شرع الله تعالي الطلاق لإنهاء العقد المقدس بين الزوجين اذا استحالت العشرة والحياة بينهما رغم انه سبحانه وصفه بأبغض الحلال. وقد يكون طلب الطلاق من قبل الزوج أو الزوجة أو هما معاً ومن هنا وجدت أشكال متعددة لإنهاء تلك العلاقة المقدسة والتي منها الطلاق. الخلع. الإبراء.. لكن المشكلة أن كثيرا من الناس يقعون ضحايا هذا الطلاق ومن خلفهم الأبناء والأسر رغم انه بامكانهم تجنب ذلك اذا أحسنوا الاختيار حتي لا يكون زواجهم مسبوقاً بعوامل الطلاق. فما هي الأسباب التي تؤدي الي الطلاق؟ وهل يمكن تجنبها؟ تقول م. ع: بعد الزواج فوجئت أنني أمام شخصية غير سوية. بخيل جدا. يتعاطي مخدرات. ويجلس كل ليلة مع أصدقاء السوء. ثم وصل به سوء الخلق الي أن يطلب مني الجلوس مع أصدقائه مقابل هدايا ونقود. وعندما رفضت اذا به يتعدي علي بالضرب والسب فقررت الانفصال عنه وأخبرته بأنني سوف أبرءه من جميع مستحقاتي المتعلقة بالطلاق. ولكنني فوجئت به يساومني علي دفع مبلغ من المال مقابل الطلاق فذهب اليه أهلي للتفاوض معه علي الطلاق مقابل مبلغ من المال علاوة علي التنازل عن جميع مستحقاتي الزوجية فوافقت لأتنسم هواء الحرية النظيف. وتقول أخري: تزوجته عن قصة حب طويلة ولم تثمر بانجاب أطفال لمرض الزوج. الا انها اكتفت بالعيش في كنف الزوج متناسية غريزة الأمومة وعندما كان يمر بأزمة مالية تساعده بدون أي ملل أو ضجر مما حفزه علي الدخول في مشروع كبير وطلب منها مبلغا من المال وعندما رفضت إنهال عليها بالضرب المبرح والسب والطرد من منزل الزوجية متناسياً تضحياتها فقررت طلب الطلاق ولكنه رفض فقررت إعطاءه المبلغ الذي كان يريده من أجل الطلاق فوافق. وتقول أخري: توفي زوجي تاركاً لي بنتين ومعاشا بسيطا لا يعيننا علي أعباء الحياة. لذلك وافقت علي الزواج مرة أخري خاصة انه كان ميسورا ووعدني بأنه سيكون عونا لي في تربية ابنتاي ولكنني اكتشفت بعد الزواج انه يتعامل مع ابنتي الكبري بطريقة غير مريحة حتي ان البنت شعرت بذلك وأخبرتني فطلبت منه الطلاق فورا ولكنه رفض فقام أخي بطلب الطلاق في مقابل الإبراء فوافق. الطلاق.. بالاتفاق يعلق د.حامد أبو طالب عميد كلية الشريعة والقانون سابقا. عضو مجمع البحوث الاسلامية بقوله: يجوز للرجل والمرأة أن يتفقا علي الطلاق لقاء مبلغ من المال أو شيء له قيمة. فيجوز أن تتفق زوجة مع زوجها علي أن تفك قيد النكاح بأن تعوضه ما غرمه من الزواج كأن تدفع له مبلغا من المال ويمكن تسمية هذا المبلغ بتعويض عما غرمه في تأسيس المنزل أو جبر لخاطره عما أصابه من ضرر نتيجة طلاق زوجته أو مساعدة له علي تحمل أعباء المعيشة والحياة بدون هذه الزوجة. ويجوز أن يكون إعطاء مبلغ من المال من جانب الرجل لزوجته لمساعدتها في تربية أبنائه وقد يكون جبرا لخاطرها وهذا بخلاف أعباء الطلاق من مؤخر ومتعة ونفقة. فالاسلام يدعونا ألا ننسي الفضل بيننا "ولا تنسوا الفضل بينكم". لتستديم المودة بين الزوجين حتي بعد الطلاق. وتحتسب طلقة "بائنة". الطلاق بالإبراء ويوضح د.أبو طالب صورة أخري من صور الطلاق وهي: الإبراء قائلا: إن الإبراء صورة من صورالاطلاق ولكنه يكون من قبل الزوجة في حالة اذا ما كانت كارهة للزوج وتريد أن تحل عقدة النكاح فتبريء الزوج من تبعات الطلاق بمعني انها تتنازل عن النفقات والالتزامات المتعلقة بالطلاق وتبرئ زوجها من هذه المبالغ ويطلقها علي هذا الأساس. فهو لن يغرم شيئا ولن يكلف بأي شيء. وفي هذه الحالة يكون الطلاق بائناً. وهذه الصورة من صور الطلاق تختلف عن الخلع الذي يتم عن طريق القضاء وحيث تلتزم الزوجة من قبل القاضي بأن تدفع لزوجها المبالغ التي قدمها لها وردها اليه ويطلقها القاضي طلقة بائنة. ويقول د.