أكدت الدكتورة نيفين عبدالجليل استشاري تنمية موارد بشرية أن التحلي بفضائل العطاء والتسامح والحب والتزام أصدقاء وصحبة الخير من أهم مفاتيح تحقيق النجاح والتفوق والتغلب علي أزمات وتحديات الحياة.. مشيرة إلي أن الاحتماء بمظلة الثقة بالله والتمسك بالأمل يجعل حياتنا أكثر سعادة وتفاؤلاً.. حذرت من تفشي ظاهرة التخوين والعداء التي تقسم المجتمع وتنذر بكارثة تهدد البناء الوطني. جاء ذلك في ندوة "كيف تحقق أهدافك وأحلامك؟" التي عقدتها اللجنة الثقافية بنادي النصر الرياضي بمصر الجديدة تحت رعاية رئيسة النادي د.سحر عبدالحق.. قالت د.نيفين: إن الشعب عامة والشباب خاصة يعيش حالة من الاحباط واليأس منذ قيام ثورة يناير. وازدادت في الفترة الأخيرة لدرجة الانفصام والانقسام والتخوين والعداء اتباعاً لمنهج "من ليس معي فهو عدوي".. محذرة من أن هذه الحالة في حد ذاتها تعد كارثة ومأساة يجب التخلص منها وسريعاً حتي لا ينهار البناء الوطني.. مطالبة باتخاذ هذه الأزمة مبرراً للنجاح والتقدم. فمن رحم المعاناة والأزمات يخرج النجاح والتفوق. ولمزيد من التجاوب والتفاعل اتبعت د.نيفين منهج مشاركة الحضور في طرح الأسئلة والإجابة المشتركة. فتساءلت لماذا أتينا إلي الدنيا؟ وأجابت: لقد خلقنا الله تعالي في هذه الدنيا لنعمرها ونعبده سبحانه وتعالي فهو القائل: "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة.." وقوله أيضاً: "وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون.." لكن هناك من يأتي إلي الدنيا ويخرج منها دون أن يترك أثراً يذكر به فهو إنسان "عادي" وإذا كانوا يقولون في الأمثال الشعبية "اللي خلِّف ما مات" فالأصح أن يترك الشخص عملاً يجعل الناس تتذكره. فالإنسان بعمله. والحديث الشريف يقول: "إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث.. صدقة جارية. أو علم ينتفع به. أو ولد صالح يدعو له" أكدت د.نيفين أهمية أن يبدأ الإنسان مبكراً في اكتشاف وصقل مواهبه وقدراته لأنه "ما تأخر من بدأ" والمشكلة الأكبر فيمن لا يبدأ مطلقاً معللاً ومبرراً تأخره لأسباب تافهة فهذا الشخص لن يتقدم أبداً.. وذكرت قصة صاحب "كنتاكي" ذلك الرجل العادي الذي كان يعمل في محطة بنزين وبعد خروجه علي المعاش أعطوه مكافأة نهاية الخدمة 60 دولاراً فقط فما كان منه إلا أن يبحث عن بديل. فأخذ يقدم لزملائه سابقاً وجبات الطعام. ولم يستمر طويلاً فقد أغلقت البنزينة. فأخذ يعرض بضاعته علي حوالي 1008 مطاعم وكلها ترفض. ولم ييأس فعاد لمنزله ووجد البنزينة قد عادت للتشغيل وعمالها يطلبون طعامه ثم أخذ يتوسع حتي وصل إلي ما هو عليه الآن. وتوفي الرجل بعد 25 عاماً عن عمر يناهز ال 95 وهذا يعلمنا أن يضع كل إنسان له هدفاً أمامه ويسعي لتحقيقه خطوة خطوة. وليس شرطاً أن يكون الهدف شخصياً بل قد يكون وطنياً أو محلياً جداً علي مستوي الشارع أو الحي أو المنطقة التي يسكنها أو حتي العمارة التي يسكنها. خطوات النجاح وأولي خطوات النجاح لأي هدف كما توضح د.