* يسأل عوني لطفي من الدراسة بالقاهرة: كيف حارب الاسلام الارهاب؟ وهل ارهاب الدولة للخارجين يعد ارهاباً ممنوعاً؟ ** يجيب د.عبدالرحمن العدوي عضو مجمع البحوث الاسلامية بالأزهر: الارهاب لغة من رهب رهبة ورهبا: خافه. وأرهب ورهب فلانا خوفه وفزعه. والارهابيون وصف يطلق علي الذين يسلكون سبيل العنف وترويع الآمنين لتحقيق أهدافهم السياسية وغيرها. والارهاب الذي هو تخويف الغير وتفزيعه يتنوع الي نوعين: النوع الأول: ارهاب محمود ومطلوب وهو تخويف أهل البغي والظلم وترويعهم ليكفواعن بغيهم وظلمهم. وهو مطلوب شرعا ويثاب فاعله عند الله ويحمده الناس. وهو سبيل ردع الخارجين علي حدود الله ومنع غيرهم من أن يسلكوا طريقهم. ويدخل في ذلك تعقب الشرطة للجناة وقطاع الطريق والمتآمرين وتجار السموم البيضاء والمخدرات ومحاصرتهم والهجوم علي أوكارهم. فانهم ان علموا أن القوة التي تطاردهم قادرة علي البطش بهم أوقفوا نشاطهم المدمر وكفوا عن جرائمهم فيقل الشر والفساد في الأرض ويتحقق أمن الناس علي أنفسهم وأموالهم وأعراضهم وذلك من مقاصد الشريعة وغاياتها. ومن الارهاب المحمود ما شرعه الله من حدود الجنايات علي النفس أو ما دونها. أو الاعتداء علي العرض أو المال أو الدين أو العقل. فان هذه الحدود زاجرة عن ارتكاب هذه الجنايات فتقل الجرائم ويأمن الناس ويشهد لذلك قول الله تعالي: "ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب لعلكم تتقون" "البقرة: 179". ومن الارهاب المحمود إعداد الدولة قواتها وتسليحها وتأهيلها لتكون قوة رادعة ترهب كل من يريد الاعتداء علي أرض الدولة أو مصالحها أو يعوق مسيرتها ورسالتها الداعية الي خير الناس جميعا. وفي ذلك يقول الله تعالي: "وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا تعلمونهم الله يعلمهم" "الأنفال: 60". وبالجملة فان الارهاب المحمود هو الذي يمنع وقوع الظلم والبغي أو يوقع العقوبة بالجناة والمعتدين والمفسدين في الأرض. النوع الثاني: ارهاب مرذول مذموم تجب محاربته شرعاً وتعقب أهله والقضاء عليه. وهو تخويف وتفزيع الآمنين. والاعتداء علي حياتهم وحرمانهم بغير حق وصولا الي أغراض حرمها الشرع كالاستيلاء علي الأموال أو هتك الأعراض أو تخريب العمران أو إشاعة الفوضي والاضطراب أو تفريق أمر الجماعة أو الاستيلاء علي الحكم بالقوة والعنف أو احتلال أرض الآخرين أو كتم أنفاسهم وكبت حرياتهم ومحاربتهم وفرض الحصار عليهم ليخضعوا للظلم ويستسلموا للبطش والتخويف والارهاب. هذا النوع من الارهاب حاربه الاسلام وأوجب علي القادرين محاربته ومواجهته بالقوة الرادعة التي تحمي العباد والبلاد من شروره ومفاسده. ووضع الضوابط والأحكام التي تجب مراعاتها في سبيل القضاء علي هذا النوع من الطغيان وتأمين حياة الناس. وعرف الفقه الاسلامي هذه الضوابط والأحكام أخذاً من كتاب الله وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وذكرها مفصلة في أبواب منه تحمل الأسماء التي تدل علي نوع الاعتداء وتشتمل علي أسلوب مقاومته والعقوبات الرادعة لكل معتد. فجاءت عناوين هذه الأبواب في كتب الفقه علي النحو التالي: قتال أهل البغي عقوبة الحرابة وقطع الطريق دفع الصائل.