وجه الخبراء والمتخصصون نقدا شديد اللهجة لقناة الفلول التي أطلقت مؤخرا والتي تتصدرها الراقصة سما المصري بأغان هابطة وكلمات متبذلة تخدش الحياء.. ولم لم يري هذه القناة فهي قناة تعرض بضع أغان علي مدار اليوم لكنها مصبوغة بالصبغة السياسية. حيث تساند فيها الجيش المصري وتدعو لخارطة الطريق وتصب جام غضبها علي جماعة الإخوان المسلمين ودولة قطر وقناة الجزيرة بكلمات أغان أقل ما توصف بأنها متدنية وركيكة لا تخلو من الإيحاءات الجنسية المرفوضة والألفاظ البذيئة وهي في ذات الوقت تستخدم مقولة "أنا فلة" شعارا لها وتطالب بعودة الفلول علي غير استحياء منها واعتبر الخبراء إطلاق مثل هذه القناة سبة في حق الإعلام المصري لأنه ليس هكذا يكون المنقد والاختلاف مع الآخر والتعبير عن مواقفنا السياسية مطالبين بالإعلان عن مصادر تمويلها وإغلاقها فورا وفي السطور القادمة آراؤهم بالتفصيل: بداية قالت الدكتورة سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بجامعة عين شمس: بالرغم من أنني لم أر هذه القناة إلا أنني سمعت عنها وعما تقدمه لذا أقف ضدها بكل ما أوتيت من قوة لا لشيء لأنها تتنافي وكل تقاليد المجتمع وقيمه فهي بكل أسف تدعو للدونية والابتذال والإعلام الهابط وهذا ما لا يقبله إنسان سليم الفطرة. وأضافت د.سامية: ليس هذا ما نريده من الإعلام بعد قيامنا بثورتين عظيمتين فنحن نريد إعلاما راقيا متقدما يرتقي بفكر المجتمع وسلوك أبنائه لا ينحدر به كما تفعل هذه القناة. كما أننا نريد إعلاما يراعي المسئولية الاجتماعية تجاه النشء وينشر الوعي. واستطردت: كفانا وقوعا في هذه العبثية الإعلامية التي تدخل المجتمع في نفق مظلم وتسييء إلي أبنائه ورموزه وتفرق صفه وتشتت شمله. ووافقتها الرأي الدكتورة سامية الجندي أستاذ علم النفس بجامعة الأزهر قائلة: لقد قرأت علي بعض مواقع الفيس بوك أن الفنانة سما المصري هي صاحبة هذه القناة لكنني أشك في ذلك لأن إطلاق قناة فضائية يحتاج لمبالغ ضخمة قد لا تقدر عليها سما المصري كما أنه لا حاجة لهذه الفنانة بعمل هذه القناة فهي مشهورة بشكل كاف ولا تحتاج قنوات فضائية. وأضافت: استبعد أن يكون الفلول هم من قاموا بإطلاق هذه الفضائية لأن معظمهم خرج من السجن وبريء من القضايا المتهم فيها وعدد كبير منهم يمارس حياته بشكل طبيعي والبعض الآخر ينتوي الترشح للبرلمان القادم.. لذا أري أن الفلول ليسوا في حاجة لهذه القناة الهابطة وأكاد أجزم أن الطرف الثالث الذي حيرنا وازعجنا لشهور طويلة من يقف وراء هذه القناة. قناة مدسوسة وأشارت إلي أن هذه القناة مدسوسة فهي ظاهريا تساند الجيش لكن الواقع أنها تسييء له وللشعب المصري كله ولابد من معرفة من يقف وراء هذه القناة ويحاكم وتوقع عليه أشد العقوبة وشددت علي أن عصر الابتذال والسب والقذف ذهب إلي غير رجعة والمفترض أن تشهد الفترة القادمة إعلاما نظيفا هادفا راقيا يليق بمصر وتاريخها وشعبها ولفتت د.