نيفين أن تكون هناك رؤية أو حلم والتطلع دائماً للأفضل نحو الهدف المنشود. فبدون الرؤية يعيش الإنسان ويموت وهو شخض "عادي" فما نؤمن به ونصدقه هو ما سيكون. والحديث القدسي يقول: "أنا عند ظن عبدي بي..." فإن كان هذا الظن خيراً لصاحبه وإن كان غير ذلك فلا يلومن الإنسان غير نفسه! والحديث الشريف يشير إلي أن "الأعمال بالنيات".. تستدرك د.نيفين قائلة: لكن سنة الله في كونه أن يعين المجتهد بغض النظر عن الدين أو غيره. لذلك نجد اليابانيين من أنجح البشر لالتزامهم وإيمانهم بقدراتهم وإمكاناتهم ورغبتهم في التفوق رغم أنهم يتعبدون أدياناً ليست سماوية. فلا علاقة لذلك بنجاحهم أو فشلهم. والدراسات العلمية أثبتت أن النابغين لم يستخدموا أكثر من 3% من قدراتهم. فما بالنا لو كانت النسبة أكبر؟! الإلهام الداخلي وشيء آخر في غاية الأهمية لفتت د.نيفين إليه الانتباه يتمثل في ضرورة وأهمية الإلهام الداخلي باعتباره سبب النجاح لدي الكثيرين. مع الإصرار علي إكمال الطريق نحو الهدف وإبعاد عناصر الإحباط للاحتفاظ بالنظرة الإيجابية. فالدنيا كلها من اختيارنا وما نريده هو ما يتحقق فعلاً. ورغم كثرة الإحباطات فلابد أن نتغلب عليها. لأن من مشكلاتنا الكبري سيادة ثقافة اليأس والإحباط وتسويد الدنيا من حولنا. مع أن هذا المتشائم يصحو يومياً ويذهب لعمله ويعود. فلماذا لا نعتقد تمام الاعتقاد بالحديث الشريف: "لو أنكم توكلتم علي الله حق توكله لرزقكم كما يرزق الطير تغدو خماصاً وتعود بطاناً"؟! فالسعي هو المطلوب من الإنسان أما التوفيق والنجاح فهو علي الله الذي يرزق ويجازي كل إنسان بعمله. والغريب أن الله يعظم بداخلنا سبل السعي حتي جعله شعيرة من فريضة الحج ونحن لا نعمل به؟! فعلينا أن نستيقن في الله بتحقيقه نجاحنا لكن بشرط سعينا نحوه. وقد ضرب لنا مثلاً بالسيدة هاجر خلال ولادتها فقال لها: "وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطباً جنياً" حيث طلب منها الهز وضمن لها إسقاط الرطب. حتي الوليد لصغير سعي بضرب رجليه في الأرض فتفجر بئر "زمزم". محن وعقبات أشارت د.نيفين إلي أن المحن والعقبات التي تعترض طريقنا نحو الهدف يجب أن نتعلم منها وألا تتحول إلي "شماعة" نعلق عليها فشلنا واستسلامنا بل نجعلها دافعاً لنا للصمود والتحدي والنجاح.. وضربت أمثلة ونماذج لكثير من الأشخاص الذين بزغوا وبرعوا في مجالات مختلفة بعد معاناتهم. ومنهم الزعيم المهاتما غاندي ومقولته "إذا أردت التغيير فكن أنت التغيير الذي تريد" وعميد الأدب العربي د.طه حسين الذي تغلب علي الفقر وفقدان البصر. وتوماس أديسون مخترع المصباح وخوضه 9999 تجربة حتي نجح بسبب حبه وخوفه علي أمه التي تجلت عمليتها الجراحية بسبب دخول الليل وحلول الظلام. ومايكل جون بطل العالم في كرة السلة الذي تغلب علي الفقر والعنصرية ضد سود أمريكا. ومحمد يونس صاحب فكرة بنك الفقراء في بنجلاديش حصل علي جائزة نوبل في السلام لنشره المحبة والسلام بين الناس بفكرته التي تربط بين الاقتصاد ورغبة الناس في الاقتراض لرفع مستواهم المعيشي وبين ضرورة أن يكون مشروعهم مرهوناً بتعاون المجتمع وأن يعود عليه بالنفع والخير.. وطالبت كل شخص بسرعة البدء في تحديد هذفه والسير نحو تحقيقه حتي وإن لم تكتمل خطته بعد لأن البدء مع الخطة "المشوشة" خير من التأخر انتظاراً لخطة منظمة مستقبلية ربما لا تأتي. أكدت د.