حامد: ان كل ما سبق من أشكال الطلاق جائز شرعا ولا شبهة حرمة فيه بالاتفاق الا اذا كان الزوج يضيق علي زوجته ليضطرها الي دفع مبلغ من المال وهي كارهة له ومع هذا يرفض أن يطلقها الا علي مال فهذا حرام شرعاً. أسلوب أصوب ومن الناحية السيكولوجية يقول الدكتور فتحي الشرقاوي أستاذ علم النفس بكلية الآداب جامعة عين شمس: من المؤكد أن الطلاق في بعض الأحيان يكون هو الأسلوب الأصوب والأكثر ايجابية لطرفي المعادلة. ومن هنا جاز تحليل الطلاق خاصة اذا استحالت الحياة بين الطرفين وكانت لها آثار سلبية عليهما وعلي الأبناء مثل اصابة أي من الطرفين بالاضطرابات السلوكية والأخلاقية التي يمكن أن تقوض وحدة الأسرة وما دون ذلك. نجد الآن أشكالا من الطلاق غريبة علي المجتمع المصري منها تهديد أي طرف من الطرفين بدفع مبلغ من المال أو اعلان التنازل عن الحقوق في مقابل منح رخصة الطلاق وهذا الأمر يعد استغلالا لطبيعة العلاقة التي هي من المفترض أن تكون سكناً ومودة للأسرة وهذا النوع من العلاقات المشينة استغلالا لحاجة طرف في مقابل الانفصال له العديد من الآثار السلبية منها: تشويه صورة الرجل وتحويله من صورة المسئول الذي يتحمل المسئولية الي صورة المستغل الذي ينتهز الفرص. ان الأبناء الصغار يشبون في هذا المجال ويستمعون بدورهم الي ما حدث من قدوتهم "الأب" فان ذلك يؤدي بهم الي تقمص شخصية الأب الهزيلة ومن ثم يرادفون بين الرجولة والفهلوة والرجولة واقتناص الفرص والرجولة والندالة مما يجعلهم يرفعون قائمة المنحرفين فرداً فرداً. تغيرت الأسباب وعن التحليل الاجتماعي للقضية تقول د.درية عبدالرازق أستاذ علم الاجتماع بكلية بنات عين شمس: كانت الأسباب المألوفة والمؤدية لطلب الطلاق بخل الزوج أو انحدار أحد الزوجين عن الآخر في المستوي الثقافي أو الاجتماعي أو الاقتصادي أو التعليمي وكذلك طمع الزوج في مال الزوجة أو العكس أو الكذب بين الزوجين أو انعدام الثقة بينهما أو عدم اجادة الدور لكل منهما أوالاعجاب باحدي الفنانات أو الاعجاب باحدي زميلات العمل. أما الآن فان متغيرات الحياة أدت الي ظهور عوامل جديدة تعد أسباباً رئيسية للطلاق. فانتشر بسببها المرض والقلق والاكتئاب والأمراض الجسمية ذات المنشأ النفسي وعدم التحمل والصبر. ان انعدام الفهم الصحيح لما يدور حولنا يجعل الأفراد يتخذون قرارات غير محسوبة العواقب في حياتهم. فتفقد الأسرة أواصرها فالأب والأم والأبناء لا تربطهم رابطة الأسرة فيعمل كل منهم بمعزل عن الآخر. وأصبح الزوج يقايد الزوجة علي حريتها وهي أيضا حتي الأبناء أصبح كل واحد منهم منعزلا عن الأسرة نتيجة انخراطهم في عالم جوجل. فيس بوك. تويتر وممارسة الألعاب المزروعة علي النت. أصبح هدفهم الكسب المادي وليس العملي أو العلمي ومن ثم فالزوج الطامع في طلاق زوجته في مقابل مال هو نتاج مجتمعه وبدأ الصوت الأعلي للمادة. طرق الحلول وتضع د.درية مجموعة من الحلول منها: علي المصريين أن يلتفوا حول المصلحة العامة ويلتفت الوالدان لمصلحة الأبناء. علي علماء الدين أن يعيدوا المتغيبين لعقولهم. علي المرأة أن تدرك أن دورها من أقوي الأدوار في رعاية أبنائها. ان التفاف الأبناء حول آبائهم ضرورة لاستقامة الأسرة. لم يعد الطلاق يمثل قضية بالنسبة للأبناء فهم منفصلون عن أسرهم وهم معهم ولذلك يجب أن يعاد تربية الأم والأب لممارسة دورهم.