سامية إلي أن كل من يؤيد الجيش في كل خطواته ويقف وراءه يلفظ هذه القناة من الوهلة الأولي.. لذا أطالب بإعادة النظر فيها وفيما تقدمه من أغان مبتذلة ولابد أن تقدم برامج هادفة تحاور العقل والمنطق وتبعد عن التدني والابتذال والإيحاءات الجنسية. مرآة الشعوب وأكدت الدكتورة هانم شاهين أستاذ الأدب والنقد بجامعة الأزهر أن الفن والأدب هي مرآة الشعوب ويعكسان ثقافة المجتمع وحضارته وأخلاقه وقديما لم يستطع شعراء الجاهلية الذين لا دين لهم أن يكونوا في أشعارهم بكلمات تخدش الحياء أمثال أمرؤ القيس ذلك الشاعر الجاهلي الذي نعته النقاد بأبشع الصفات. حيث قالوا عنه إنه حرامي وصعلوك ولم يتعرض للنواحي الحسية في قصائده إنما كان يمر عليها مرور الكرام حتي عمر بن ابن الربيعة الذي جاء في العصر الأموي والذي قال عنه النقاد في عصره إنه شاعر مبتذل لم يصدر عنه أي كلمة خادشة للحياء أو جارحة للمشاعر وهذا علي العكس تماما ما نحن فيه اليوم فأمثال هذه القنوات التي تعرض أغاني هابطة تحتوي علي كلمات متبذلة وإيحاءات جنسية مرفوضة بدعوي أنها تدافع عن الجيش المصري وهي في حقيقة الأمر أكثر قناة تسييء للجيش وتعطي فرصة للمعارضين والمناوئين له أن يتصيدوا له ويصفوا الجيش بأبشع الصفات من خلال هذه الفضائية المتدنية. وأضافت: المفروض أن الإعلام يرتفع بالخلق الذي يؤمن به المجتمع وهذه القناة لا تعكس من قريب أو بعيد أخلاق المجتمع المصري وقيمه وإلا لقلنا علي مجتمعنا السلام وطالبت بعمل وقفة صارمة مع من يقف وراءها وإيقافها فورا لأنها تسييء لكل من انحاز لإرادة الشعب في 30 يونيه. خارج السرب وأشار الدكتور أحمد زارع الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة الأزهر إلي أن الإعلام يعبر تعبيرا حقيقيا عن واقع المجتمع وأي وسيلة إعلامية تطلق عليها وجب عليها الالتزام بذلك لأنها إذا حادت عن هذا تصبح خارج السرب وسوف ينفض عنها جمهورها في القريب العاجل. وأضاف: الإعلام يعكس واقعنا أمام الآخر سواء في الداخل أو الخارج ونحن في ظل السموات المفتوحة علينا أن نراعي ذلك بعيدا ولا ينبغي بأي حال من الأحوال أن تسحبنا كراهيتنا لفصيل معين أن ننتهج هذا النهج غير الأخلاقي في التعبير عن رفضنا له. الفشل واستطرد: مهما اختلفنا عن تحليلنا للمجتمع المصري فسمته الأساسية أنه جمهور قيمي يلتزم بقيم المجتمع ولا يحيد عن مبادئه الأصيلة وطالما أن هذه القناة اختارت هذا النهج المنحرف فسوف يكتف لها الفشل في القريب العاجل ولن تستطيع أن تستقطب جمهورا يقدرها ويحترمها وسينزوي عنها كل من يشاهدها ويستمع إليها في أسرع وقت حتي إن كان من أشد المؤيدين لما تدعو إليه فسوف يلفظها سريعا. وشدد علي أن هذه القناة سيكون لها مردود عكسي فسوف يتحول المؤيد لما تدعو إليه إلي معارض بشدة وذلك لبذاءتها وانحرافها.. لأن النقد لابد أن يكون بناء ومحترما ويخاطب العقل أما استخذام الكلمات المتبذلة في أغان هابطة للهجوم علي الآخر فشيء مقزز ويدعو إلي الغثيان. وأعرب عن استيائه الشديد مما وصل إليه حال الإعلام