* يسأل أحمد باسم من القاهرة: هل نعيم وعذاب القبر حقيقة أم لا؟ ** يجيب الإمام الأكبر د. محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق: أن الآيات القرآنية التي أشارت إلي نعيم القبر أو عذابه كثيره وأن بعض الأحاديث النبوية قد صرحت بذلك. أما الآيات القرآنية فمنها الآية التي استشهد بها سيادته وهي قوله - تعالي - في شأن فرعون وأتباعه: "النار يعرضون عليها غدواً وعشياً ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب" "غافر الآية 46" أي: أن فرعون وأتباعه يعرضون علي النار في أول النهار وفي آخره وهم في قبورهم. ويوم القيامة يقال لملائكة العذاب: أدخلوهم في أشد ألوان العذاب بسبب كفرهم وإصرارهم علي الباطل. قال القرطبي عند تفسيره لهذه الآية ما ملخصه: والجمهور علي أن هذا العرض في البرزخ - أي في المدة التي بين موت الإنسان وبعثه يوم القيامة كما قال سبحانه وتعالي: "ومن ورائهم برزخ إلي يوم يبعثون" - قال مجاهد وغيره: هذه الآية تدل علي عذاب القبر في الدنيا ألا تراه يقول عن عذاب الآخرة: "أدخلوا آل فرعون أشد العذاب".. وروي البخاري ومسلم عن ابن عمر رضي الله عنهما - أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال - إن أحدكم إذا مات عرض عليه مقعده بالغداة والعشي إن كان من أهل الجنة فمن أهل الجنة. وإن كان من أهل النار فمن أهل النار فيقال هذا مقعدك حتي يبعثك الله إليه يوم القيامة "تفسير القرطبي ج15 ص318 طبعة دار الكتب". كذلك من الآيات القرآنية التي وصفت الشهداء بأنهم بعد مفارقتهم للدنيا أحياء عند ربهم يرزقون وهم في قبورهم. من هذه الآيات قوله سبحانه: "ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتاً بل أحياء عند ربهم يرزقون" "سورة آل عمران: الآية 169". فهذه الآية صريحة في أن الشهداء بعد مفارقتهم للدنيا يحيون حياة سارة يرزقون فيها رزقاً حسناً ولكن بكيفية لا يعلمها إلا الله تعالي. ايضا من الآيات التي أشارت إلي البشارات التي يبشر الله - تعالي - بها عباده الصالحين وهم في اللحظات الأخيرة من حياتهم قوله تعالي: "إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون" "سورة فصلت: الآية 30". أي: تتنزل عليهم الملائكة لتقول لهم في ساعة احتضارهم علي سبيل البشارة: لا تخافوا مما أنتم قادمون عليه في المستقبل ولا تحزنوا علي ما فارقتموه من أموال وأولاد. أما الآيات القرآنية التي أنذرت الكافرين والظالمين بسوء مصيرهم في ساعات الاحتضار فمنها قوله سبحانه: "ولو تري إذ الظالمون في غمرات الموت والملائكة باسطوا أيديهم أخرجوا أنفسكم اليوم تجزون عذاب الهون بما كنتم تقولون علي الله غير الحق وبما كنتم عن آياته تستكبرون" "سورة الأنعام الآية: 93". أما الأحاديث النبوية التي أخبرت بنعيم القبر أو عذابه. فمنها ما جاء في الصحيحين عن ابن عباس أن رسول الله صلي الله عليه وسلم مر بقبرين فقال: إنهما يعذبان وما يعذبان في كبير بلي إنه كبير: أما أحدهما فكان يمشي بين الناس بالنميمة. وأما الآخر فكان لا يستتر من بوله أي: كان لا يستتر عن الأعين. أو كان لا يهتم بالطهارة بل يترك البول يلوث جسده أو ثيابه. ومنها ايضا ما جاء في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها - أن النبي صلي الله عليه وسلم كان يقول في دعائه: "اللهم إني أعوذ بك من فتنة القبر ومن عذاب القبر". وقد ورد في روايات أخري عن بعض الصحابة أنه كان يقول ذلك بعد التشهد الأخير وقبل السلام. ولاشك أنه صلي الله عليه وسلم لا يستعيذ بالله تعالي إلا من شيء حاصل وواقع. والخلاصة: أن نعيم القبر أو عذابه من الأمور التي أشار إليها القرآن الكريم. وأخبر عنها سيدنا رسول الله صلي الله عليه وسلم ولا ينبغي لمؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر إيماناً حقاً أن ينكر ذلك. بل عليه أن يؤمن بذلك. وأن يفوض كيفية هذا النعيم في القبر. أو العذاب فيه إلي الله تعالي وأن يكثر من الدعاء بأن يجعل الله تعالي قبره روضة من رياض الجنة لا حفرة من حفر النار. ونسأل الله تعالي للجميع السداد والإخلاص في القول والعمل.. والله سبحانه وتعالي أعلم.