علي الرغم من أن الرسول عليه الصلاة والسلام هو النبي الوحيد الذي لم يظهر علي شاشة السينما بشكل صريح إلا أنه أكثر الأنبياء اشتباكا مع السينما والدراما بشكل عام. سواء من خلال الشائعات أو من خلال المشروعات التي بدأت ولم تنته وهو أمر دائم الحدوث منذ بدايات القرن الماضي. ولعل قصة قيام الفنان الكبير يوسف وهبي بتمثيل شخصية النبي خير دليل علي ذلك. فالثابت تاريخيا أن يوسف بك وهبي الممثل المصري المعروف وقع عقدا عام 1926 مع شركة "ماركوس" الألمانية للقيام ببطولة فيلم بتمويل مشترك مع الحكومة التركية عن سيرة حياة النبي محمد . پپتعرض يوسف وهبي لهجوم شرس بسبب اعلانه عن تجسيد النبي صلي الله عليه وسلم حتي اعتذر عن الدور بل وخاطب الأزهر الدولة المصرية للتدخل لإنتاج الفيلم. وهو ما حدث بعدها بفترة. وتحديدا في عام 1929 كانت هناك محاولة أخري لإنتاج فيلم يتم تصويره في الأراضي المصرية ويظهر فيه النبي محمد وقيل وقتها أنهم أسندوا السيدة خديجة للممثلة "تينا ستيوارت". وأن مؤلفة الفيلم كانت فتاة مصرية. وهو الأمر الذي أثار جدلا كبيرا انتهي بثورة دينية طالبت رئاسة الوزراء بالتدخل لمنع تصوير الفيلم في مصر والتدخل لدي دولة فرنسا لمنع إنتاجه من الأصل. شائعة تجسيد شخصية النبي محمد عليه الصلاة والسلام في فيلم سينمائي. وهي شائعات إن قمنا بعمل إحصاء لها سنكتشف أن عدد الأفلام التي ظهر فيها النبي محمد عليه الصلاة والسلام أكثر من أفلام السينما المصرية مجتمعة. علي اعتبار أن أي فيلم عن الدين الإسلامي لم يكن ظهوره يخلو من شائعة تجسيد شخصية النبي داخل أحداثه حتي فيلم الكارتون الذي أنتجته شركة إماراتية بعنوان خاتم المرسلين لم ينج من هذه الشائعة التي كانت ستعرضه للمنع. وحتي الفيلم الديني الأشهر "الرسالة" الذي أخرجه مصطفي العقاد لم ينج من هذه الشائعة التي تقول بتجسيد شخصية الرسول داخل أحداثه وساعد علي نشر هذه الشائعة عدم موافقة أغلب الدول العربية علي عرض الفيلم بسبب تجسيد شخصية سيدنا حمزة. الحقيقة أن الرسول صلي الله عليه وسلم لم يتم تجسيده في أي عمل سينمائي ولكنه ظهر كطيف أو ما شابه ذلك عن طريق الخدع السينمائية المختلفة وذلك في أفلام مثل "ظهور الإسلام" المأخوذ عن "الوعد الحق" للدكتور طه حسين وهو أول فيلم ديني إسلامي في تاريخ السينما المصرية والعربية. وفيلم "انتصار الإسلام" وفيلم "بلال مؤذن الرسول" الذي عرض لأول مرة عام 1953م. والذي تعرض بشكل غير مباشر لحياة النبي صلي الله عليه وسلم وكلها أفلام تم انتاجها وعرضها في الخمسينيات وفيلم "هجرة الرسول" وفيلم "فجر الإسلام" المأخوذ عن قصة عبدالحميد جودة السحار وعرض في السبعينيات. وبين الحين والآخر يتكلم البعض عن ضرورة انتاج فيلم عالمي عن الرسول لمواجهة الأعمال التي تنال من سيرته العطرة علي أن يدور حول سيرة النبي صلي الله عليه وسلم بمختلف لغات العالم لتحسين صورة الإسلام في كل دول الغرب والشرق غير الإسلامي وقال العلماء أنها رسالة قوية مفادها تقديم الصورة الحقيقية للنبي وأيضا التأكيد علي أن الإسلام لم يحرم الفنون مثلما يزعم البعض. التشويه الغربي يقول الدكتور زكي عثمان أستاذ الثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر : كلنا يعلم ان الإساءات التي يتعرض لها الإسلام تتم دوما عن طريق الدراما ووسل الإعلام وقد لا تصدق أن وسائل الإعلام في العالم الإسلامي مسئولة هي الاخري عن انتشار الصورة النمطية المؤسفة عن الإسلام وانا أذكر أنني تحدثت ذات يوم مع عدد من العاملين في مجال الإعلام الغربي حول هذا الأمر فقالوا لي صراحة أن الحدث الذي ينقصه الشد لا يصلح للنشر فلا يهم الصحف الغربية أن تنشر عن نشاط الأغلبية العظمي من المسلمين الذين يقومون بأعمال الخير ويصلون من اجل السلام ولهذا ففي رأيي فإن الوسيلة المثلي لتغيير تلك الصورة النمطية هي استغلال الفنون الدرامية المرئية بحيث نخلق قصة تأسر