المصري قائلا: الإعلام يرتكب جرما فادحا في المهنية فالمفترض أن الإعلام يوحد كلمة الأمة بالعقل والمنطق ويعرض الرأي والرأي الآخر حفاظا علي تماسك المجتمع ووحدته فنحن لا نستطيع أن نعيش ونتعايش دون أن نختلف فهذه سنة كونية وحقيقة واقعية وشدد علي أن هذه القنوات ليست في صالح المجتمع إنما هي نذير خطر عليه مرجعا السبب في ظهور أمثال هذه القنوات الهابطة إلي حالة الفوضي التي نعيشها والتي فرضتها علينا المرحلة الانتقالية. خط أحمر وأضاف: بمجرد استقرار الأوضاع بالمجتمع علينا ضبط حركة الإعلام وعلي الجميع أن يلتزم بمواثيق الشرف الإعلامي ومن لم يلتزم فسوف توقع عليها أغلظ العقوبات لأن قيم المجتمع وأخلاقه ليست بالأمر الهين كما أنها خط أحمر يجب ألا يتخطاه أحد. إعلام المراحيض أما الدكتور محمود خليل الأستاذ بكلية الإعلام بجامعة القاهرة فقال: هناك حالة من الاستقطاب داخل المجتمع هذه الحالة انعكست بطبيعة الحال علي المشهد الإعلامي وجدنا علي أثر ذلك العديد من القنوات التليفزيونية التي تقدم رؤية أحادية وتفتقد بشكل كبير للإعلام المتوازن. حيث وجدت قناة تسوق للإخوان المسلمين ولا تعرض أي وجهة نظر أخري وفي مقابلها قنوات أخري سيساوي "نسبة للسيسي" تدعو لخارطة الطريق ووزير الدفاع. وبين هذا وذاك كان من الطبيعي أن تفرز هذه القناة التي تدعو للخطاب الفلولي وتتخذ من مقولة أنا فلة "شعارًا لها وتدعو لدولة مبارك بل وتطالب بعودتعه ليس مبارك كشخص إنما إعادة الدولة المباركية التي تؤسس علي لعبة القمع والفساد بالإضافة إلي ذلك تلك الوجوه التي تنتمي للحزب الوطني وكانت من ركائز دولة مبارك وجدناها تتصدر المشهد الإعلامي وتدعو للدستور الجديد وتؤيد خارطة الطريق فظهور هذه الشخصيات مرة أخري بعد 30 يونيه يعد أكبر تشويه ل30 يونيه. وأضاف د.محمود خليل: من كل ما سبق كان طبيعيا أن يكون للفلول قناة لكن الملفت في الأمر أن تتصدر لها الراقصة سما المصري فهذا الأمر محط استغراب لي فلا علاقة لسما المصري بالسياسة إنما كانت كل مشاركتها السابقة من خلال عمل بعض الأغاني والرقصات التي كانت تهاجم من خلالها جماعة الإخوان المسلمين. وأكد أن قناة الفلول تؤصل لفكرة إعلام المصاطب الذي ينحدر بنا لسابع أرض.. فنحن انتقلنا من إعلام الاستديوهات في الستينيات إلي إعلام المصاطب في عصر حسني مبارك ثم إلي إعلام المراحيض العامة في عهد الإخوان المسلمين ثم ها نحن اليوم نشهد نوعا جديدا من الإعلام وهو إعلام المواخير ويقصد بالمواخير الأماكن التي ترتكب فيها قبائح الأفعال ولفت النظر إلي أن المشهد في مصر ملتبس والإعلام يعكس هذه الحالة من الالتباس ولابد من الإعلان بشفافية عن مصادر تمويل هذه القناة فهناك أموال كثيرة تضخ من أفراد أو جماعات لإخراج هذه الأعمال المتبذلة.. فنحن لدينا قاعدة أن من يدفع يملك حق الكلام وطالما أن هناك من يريد أن يخرب مصر بأمواله فماذا ننتظر. وأشار إلي أنه يتوقع أن تتحول السياسة في مصر إلي نوع جديد من الرقص.