عقب الإعلان مباشرة عن إنشاء الاتحاد العالمي للطرق الصوفية الأسبوع الماضي بالعاصمة الفرنسية باريس. حرصت ¢عقيدتي¢ علي إجراء اول حوار صحفي مع الأمين العام والمتحدث الرسمي للاتحاد. ونظرا لضيق الوقت استثمرنا فرصة تواجدنا لأكثر من ساعتين بمطار شارل ديجول الدولي وأجرينا هذا الحوار الذي اكد خلاله الشيخ عبد الحليم العزمي أن الصوفية لم ولن تكون أداة في يد احد أيا كان. بل هي في خدمة الإسلام والمسلمين. وأن فرنسا إذا كانت قد وافقت علي استضافة أول لقاء تأسيسي للاتحاد فهي لم ولا تستطيع التدخل في شئونه. بل إنها أكثر احتياجا- ومعها كل المجتمعات الغربية التي عانت وتعاني من الإرهاب والتطرف - لنشر المنهج والفكر الصوفي لاعتداله ونبذه لأي تطرف. نفي العزمي وجود أي تنافس مع المشيخة العامة للطرق الصوفية فالعلاقة بينهما توافقية في العمل الدعوي الصوفي. ولكل إطاره وحدوده. مشيرا الي أن الاتحاد يسعي لتوحيد كلمة 600 مليون صوفي علي مستوي العالم. فنّد العزمي القول بالتشبه بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين الذي يرأسه د. يوسف القرضاوي. محذرا من أن اتحاد د. القرضاوي يُغطي علي مشروع تقسيم المسلمين. في حين ان اتحاد الصوفية يؤلف ويوحد بينهم. وفيما يلي نص الحوار : 1⁄4 حدثنا عن الاتحاد وكيف جاءت الفكرة لتأسيسه؟ ** الاتحاد العالمي للطرق الصوفية فكرة لتوحيد صفوف ستمائة مليون صوفي علي مستوي العالم ممثلين في شكل عشرات الطرق الصوفية. من أجل نشر الوسطية والتسامح لأمن واستقرار المجتمعات الإنسانية. والأخذ بيدها إلي طريق العدل والحق بدلاي من الإرهاب والظلم. وقد جاءت فكرة تأسيس الاتحاد استجابة للنداء الرباني: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" "آل عمران: 200". وتحقيقا لقوله صلي الله عليه وآله وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة علي الحق لا يضرهم من خالفهم حتي يأتي أمر الله" وإدراكا من شيوخ الطرق الصوفية ومفكريها للخطر الذي يهدد الأمة الإسلامية في وجودها ومعتقداتها ومقدراتها. وشعورا من أهل الشريعة والحقيقة بضرورة المرابطة والمجاهدة. والصبر والمصابرة. من أجل تعبئة قوي الأمة واستنهاض هممها. وتحريضها علي تجاوز حالة الضعف والاستكانة. لمواجهة الخطر الداهم المتمثل في وحشية النظام العالمي الجديد. الذي يتبني الفوضي الخلاقة. وعدم الأمن والاستقرار للسيطرة علي المجتمعات. وتأكيدا علي أن العمل الجماعي هو القاعدة لاستعادة دور الأمة الإسلامية الحضاري. باعتبارها أمة وسطا شاهدة علي الناس. تؤمن بأن تزكية النفس ومجاهدتها لبناء الشخصية الإسلامية الصالحة هي الطريق إلي الانتصار علي الضعف. والكفيلة بتحريك طاقات الأمة في مواجهة أعدائها. توحيدد الصوفية * ما هو الهدف من إنشاء الاتحاد؟ ومن أي الأعضاء تم تأسيسه؟ **بالنسبة لأهداف الاتحاد. فهي تنحصر فيما يلي: تحقيق الترابط والتعاون بين الطرق الصوفية علي مستوي العالم. ونشر الفكر الصوفي الوسطي الذي لا يميل إلي الإفراط أو التفريط. وإقامة مجتمع إسلامي يتحلي بأخلاق وآداب الإسلام. والتي تساعد علي العمل والإنتاج وبناء حضارة تفخر بها الأجيال القادمة. وتم تأسيس الاتحاد من تسعة عشر شيخا مصريّا في المؤتمر التأسيسي الذي عقد بالعاصمة الفرنسية باريس في الفترة من 2-4 نوفمبر 2013م. وتم اختيار المجلس الأعلي المؤقت للاتحاد كما يلي: السيد علاء أبوالعزائم شيخ الطريقة العزمية رئيسا. والسيد أحمد الحافظ التجاني شيخ الطريقة التجانية نائب رئيس الاتحاد للشئون الخارجية. والسيد محمد عبد الخالق الشبراوي شيخ الطريقة الشبراوية نائب رئيس الاتحاد للشئون الداخلية. والسيد عبد الحليم العزمي الحسيني الأمين العام والمتحدث الرسمي للاتحاد. والشيخ عمر البسطويسي السكرتير العام للاتحاد. والسيد محمد عبد المجيد الشرنوبي شيخ الطريقة الشرنوبية البرهامية أمين الصندوق. وسائل النجاح * ما هي وسائل تحقيق أهداف الاتحاد العالمي للطرق الصوفية؟ ** لقد اتفق الحاضرون بالمؤتمر التأسيسي للاتحاد العالمي للطرق الصوفية علي تحقيق أهداف الاتحاد بما يلي: 1- خروج الصوفية من الخلوات إلي الجلوا. وضرورة تحولهم من صالحين إلي مصلحين. وانتشارهم في المجتمعات الإسلامية لقيادة عملية الإصلاح. ونشر أخلاق وآداب الإسلام. 2- الاهتمام بالجانب الإعلامي الصوفي عن طريق إصدار مجلة دورية لخدمة التصوف عالميا باللغة العربية والإنجليزية. 3- عقد مؤتمرات دورية لبحث أوجه العمل الإيجابي لمصلحة الصوفية والتصوف. 4- التواصل العلمي عن طريق تبادل المطبوعات بين الطرق الصوفية. 5- عمل موقع للاتحاد علي الإنترنت لتسهيل تبادل المعلومات. 6- العمل علي بث قناة فضائية صوفية. تعمل علي توحيد كلمة المسلمين. ومواجهة التحديات والمخاطر التي تهددهم. 7- إنشاء صندوق مالي تابع للاتحاد لتمكين الطرق الصوفية من تنفيذ برنامجها الإصلاحي الشامل. 8- نشر منارات وزوايا الصوفية في جميع أقطار العالم. وجعلها مراكز إشعاع لنور الإيمان والإسلام والتقوي. 9- تقديم العون المادي والروحي للمسلمين المستضعفين في جميع أنحاء العالم. 10- حث الصوفية علي أن يمارسوا حقوقهم الكاملة في الحياة السياسية والاقتصادية والثقافية حيثما كانوا. واستثمار ثقلهم البشري والروحي في خدمة قضايا الإسلام والمسلمين. الباب مفتوح * هل باب الانضمام مفتوح للطرق الأخري سواء مصرية أو غير مصرية؟ ** نعم. باب الانضمام للاتحاد مفتوح للطرق سواء مصرية أو غير مصرية. أو مسجلة في هيئات صوفية أو غير مسجلة. فأي مسمي "طريقة" يحق له أن ينضم إلي هذا الاتحاد. ولا يحق لهيئة أو منظمة أو اتحاد أو ائتلاف أن ينضم للاتحاد العالمي للطرق الصوفية لأنه لا يقبل إلا الطرق الصوفية فقط. * وهل يعتبر الاتحاد كيانا موازيّا للمشيخة العامة للطرق الصوفية في مصر؟ ** المشيخة العامة للطرق الصوفية في مصر عملها دعوي محلي خاص ببلد واحد هو مصر. أما الاتحاد العالمي للطرق الصوفية فعمله دولي يشمل كل المجتمعات التي يقطنها صوفية. وبالتالي فعمل الاتحاد أوسع وأشمل من عمل المشيخة العامة للطرق الصوفية. ويحق لأعضائها أن ينضموا للاتحاد بصفتهم طرقا صوفية. أما المشيخة العامة للطرق الصوفية بمصر فلا يحق لها الانضمام للاتحاد لكونها هيئة وليست طريقة. أما من ناحية العمل الدعوي لنشر التصوف الإسلامي فالمشيخة العامة للطرق الصوفية والاتحاد العالمي للطرق الصوفية يتفقان في هذا العمل ولا خلاف بينهما فيه. * هل سيكون هناك تعاون مع الكيانات الصوفية الأخري سواء في مصر كالمشيخة العامة. أو خارج مصر كالمجلس الصوفي العالمي برئاسة السيد الشهاوي. أو كالاتحادات والكيانات والطرق الصوفية في دول أفريقيا وآسيا وأوروبا؟ ** قلت فيما سبق أن الهيئات والاتحادات والمنظمات والائتلافات لا يحق لها الانضمام للاتحاد العالمي للطرق الصوفية. فقط الطرق الصوفية في جميع دول العالم تستطيع الانضمام لهذا الاتحاد. وهذا لا ينفي أن يكون هناك تعاون مع الكيانات الأخري من أجل الإسهام في الدفاع عن الإسلام والمسلمين والأخذ بيد البشرية من هوة العنف والتطرف والإرهاب. * في ظل حالة الانقسام الصوفي.. كيف تري واقع وصورة تسيير شئون الاتحاد؟ **الاتحاد دعوة لتوحيد الصف ليس علي المستوي المحلي أو الإقليمي فقط وإنما علي المستوي العالمي. واعتقد أن ويلات فترة الانقسام الماضية التي مرت بها الأمة الإسلامية ستكون حافزا لتفعيل دور الاتحاد العالمي للطرق الصوفية ودعمه من أجل تحقيق جميع أهدافه. * البعض ينتقد الاسم لأنه شبيه بالاتحاد العالمي لعلماء المسلمين فما ردكم؟ وهل بالفعل الاتحاد الصوفي كيان بديل لمنافسة اتحاد القرضاوي المحسوب علي الإخوان؟ ** أولا: ما يسمي الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين هو الغطاء الديني لمشروع تقسيم العالم العربي والإسلامي. ولا يتكلم فيه سوي شخص واحد هو القرضاوي. ومن يطالع فتاواه يجد أنها تصب في مصلحة هذا المشروع. ثانيا: الاتحاد العالمي للطرق الصوفية هو عمل شعبي لنشر الأخلاق المحمدية بين مختلف المجتمعات الإنسانية وليس منافسا لأحد. وكما هو معلوم أن المنهاج الصوفي يتميز بالاعتماد علي القدوة الصالحة. وبسر القدوة الصالحة استطاع الصوفية حمل راية الإسلام إلي كل مكان. وأيضا عدم وجود إرهابي أو متطرف واحد تحت عباءة الصوفية. ثالثا: يجب أن تكون الصحوة القادمة صوفية المنهج. لأن المنهج الصوفي هو الحل الأمثل لمشكلات الأمة الإسلامية والعالم أجمع. وخصوصا الأخلاقية منها والاجتماعية والاقتصادية. رابعا: لما كانت مصر هي قلب الأمة النابض- والتاريخ خير شاهد- كان الاقتراح بتأسيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية. من داخل الطرق الصوفية بمصر. مصر التي وصف سيد الخلق سيدنا ومولانا محمد صلي الله عليه وآله وسلم أهلها بأنهم في رباط إلي يوم القيامة. وبأنهم خير أجناد الأرض. وترك وصية واضحة للأمة الإسلامية أين كانوا وكيف كانوا بقوله صلي الله عليه وآله وسلم: "استوصوا بأهل مصر خيرا". العلاقة الفرنسية *ما العلاقة بين إعلان الاتحاد ودعم الحكومة الفرنسية له؟ هل هو تدعيم لفئة أو كيان إسلامي ضد آخر إسلامي. أي ضرب المسلمين بعضهم ببعض؟ أم محاربة الإرهاب والتطرف في المجتمعات الغربية؟ ** إن دعم الحكومة الفرنسية لمؤتمر الدور الصوفي في أمن واستقرار المجتمعات الذي عقد بباريس وأسفر عن تأسيس الاتحاد العالمي للطرق الصوفية ينحصر في الموافقة علي إقامته وتسهيل التأشيرات للحاضرين فقط. ولا دخل للحكومة الفرنسية من قريب أو بعيد في تدعيم المؤتمر ماديّا أو معنويّا. والتاريخ خير شاهد أن الطرق الصوفية لا تستعمل من قبل أحد ضد أحد. بل هي بوسطيتها تستطيع أن تجمع كلمة الأطراف المختلفة. والأقرب للعقل السليم أن الحكومة الفرنسية وغيرها من العالم الغربي الذي يعاني من التطرف والإرهاب المتشدد تحتاج إلي وسطية واعتدال المنهج الصوفي الذي هو جوهر وحقيقة الإسلام. * ما الخطوات التالية للاتحاد بعد المؤتمر التأسيسي الذي عقد بباريس؟ ** اتفق المشاركون في المؤتمر التأسيسي بباريس علي تشكيل لجنة من الحضور بصفتهم الأعضاء المؤسسين للاتحاد. لوضع تصور كامل لعمل ونشاط اللجان النوعية واختصاصاتها وأوجه نشاطها. وذلك خلال أسبوعين من تاريخه. واختيار رؤساء ومقرري وأعضاء تلك اللجان. علي أن تعقد الاجتماعات بصفة دورية. كما تقرر بصفة مبدئية تشكيل عدة لجان نوعية. وهي ¢العضوية. والدعوة. والثقافة. والعلاقات العامة والإعلام. والحوار الديني. والعلاقات الدولية والمؤتمرات. واللجنة القانونية¢ وتكليف رئيس الاتحاد باتخاذ الإجراءات اللازمة لاستكمال إجراءات التأسيس وإشهار الاتحاد. ومتابعة الاتصال مع الطرق الصوفية الراغبة في الانضمام إلي عضوية الاتحاد. والاتصال بالجهات المعنية لحين استيفاء جميع الأوراق اللازمة. علي أن يتبع الإشهار الدعوة إلي عقد جمعية عمومية للاتحاد العالمي للصوفية خلال شهرين من تاريخ الإشهار. وذلك لانتخاب المجلس الأعلي للاتحاد العالمي للطرق الصوفية والهيكل التنفيذي. * كلمة أخيرة تود أن توجهها للأمة الإسلامية؟ 1⁄41⁄4 علي مر التاريخ الإسلامي كان للنهج الصوفي دوره في خدمة دين الله. وبناء الأمة الصالحة. وكان السبب وراء نجاح الصوفية وجود القدوة الصالحة.. فلقد قدم الصوفية طوال التاريخ الإسلامي أمثلة حية نابضة بتعاليم الإسلام. وكان أعلام الصوفية العظام خير قدوة للمجتمعات الإسلامية في كل العصور. فاستضاء المسلمون بنورهم وتأسوا بهم. وساروا علي نهجهم. ذلك لأنهم جسدوا تعاليم الإسلام في الواقع. كما كانوا علي الدوام ورثة الأحوال لسيد المرسلين صلي الله عليه وآله وسلم. واستطاع أعلام الصوفية في كل البلدان الإسلامية قيادة الجماهير المسلمة تحت راية المنهاج الصوفي الحكيم. وظهر قادة صوفية عظام أثَّروا في مجتمعاتهم تأثيرا بالغا من أمثال: الجنيد والجيلاني والرفاعي والبدوي والدسوقي والشاذلي وأبو العزائم وعبد السلام الأسمر وعبدالقادر الجزائري وعمر المختار ومحمد الفاتح وسيف الدين الباخرسي والعز بن عبدالسلام.. وغيرهم. لذلك نوصي القيادة السياسية أن تفسح المجال لهذا المنهج في الانطلاق إعلاميّا وثقافيّا وتعليميّا لعلاج التطرف والإرهاب في المجتمعات. وتبني أنشطة ثقافية واجتماعية إلي جانب النشاط الديني يعتمدها الاتحاد العالمي للطرق الصوفية. تجوب جميع دول العالم.