الشباب.. قادة الأمم.. صانعو الحضارات.. علي أيديهم انشئت الدول. وتحررت الشعوب. وبدمائهم تدفقت ينابيع التقدم والازدهار عبر التاريخ. صنع الشباب صفحات التاريخ الانساني. وسطروا هذه الصفحات بإنجازاتهم.. وتقدم الجنس البشري. صفحات التاريخ حبلي بمآثر الشباب. لا تجد صفحة إلا وبها سيرة الشباب. ولا تجد تقدماً إلا وخلفه الشباب. بدأ تاريخنا الإسلامي علي يد الشباب الذي آزر الرسول صلي الله عليه وسلم في أشد مراحل الدعوة ولذلك يقول الرسول صلي الله عليه وسلم "نصرني الشباب وخذلني الشيوخ". وبدأ الرسول صلي الله عليه وسلم حياته نبياً ورسولاً وقائداً وأميراً وهو في سن مبكرة وصدع بالدعوة في سن الأربعين هذا بعد أن ترك رصيداً كبيراً من العفة ورجاجة العقل وقوة الجأش والبأس وهو في سن مبكرة من شبابه. وهذا يؤكد مدي اهتمام الله سبحانه وتعالي بالشباب والتأكيد علي سن الشباب في القضاء علي النظم الجاهلية. وصعود دولة النور.. دولة الإسلام. بدأ الرسول صلي الله عليه وسلم وهو يعد للدولة الإسلامية الأولي. والاتجاه إلي خارج مكة والمدينة لنشر الإسلام واتساع دولة الإسلام الوليدة ويتحسس كنوز الشباب ممن آمن به.. وأدرك ان عنفوان الشباب هو أقوي قوة لدفع عجلة الدولة الجديدة فقد جهز الرسول صلي الله عليه وسلم جيشا كبيرا ضم كبار الصحابة وعلي رأسهم عمر بن الخطاب. وأمر علي هذا الجيش أسامة بن زيد وكان عمره وقتها 18 عاماً. ولما لحق الرسول صلي الله عليه وسلم بالرفيق الأعلي. حاول بعض الصحابة بإقناع أبوبكر الصديق بإقالة أسامة بن زيد علي قيادة الجيش إلا أنه رفض. بل دعمه. وجهزه بصوورة أكبر. ثم قام أبوبكر بتوديع أسامة لقتال الروم في الشام وتذكر كتب السيرة أن الصديق أبوبكر وهو يودع الجيش كان أسامة يركب فرسه. وأبوبكر علي الأرض يمشي علي أرجله. فاستشعر أسامة الحرج من ان يركب والخليفة يمشي علي الأرض فقال له: إما ان تركب وإما أن انزل من علي فرسي. فرد عليه الخليفة أبوبكر الصديق لن أركب ولن تنزل. سر علي بركة الله. وقدم أسامة انتصارات باهرة للإسلام والمسلمين وهو في سن الثامنة عشرة. عمير بن أبي وقاص وقبل أن نترك عصر الصحابة.. نذكر بعضاً من نماذج النور والبطولة من الشباب.. من هذه النماذج عمير بن أبي وقاص أخو سعد. قتل شهيداً ببدر وكان ابن ست عشرة سنة يقول عنه سعد: رأيت أخي عمير بن أبي وقاص قبل أن يعرضنا رسول الله صلي الله عليه وسلم للخروج إلي بدر يتواري. فقلت: ما لك يا أخي؟ قال: اني أخاف أن يراني رسول الله فيستصغرني فيردني وأنا أحب الخروج. لعل الله يرزقني الشهادة. قال: تعرض علي رسول الله فاستصغره. فقال: أرجع. فبكي عمير فأجازه رسول الله. قال سعد: كنت أعقد له حمائل سيفه من صغره. فقتل ببدر. وهو ابن ست عشرة سنة. وقتله عمرو بن عبدود. معاذ بن جبل ومن الصحابة من أبلوا بلاءاً حسنا في سبيل الرسلام وماتوا في عز شبابهم اذكر منهم معاذ بن جبل مات ابن ثلاث وثلاثين سنة. ومات عبد الله بن مظعون ابن ثلاثين عاما. بعد أن شهد بدرا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم. وقتل عمرو بن معاذ شهيدا في احد وهو ابن اثنين وثلاثين سنة. الناصر صلاح الدين وإذا انتقلنا من عصر الصحابة إلي عصر الخلافات والدول الإسلامية المتعاقبة توقفنا عند شخصية الناصر صلاح الدين الأيوبي مؤسس الدولة الأيوبية والذي قضي علي الحملات الصليبية في حطين وفتح بيت المقدس. ولد صلاح الدين الأيوبي عام 1138. وبدأ حياته العسكرية مبكراً. وتقلد الوزارة في عهد آخر الخلفاء الفاطميين بمصر وهو دون الثلاثين. وتقلد مقاليد الحكم في مصر وهو في هذه السن المبكرة. واستطاع أن يكون دولة مكونة من مصر. والشام. والحجاز وتهامة واليمن. واستعاد الأماكن المقدسة من الصليبيين. واستطاع أن يواجه كل الفتن والمؤامرات التي قامت ضده من الداخل من قبل الزنكيين