الخيال العام وتصبح رمزا لصورة الإسلام الحقيقي. وعلي الجانب الآخر علي المسلمين أن يتذكروا أن هناك آية قرأنية تقول : "إن الله لا يغير ما بقوم حتي يغيروا ما بأنفسهم" وهو ما يعني أن المسلمين عليهم أن يوضحوا حقيقة دينهم باستخدام كل الوسائل الممكنة بحيث يواجهون وسائل الإعلام التي تنسب لدينهم ما ليس فيه ولهذا فلابد ان يخرج هذا العمل متميزا خاصة وقد تم رصد مبالغ مالية هائلة له من أجل العمل بمنتهي القوة للوصول المعلومات الحقيقية عن الإسلام لشتي أنحاء العالم وبمختلف اللغات العالمية بحيث يستطيع أي شخص في استراليا كان أو في الاسكا أن يشاهد هذا الفيلم پبلغته التي يجيدها ويجد معلومات حقيقية بعيدا عن التشويه المتعمد الذي يتعرض له ذلك الدين فعرض الاسلام بأسلوب جديد ومشوق يعود الي علماء وفقهاء المسلمين إضافة إلي المخرجين وصناع الدراما في جميع الدول العربية والاسلامية مع عدم اغفال الدور الرئيسي والمهم الذي يمكن أن يضطلع به العلماء العرب والمسلمون المقيمون في الغرب حيث أن هؤلاء العلماء يجب أن يحلوا محل المستشرقين في المعاهد العليا والجامعات وفي اعداد الصورة المثلي لهذا الفيلم كي يجذب الإنتباه ليتناسب مع المعطيات الجديدة في العالم التشنج مرفوض تقول الدكتورة ماجي الحلواني العميد الأسبق لكلية الإعلام بجامعة القاهرة : لابد من استعمال مختلف الوسائل العصرية في التعريف بدين الإسلام وبنبي الرحمة صلي الله عليه وسلم ورسول الانسانية ورسول الحق والعدل والإنصاف.ويدخل في ذلك البرامج التلفزيونية عبر القنوات الفضائية.واستخدام الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي والرسائل الإلكترونية.والمجلات الإسلامية الهادفة والصحف اليومية.وتوزيع النشرات والكتيبات للتعريف بالنبي صلي الله عليه وسلم.وعقد المؤتمرات والندوات في الدول الغربية وغيرها وبكل اللغات حتي تتعرف البشرية بصورة واضحة جلية إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم ولتوضيح حقيقة دين الإسلام وإزالة الشبهات عنه وتبيين الكذب والافتراء الذي يروج له الحاقدون علي نبي الإسلام. وتضيف د . الحلواني : للأسف الشديد فقد غابت السينما عن المشهد تماما خاصة في ظل اتجاه كل المنتجين نحو الأفلام التجارية الهابطة سعيا لتحقيق النجاح المادي وهو ما يعني أن ظهور فيلم سينمائي عن النبي لابد أن يكون من مسئولية الحكومات وليس الأفراد فشعوب العالم يجب أن تعرف معني الإسلام الحقيقي عن طريق الدراما فهذا هو الدور الحقيقي للدراما والسبيل الأمثل للدفاع عن الرسل والأديان السماوية فالدراما والسينما علي وجه الخصوص لغة ضخمة في التعبير والتغيير وصناعة الرأي العام. تعتمد علي مجموع الحواس. وليس علي مجرد السماع. وتخاطب الإنسان كله. وتستهدف المتعة والإثارة والتعليم في وقت واحد ولكن لابد أن نعي ونحن نقدم هذا الفيلم إن الدراما الدينية تأخرت كثيرا عندما لجأت الي أسلوب السرد دون أن تقدم الشخصية الدينية من أعماقها من خلال ممثلين واضافت :أعتقد أننا لو صنعنا فيلم جيد سننجح في تقديم صورة الإسلام بعيدا عن النمطية التي كان يتم تقديم التاريخ الإسلامي من خلالها فتقديم الدراما الإسلامية بأشكالها كافة من شأنه الدفاع عن الإسلام والترويج له وتوضيح أفكار الدين بطريقة مبسطة إلي المشاهدين. شرط أن يكون العمل محترماً وموثقاً. علي غرار الأفلام التاريخية المعروفة مثل ¢فجر الإسلام¢ و¢الشيماء¢ و¢الوعد الحق¢. وكل هذه الأعمال تعيش في وجداننا حتي الآن. علما أن تقنيات السينما الآن أصبحت أكثر حرفية في تقديم الدراما الاسلامية. الاساءات المتعمدة يؤكد الدكتور محمد رأفت عثمان عضو هيئة كبار العلماء بالازهر وعضو مجمع فقهاء الشريعة بأمريكاپ : إننا في حاجة لفيلم يقدم السيرة الحقيقية للنبي وبحيث يكون يكون بمثابة وسيلة من وسائل الدفاع ضد الإساءات المتعددة التي يتعرض لها النبي صلي الله عليه وسلم ولكنه