج من العراق فراراً من النمروذ بن كنعان. ولم يخاطب اليهود في القرآن الكريم إلا بيابني إسرائيل ولم يخاطبوا ببني يعقوب في القرآن أبدا. وكأن الحكمة الإلهية تذكرهم بأنهم أبناء من كان لله عبداًً خالصاً فيجب عليهم أن يكونوا علي شاكلته. وذلك حثا لهم وتذكيرا بدين آبائهم. وسبب تسميتهم باليهود: لأنهم تابوا من عبادة العجل الذي كانوا يعبدونه من دون الله فقالوا عند ذلك "إنا هدنا إليك" أي رجعنا. قال تعالي: "واكتب لنا في هذه الدنيا حسنة وفي الآخرة أنا هدنا إليك.." آية رقم 156 من سورة الأعراف. وعلاقة بني إسرائيل بمصر بدأت حينما هاجر يعقوب عليه السلام بأولاده إلي مصر وجعلوها وطنا لهم. قال تعالي: "فلما دخلوا علي يوسف آوي إليه أبويه وقال ادخلوا مصر إن شاء الله آمنين" آية رقم 99 من سورة يوسف. ذكر الله تعالي في سياق الحديث عن بني إسرائيل في القرآن الكريم أن قوم موسي عليه السلام ضرب الله عليهم التيه أربعين سنة لما عصوا أمر نبيهم موسي ولم يدخلوا الأرض المقدسة. والسؤال هو: لماذا أربعون سنة؟ قال تعالي: "وإذ قال موسي لقومه اذكروا نعمة الله عليكم إذ جعل فيكم أنبياء وجعلكم ملوكا.." الآيات من 20 إلي 26 من سورة المائدة. في هذه الآيات الكريمة يذكر موسي عليه السلام قومه من بني إسرائيل بنعم الله عليهم. ويطلب منهم أن يدخلوا الأرض المقدسة التي كتبها الله لهم إن هم دخلوها وقاتلوا أهلها كما أمرهم فلما جبنوا ولم يدخلوها حرمها الله تعالي عليهم وضرب عليهم التيه أربعين سنة. والتحديد بأربعين سنة له حكمة وهي: أن نفوس بني إسرائيل كانت صغيرة ضئيلة لأنهم ذاقوا الذل والهوان في مصر ومن كان كذلك لا يصلح لقتال ولا استقلال ولذلك ذابت قلوبهم في صدورهم وملأ الخوف أنفسهم حين أمروا بقتال الجبارين. يقول الشيخ رشيد رضا عند حديثه عن الحكمة من كون التيه أربعين سنة: لأن الشعوب التي تنشأ في مهد الاستبداد وتساس بالظلم والاضطهاد تفسد أخلاقها وتذل نفوسها ويذهب بأسها وتضرب عليها الذلة والمسكنة وتألف الخضوع وتأنس بالمهانة وإذا طال عليها أمد الظلم تصير هذه الأخلاق موروثة ومكتسبة حتي تكون كالغرائز الفطرية والطبائع الخلقية. وكلام الشيخ رشيد رضا يعني أن هذه المدة ستكون كافية لفناء هذا الجيل الذي ألف الذلة والمهانة ومجيء جيل آخر يحمل راية القتال. وقد كان ذلك بالفعل فدخل أبناء هؤلاء القوم وأحفادهم مع نبيهم يوشع بن نون عليه السلام بعد موت موسي وهارون عليهما السلام بالأرض المقدسة. والعلماء يقررون: ان حضانة العلم خمس عشرة سنة فإذا ابتدأت أمة أن تتعلم فإنها تجني ثمرة العلم بعد خمس عشرة سنة وأما حضانة الأخلاق والقيم فمدتها أربعون سنة فإذا أخذت أمة أن تتمسك بالأخلاق والقيم فإنها لا تجني ثمرة ذلك إلا بعد أربعين سنة. لذلك أراد الله تعالي أن يبقي قوم موسي من بني إسرائيل في البرية حتي يفني الجيل الذي نشأ في الذل والاستعباد وينشأ جيل ألف الحرية ولم تستذله العبودية.