نيفين أن أول أسس النجاح تتمثل في الثقة بالله فهي المظلة التي تحمينا "ومن يتوكل علي الله فهو حسبه" هذه الثقة تدفعنا دفعاً لتحقيق أهدافنا ونحن مؤمنون بأن الله تعالي لا يريد بنا إلا خيراً لأنفسنا. وما يظهر بعد ذلك من أعداد دليل علي نجاحنا لأن الفاشل لن يعاديه أحد.. والتقرب إلي أصدقاء الخير أو بطانة الخير التي تعين علي فعل الخير والنجاح. والابتعاد عن بطانة السوء وأصدقاء السوء.. ثم يسعي الإنسان للنجاح وليس "التقولب" أو بمعني آخر ليس تقليد الناجحين وإنما أن يكتسب من كل ناجح ميزة ويتفرد بعد ذلك في مجاله. وقد خلق الله الإنسان في أحسن تقويم وليس كما يفسر البعض "خلق الإنسان في كبد" أي عذاب فالله لم يخلقنا ليعذبنا بل ليكرمنا. وتقدم د.نيفين نصيحة لكل من يريد التعلم والنجاح بألا يتعالي بل يتواضع وأكثر من هذا أن يشعر نفسه بأنه أغبي الموجودين. حتي يستفيد منهم جميعاً.. مؤكدة أن الأمل في الغد والمستقبل والتفوق موجود طالما كان هناك مخصون يؤدون أعمالهم وواجباتهم بكل إخلاص. داعية كل مسئول بمساعدة مرؤوسيه لإنجاحهم. فالناجح هو من ينجح من حوله لا أن يسعي لإفشالهم. والدين الحنيف يعلمنا ذلك "لن تنالوا البر حتي تنفقوا مما تحبون" فالعطاء والتسامح والحب هي مفاتيح النجاح وليس هدم الآخرين.. تنصح د.نيفين كل إنسان بمحاولة إسعاد نفسه بأبسط الأشياء لأن السعادة "عدوي" تنتقل بين أسرته والمحيطين به. وإذا سعد الإنسان بالقليل آتاه الله بالكثير. وهذا هو اليقين في الله القائل: "وكان حقاً علينا نصر المؤمنين". علاج الغضب وتساءلت الدكتورة سحر عبدالحق رئيسة النادي: ماذا يفعل الإنسان إذا تملكه الغضب من شخص ما وكان مضطراً للتعامل معه؟ فكيف يكظم غيظه تجاهه؟ أجابت د.نيفين: هناك طريقتان تعتمدان علي تغيير الصورة الذهنية لهذ الشخص لدي الإنسان الغضبان.. الأولي.. وهي تحتاج تدريبات طويلة: أن يتصوره كأرنب وله أذنان طويلان. وكلما قابله وعمل علي إغضابه أن يتذكر بشكله "الأرنبي" وبالتالي فلن يتأثر من سلوكه المسبب للغضب.. أما الطريقة الثانية: أن يسعي لمعرفة الأسباب التي تدعوه لإغضابه. وبيئته وحياته بقدر الإمكان. وربما يصل لمرحلة العطف عليه لما عاناه من أزمات وقد يصير قريباً له. والمثل الشعبي يقول: "ما محبة إلا بعد عداوة" ولنؤمن بأن الله وحده بيده تأليف القلوب ولو أنفق الإنسان ما في الأرض جميعاً ما ألفها.. فعليه أن يلتمس له العذر ويسامحه ومن هنا تنقطع دائرة الغضب لذلك نقول "الصفح منك وإليك. والغضب منك وعليك" وقد طلب الله تعالي من رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم أن يعفو ويصفح ويستغفر لمن يسييء إليه. ويقول أيضاً: "والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس" أفلا نتعلم نحن من ديننا وقدوتنا؟!