سيكون أيضا بمثابة رسالة واضحة لعشاق تقديم الإباحية باسم الفن والذين يهاجمون الإسلام ويقولن أنه يحرم الفنون فتقديم مثل هذا الفيلم يؤكد أن الإسلام كدين ليس ضد الفن والإبداعپ علي اعتبار أنهما وسائل متميزة وراقية لتوصيل الرسالة ونشر الذوق ورفع مستوي الأخلاق بين كلپ أفراد المجتمع بالإضافة إلي تعميق المفاهيم الوطنية والأخلاقية والقضاء علي السلبيات التي قد تنتشر في المجتمع لأنه من الواضح اليوم أن هناك تيار جديد يحاول السيطرة علي السينما بحيث تُستخدَم لنشر الرذيلة والفحشاء بزعم أنهم يعرضون للظواهر التي تنتشر في المجتمع ويحذرون منها وانا أوجه سؤال لهؤلاء وهو ما الذي يفيد المجتمع من عرض مشهد اغتصاب مقزز علي شاشة السينما ؟پفالسينما نعمةى عظيمةى يجب أن يُستفاد منها في تربية النشء وترسيخ كل ما هو صالح ويفيد في التربية. ونحن نريد السينما في زيِّها الجميل الذي يستفيد منه الفرد والمجتمع. حكمة بالغة يؤكد الدكتور محمد الشحات الجندي. الأمين العام الاسبق للمجلس الأعلي للشئون الإسلامية أن استخدام السينما لهو من الوسائل الفعالة بعيدا عن التشنج والغلو فهو ردا مناسبا وقويا علي الافتراءات الكاذبة التي حدثت في الفترة الأخيرة. ويقترح أن يركز الفيلم علي القيم ويصحح المفاهيم الخاطئة التي يرددها أعداء الإسلام. ويبين أن الرسول صلي الله عليه وسلم بعثه الله تعالي رحمة للعالمين كما ورد في القرآن الكريم وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين. وأن هذه الرحمة لا تقتصر علي المسلمين الذين آمنوا بدعوة النبي بل تتعداهم إلي غيرهم من أمم الأرض. وأن الإسلام يعتبر من أساسيات إيمان أتباعه. الإيمان بجميع الديانات السماوية الأخري. والإيمان بالأنبياء والرسل الذي بعثهم الله تعالي هداة للبشرية. وأن احترام هؤلاء الأنبياء والرسل وتوقيرهم. جزء من الإيمان برسالة محمد صلي الله عليه وسلم. والتأكيد علي أن الدين الإسلامي وسع أتباع الديانات السماوية الأخري. وترك لهم الحرية في إقامة شعائر دينهم. ولم يجبرهم علي اعتناق الإسلام. بل جاء في الكتاب الكريم تخيير الله تعالي غير المسلمين بقوله: فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر. دون إكراه أو إجبار علي اعتناق الإسلام. وأن النبي صلي الله عليه وسلم لم يجبر أحدا علي اعتناق الإسلام ولم يأمر صحابيا أو جيشا من جيوش المسلمين بإبادة مجتمع إن لم يؤمن أهله بالدين الإسلامي. وقال : من الضروري أن نركز في هذا العمل الفني الراقي علي رفق الإسلام وأتباعه بغير المسلمين لدرجة منحهم من أموال زكاة المسلمين ما يستعينون به علي حياتهم إن عجزوا عن الكسب. ليعلموا أن الإسلام يعطي ولا يأخذ. يمنح ولا يمنع. ولا يطمع في الاستيلاء علي مال أحد أو حرمان أحد من ملكه وأنه لم يحدث في تاريخ الإسلام أن أحدا من الفاتحين لبلاد غير المسلمين استذلهم أو أخذ مالهم وممتلكاتهم أو أتلف معابدهم ومقدساتهم. لأن بغية الإسلام أن يعتنق الناس دين الله تعالي بحرية واختيار. فعظمة هذا الدين أنه يأمر أتباعه بمعاملة غير المسلمين بالحسني. حتي أن الله تعالي خاطب نبيه بقوله قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله. وهذا يدل علي أن الإسلام العظيم لا يتصف بالعنصرية. ولا يأمر أتباعه ببغض أصحاب الديانات الأخري. بل إنه من عظمة الإسلام تسامحه مع أصحاب الديانات الأخري. ودعوته إلي الصفح عنهم وإن صدرت منهم إساءة للإسلام وأهله. وقد حدث هذا من النبي صلي الله عليه وسلم لما فتح مكة. رغم ان أهلها كانوا قد اشتطوا في إيذائه. حتي أنهم تآمروا علي قتله وقاموا بتعذيب المسلمين والتنكيل بهم. لكن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال لهم قولته المشهورة: ما تظنون أني فاعل بكم. قالوا خيرا. أخ كريم وابن أخ كريم. قال: اذهبوا فأنتم الطلقاء. كما حدث هذا مع أهل الطائف الذين رجموه بالحجارة حتي أدموا قدمه الشريفة.