وغيرهم. بالاضافة إلي القوة الصليبية. فضلا عن حربه لتغيير المذهب الفاطمي والشيعي في مصر. كل هذه الانجازات والانتصارات قد أداها في سن الشباب. واستمر يدعم دولة الإسلام حتي قضي حتفه بعد هذه الحياة الحافلة عن عمر 55 سنة فقط صنع ما لا يصنعه انسان ولو عاش عدة قرون صنع كل هذه الانتصارات في سنوات الشباب ومات وهو في شبابه بالمعني الحديث. كان صلاح الدين الأيوبي يتمتع بأخلاق النبل والاقدام والشجاعة والحياء. وكان قائداً عسكرياً من الطراز الفريد. وتذكر كتب التاريخ ان الناصر صلاح الدين لقي ربه ولم يترك لأولاده إلا 43 درهما وديناراً واحدا من الذهب. ولم يترك قصراً أو بيتاً أو بستاناً بل ترك لهم الله ورسوله ومجدا يتغني به كل مشتاق للمجد علي مدار التاريخ حتي قيام الساعة. محمد علي إذا انتقلنا للعصر الحديث لتوقعنا عند نموذج موسس مصر الحديثة.. محمد علي باشا الذي ولد في مدينة قولة باليونان في 4 مارس 1769. وتوفي في 12 اغسطس عام 1849 عن عمر يناهز الثمانين سنة. ورغم العمر الطويل لمحمد علي باشا والذي قضي أكثر من نصفه والياً علي مصر إلا أنه اعتلي حكم مصر وعمره "36 عاماً" عام 1805. وقضي فترة شبابه كله في الجيش العثماني. ثم في الدفاع عن مصر ضد الفرنسيين وخاض معارك طاحنة مع معارضيه في مصر وضد العالم الغربي حتي استتب له الأمر في مصر. ثم انطلق وفتح الشاب. وبدأت جيوشه تقتحم علي الدولة العثمانية بلادها. والعالم الغربي حصونه حتي تجمع العالم أجمع وحاولوا القضاء عليه حتي عقدوا معه معاهدة 1840 لتخصيص مصر له ولأولاده ويترك ما استولي عليه من بلاد. وفي سنواته الأولي عمل علي تحديد جميع الأمور الحياتية في مصر وانشأ المصانع المختلفة. والمدارس الحديثة وصنع جيشاًً تتباهي به الأمم. واهتم بالزراعة وتوسعة الأرض الزراعية في عهده حتي وصلت إلي ما يقرب من سبعة آلاف فدان. في الوقت إن كان عدد سكان مصر لا يتجاوز 2 مليون نسمة. وحرر الفكر التقليدي الذي سيطر علي مصر في عهد الدولة العثمانية وصنع من مصر دولة عصرية تضاهي الأممالغربية الناهضة. نظراً لقيمة الشباب عند محمد علي فقد استعان بابنه إبراهيم باشا منذ نعومة أظافره فاستعان به في حروب مصر بالخارج. فقد حارب في السعودية للقضاء علي عبد الله بن سعود زعيم الحركة الوهابية وقضي عليه بل واسره عام 1816. وأرسله لوالده في القاهرة. فأرسله محمد علي إلي السلطان العثماني الذي أعدمه. وحارب إبراهيم باشا في السودان لقمع التمرد الذي قام هناك وانتصر علي المتمردين عام 1121. ثم قام بحملة علي اليونانيين في الشام والذين خرجوا علي العثمانيين وانتصر عليهم وقضي عليهم عام .1928 وتوفي إبراهيم باشا عن عمر 59 سنة من عام 1789. 1848. توفي بعد أن تولي ولاية مصر عدة شهور.. توفي قبل والده بحوالي عام. مصطفي كامل ومع قدوم الاحتلال الانجليزي لمصر. وظهور الحركة الوطنية المصرية ضد المحتل الانجليزي.. ظهر زعيم شعبي سياسي بارز في سن الشباب.. ظهر الزعيم السياسي المجاهد مصطفي كامل مؤسس الحزب الوطني القديم . وجريدة اللواء. والداعي لانشاء الجامعة الإسلامية. وناهض الاستعمار الانجليزي واستطاع وهو في سن مبكر من حياته ان يفضح الاستعمار الانجليزي في المنتديات العالمية ووصل جهاده خاصة بعد حادث دنشواي إلي عزل اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني. بدأ مصطفي كامل جهاده بالكتابة في الصحف المصرية مثل الاهرام والمؤيد لصاحبها الشيخ علي يوسف. واصدر عدة كتب وقصص ادبية وهو في سن العشرين. كما أصدر جريدة اللواء واستمر في جهاده وتطوير الواقع المصري حتي لقي حتفه عن عمر 34 عاماً. قضاها جهادا في سبيل الوطن واستقلال مصر. ومما يؤثر عنه ويردده الناس حتي الآن قولته المشهورة: "لو لم أكن مصرياً لوددت أن أكون مصرياً" ومقولته المشهورة "لا يأس مع الحياة ولا معني للحياة مع اليأس".