ماذا يعني مضي عام وحلول آخر لدي المسلم الواعي لحركة الحياة المدرك لأبعادها بدءا ونهاية ومسئولية ورسالة؟ إنه العمر يتفلت من بين أيدينا لحظة وراء أخري. إنه العمر المحدد بدقات القلب وأنفاس الصدر وعطايا الرزق. يتقلب المرء فيه بين قوة وضعف وصحة ومرض وغني وفقر وفراغ وشغل فإذا جاء الأجل كانت الوقفة الحاسمة أمام من يعلم السر وأخفي. يسأله عما ضيع من فرص القوة والغني والفراغ. يسأله عما قدم لدينه المحارب ولرسوله المفتري عليه. كم بذل من شبابه وماله. وكم قدم لمعاده من زاد؟ ماذا يقول لنبيه محمد وقد ائتمنه علي البلاغ المبين؟ وماذا يقول لربه وقد أعطاه ما لم يعط أحدًا من العالمين؟ لقد رأي الفساد والانحراف. وعرف الحق والفضيلة والأخلاق ووصله منهج سيد الخلق في القضاء علي هذا الرجس فبماذا أسهم في هذا المجال؟ إن كل دقيقة تمر من عمرك تقربك من هذا الحساب. وتبعدك عما يلهيك وينسيك هذا المصير. هل تدبرت في هذا السؤال: ¢أو لم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير¢ وهل أعددت الجواب؟ وهل قرأت قول الحق ¢وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكورا¢ وهل فهمت ما يطالبك به المولي من دوام التذكر.. تذكر المصير. وتذكر التقصير هل حاسبت نفسك قبل أن تحاسب.. هل تبت واستغفرت مما جنت يداك. وهل شكرت النعم التي لا تستطيع أن تعدها أو تحصرها.. وهل استوعبت قول نبيك صلي الله عليه وسلم: "نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس: الصحة والفراغ" "رواه البخاري". أو قوله الحكيم: اغتنم خمسا قبل خمس: "حياتك قبل موتك. وصحتك قبل سقمك. وغناك قبل فقرك. وفراغك قبل شغلك. وشبابك قبل هرمك" "رواه الحاكم والبيهقي" إن دوام الحال من المحال. والحياة دائمة الأغيار. ودينك أولي وأهم من كل ما يشغلك عنه إنك لو أنفقت من صحتك في سبيله كنت شاكرا لنعمة الصحة ومن شكر فإنما يشكر لنفسه ولو أنفقت من مالك في سبيله كنت شاكرا لنعمة المال . قال الله تعالي : "وَإِذْ تَأَذّنَ رَبّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأزِيدَنّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنّ عَذَابِي لَشَدِيدى" "سورة: إبراهيم - الآية: 7" انظر إلي من حولك فستجد الصديق الحميم القوي المتين قد فارق الحياة بدون مرض أو هرم انما هو الأجل "وَلَن يُؤَخّرَ اللّهُ نَفْساً إِذَا جَآءَ أَجَلُهَآ وَاللّهُ خَبِيرى بِمَا تَعْمَلُونَ" "سورة: المنافقون - الآية: 11". وإذا جاءك الأجل قامت قيامتك فلن تستطيع العودة إلي الحياة لتعوض ما فاتك. إنما هو ما سطر في كتابك وما بقي لك من أثر "وَنَكْتُبُ مَاَ قَدّمُواْ وَآثَارَهُمْ وَكُلّ شيْءي أَحْصَيْنَاهُ فِيَ إِمَامي مّبِيني" "سورة: يس - الآية: 12" ¢ فإن كان كتابك زاخرًا بالأعمال الصالحة فزت وافتخرت به أمام الجميع "فَأَمّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَآؤُمُ اقْرَؤُاْ كِتَابيَهْ . إِنّي ظَنَنتُ أَنّي مُلاَقي حِسَابِيَهْ" "سورة: الحاقة - الآية : 19. 20". فهيا نغتنم الفرص ونحاسب أنفسنا قبل أن نحاسب فالحساب دقيق "وَإِن كَانَ مِثْقَالَ حَبّةي مّنْ خَرْدَلي أَتَيْنَا بِهَا وَكَفَيَ بِنَا حَاسِبِينَ" "سورة: الأنبياء - الآية: 47". لهذا فإن الاهتمام بالعمر واستغلاله في طاعة الله تعالي ولهذا لابد ان نقدم لغير المسلمين عمليا حقوق الإنسان في الإسلام ردا علي ما يفتريه أعداؤه وتناول لكثير من القضايا الإسلامية والأنشطة الدعوية التي تقوم بها الجمعية. مع الأبواب الثابتة وركن الأسرة. والعبرة من الهجرة. نأمل أن يكون هذا العام فاتحة خير للإسلام والمسلمين وأن يبارك جهاد المجاهدين وأن يكتب النصر للمخلصين. إنه ولي ذلك والقادر عليه.