تعصب وزير الأوقاف الدكتور محمد مختار جمعة لأزهريته في تحفيظ القرآن الكريم وجعله حكراً علي الأزهريين من خريجي الجامعة.. فوجئت "عقيدتي" عند تجولها في الجامعة العريقة بالإهمال الجسيم في منظومة تحفيظ كتاب الله الذي يعد الرسوب فيه عرضاً مستمراً إلا لمن رحم ربي من الطلاب الذين تعودوا قراءة القرآن كما يقرأون الجرائد.. وتبادل الطلاب وأعضاء هيئة التدريس الاتهامات.. فماذا قالوا؟ في البداية التقينا مع عدد من طلاب جامعة الأزهر للتعرف علي آرائهم في القضية. قال عبدالرحمن عيد الطالب بالفرقة الأولي بكلية الشريعة والقانون شعبة شريعة إسلامية: أحمد الله أن رزقنا بأستاذ مخلص في عمله عكس أساتذة كثيرين تحديداً في مادة القرآن الكريم فهذا الأستاذ يواظب علي حضور المحاضرات والقراءة في المنهج المقرر علينا حيث أنه مقرر علينا حفظ سبعة أجزاء ونصف كما أنه يصحح لنا قراءتنا ويسمع لنا ما أخذناه كل ثلاث محاضرات وهذا للتنافس مع زملائنا الآخرين. أشار محمد حسيب الطالب بالفرقة الأولي بكلية اللغة العربية شعبة تاريخ وحضارة إلي التناقض الرهيب داخل الكلية بالرغم من وجود أستاذ لمادة القرآن ووضع هذه المادة ضمن جدول المحاضرات إلا أنه لم ير أستاذ القرآن منذ بدء الدراسة كما أنه لا يعرف اسمه رغم أنه يواظب علي حضور كل المحاضرات. أضاف: الأساتذة يتهموننا بضعف مستوانا ورسوبنا المتكرر في القرآن الكريم لعدم اهتمامنا به رغم أنهم للأسف الشديد هم من يهملون هذه المادة الهامة. ووافقه الرأي محمد سيد.. أولي تاريخ وحضارة قائلاً: أعرف جيداً أن معظم طلاب الأزهر يرسبون في مادة القرآن الكريم وهذا شيء محزن ومخجل لأننا المفترض حافظون للقرآن قبل التحاقنا بالجامعة لكن لسوء التعليم بالمعاهد الأزهرية وإهمال القرآن في الجامعة أصبح الرسوب هو النتيجة الحتمية لهذه المقدمات. أكد كلامه محمد رجب الطالب بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام قائلاً: للأسف الشديد لم يعطنا أستاذ القرآن محاضرة واحدة علي مدي الثلاث سنوات السابقة رغم أن لدينا كل أسبوع محاضرة طبقاً للجدول. أضاف: خوفاً من الرسوب كباقي زملائي قمت بالاستعانة بمحفظ يأتيني أربع مرات في الشهر مقابل خمسين جنيهاً شهرياً.. فهذا هو الحل الوحيد كي أنجح في القرآن. أما عبدالسلام غازي صديقه والطالب بالفرقة الثالثة بكلية الإعلام فقال: علي مدي ثلاث سنوات ونحن نتقدم لإدارة الكلية بشكاوي مختلفة في حق الدكتور أحمد علي أستاذ التفسير وعلوم القرآن لغيابه الدائم عن محاضرة القرآن الكريم فكثير منا لا يعرف شكله لأننا لم نره إطلاقاً. أضاف: المشكلة ليست في حفظ القرآن إنما في معرفة أحكام تجويده وترتيله وهذه هي الطامة الكبري فمعظم خريجي الأزهر وتحديداً خريجو الكليات الشرعية الذين سيعتلون المنبر ويمارسون الدعوة من يحفظ منهم القرآن الكريم قليل والذي يلم بأحكام التجويد والترتيل أقل فما بالنا بخريجي الجامعات الأخري. وحمل محمد سيد الطالب بكلية اللغة العربية مسئولية الرسوب المتكرر لطلبة الأزهر في القرآن الكريم للقائمين علي العملية التعليمية في الأزهر الشريف فهم يتجاهلون القرآن ويهملونه في الجامعة ويرددون القرآن كالببغاء في المعاهد الأزهرية. ضعف البناء عن تفسير هذه الشكوي الطلابية والرد عليها أكد الدكتور أحمد زغلول أستاذ التفسير وعلوم القرآن أن طلاب الأزهر بناءهم القرآني غير سليم. وهذا يرجع لسوء التعليم بالمعاهد الأزهرية وهذا واقع نعاني منه جميعاً وقد ترتب علي ذلك التحاق الطلاب بالجامعة وعدد كبير منهم غير حافظ للقرآن الكريم أما الحافظ فغير ملم بقواعد التجويد. أشار إلي قلة عدد الأساتذة المتخصصين في القرآن وعجز الجامعة عن سد هذا النقص لضعف إمكانياتها. عاب الدكتور أحمد زغلول علي الجامعة عدم تدريسها "أحكام التجويد" خاصة لطلاب الكليات الشرعية فلا يوجد مادة تعرف الطالب أحكام القراءة الصحيحة في حين أنها توجد في بعض الجامعات بالدول العربية وقد نتج عن ذلك أن عدداً كبيراً من خريجي جامعة الأزهر الذين يحفظون القرآن الكريم لا يعرفون أحكام القراءة وهذا يحتم علينا الاستعانة بخريجي معاهد القراءات لتدريس الأحكام كمادة أساسية أما أن يظل الوضع كما هو ويقرأ القرآن مثل الجرائد فهذا غير مقبول. أضاف: لا تمنح شهادة الليسانس أو البكالوريوس إلا بعد اجتياز الطالب امتحان القرآن الكريم شفوياً وتحريراً وهذا شيء جيد ولم يكن موجوداً من قبل كما أن طالب الدراسات العليا لا يسمح باستكمال دراسته إلا بعد اختباره في حفظ القرآن ونجاحه. واقع مؤلم أوضح الدكتور عبدالرحمن جيرة وكيل كلية أصول الدين أن تكرار رسوب عدد من طلاب جامعة الأزهر في القرآن الكريم واقع لا يمكن إنكاره وإن كان واقع مرير لم نكن نتمني وجوده لكن ما باليد حيلة وبالنسبة لكلية أصول الدين فقد قمنا بوضع نظام داخل الكلية أن المعيدين في خدمة الطلاب في وقت فراغ الطالب بأن يقرأ عليه الطالب ما يحفظ ويصحح له المعيد وقد نبهنا الطلاب لذلك مراراً بأن يأتوا للمعيدين إما فرادي وإما جماعات كيفما يشاءون.. لكن الطلاب أنفسهم هم من أفشلوا هذا النظام ولم يذهبوا للمعيدين إما كسلاً منهم وإما عدم مبالاة وتحمل المسئولية وكان نتيجة ذلك ضعف مستواهم في القرآن الكريم. أوضح الدكتور جيرة أنه فيما يتعلق بتكرار الرسوب في جامعة الأزهر وليس في مادة القرآن الكريم وحدها فهذا بسبب عدم وجود معاهد عليا فمهما كان الطالب ضعيف في الثانوية الأزهرية يلتحق بالجامعة وهذا خطأ كبير لأننا نعاني من ضعف المستوي وتكرار الرسوب لسنوات طويلة والحل إما إنشاء معاهد عليا أو السماح للطلاب بالالتحاق بالمعاهد الخاصة.