أطفالنا فلذات أكبادنا تمشي علي الأرض.. مقولة مأثورة توارثتها الأجيال إلا ان الواقع العملي يؤكد اننا نضر بأبنائنا بقصد أو بدون قصد خاصة طوال الموسم الدراسي حيث نغرس عادات سلبية فيهم مما جعل لسان حالهم يقول "هذا جناه أبي عليّ وما جنيت علي أحد".. من هنا تأتي أهمية الارشادات التربوية والنفسية للآباء والأمهات التي قدمها المتخصصون في الندوة التي نظمها معهد الدراسات العليا جامعة عين شمس تحت عنوان "أطفالنا والعام الدراسي". في البداية أشار الدكتور جمال شفيق أحمد رئيس قسم الدراسات النفسية بمعهد الدراسات العليا للطفولة جامعة عين شمس إلي أن الدراسات العلمية الحديثة أكدت ان إلحاق الطفل بمرحلة رياض الأطفال تساعد وتفيد بدرجة كبيرة في تنمية جوانب نموهم النفسية والجسمية والعقلية والحركية والإدراكية واللغوية كما تساهم أيضا في تطوير قدراتهم وميولهم. ونظرا لأن الأطفال يلتحقون برياض الأطفال وهم في مرحلة "الطفولة المبكرة" لذلك فإن أي خبرات تحدث يمكن أن تترك بصماتها وآثارها علي أحواله وتصرفاته وسلوكه وشخصيته وتمتد هذه الآثار طوال فترة حياته ولانتقال الطفل من بيئة الأسرة الآمنة إلي بيئة الروضة الغامضة بهدوء وسلام يجب أن يعي الوالدان ان ذهاب الطفل إلي الروضة أمر مفرح ومبهج يشرح الصدر ومعناه ببساطة انه كبر وأصبح علي أعتاب سلم العلم الذي سيفتح له آفاق المستقبل والنجاح. ويجب علي الأسرة ضرورة تهيئة الطفل وإعداده قبل دخول الروضة بوقت كاف بالقصص الجميلة عما يرتبط بالروضة وبأن ذهابه إليها هو مكافأة وجائزة علي حسن أدبه وطاعته داخل الأسرة. ومن المفيد أن يوضح الوالدان للطفل ان الروضة هي فرصة لتلبية بعض احتياجاته التي لا تستطيع تحقيقها داخل المنزل مثل انها مكان واسع للألعاب الكثيرة "كالمرجيحة أو الزحليقة" وان هناك أطفال من أصدقائه سوف يشاركونه اللعب والمسابقات مع بعضهم البعض. أيضا إعطاء الطفل مساحة محدودة من التصرف بحرية واستقلال في بعض الأمور البسيطة داخل الأسرة حتي يستطيع الاعتماد علي نفسه والتصرف السليم في بعض أموره الخاصة وضرورة التحلي بالهدوء وتوعية الطفل بأسلوب بسيط دون تخويف أو تهويل وتقديم النصح بالمحافظة علي اغراضه الخاصة وعدم المساس باغراض زملائه إلا بعد استئذانهم. وطالب بترغيب الطفل وحثه علي ممارسة سلوك التعاون والمشاركة والمساعدة والتعاطف مع أصدقائه وتبادل الأدوار في الأخذ والعطاء لتنمي بداخله مشاعر الحب والانتماء.. وتدريب الطفل وتشجيعه علي حب الزي المدرسي والأدوات المدرسية مثل "الحقيبة القلم الممحاة المسطرة البراية" حتي يألفها ويحبها ويحافظ عليها وحث الطفل وتشجيعه علي ضرورة المحافظة علي الأشياء الموجودة بالفصل من مقاعد وألعاب وحوائط وغيرها وعدم اتلافها واكتشاف ميول الطفل وقدراته ومهاراته ومواهبه الخاصة والعمل علي تنميتها وتطويرها وتشجيعه وتحفيزه ومكافأته باستمرار. يجب علي الوالدين مراعاة الانسحاب التدريجي في الاسبوع الأول من التحاق الطفل بالروضة وعدم تعويده علي الوجود معه طوال اليوم وعدم تراخي أو استسلام الوالدين لعدم تقبل الطفل للروضة واشعاره بقيمة الروضة وأهميتها ومزاياها وان كل الأطفال في مثل سنه يحبون الذهاب للروضة والتمتع بما فيها ومراعاة أولياء الأمور لتواجدهم بالروضة عند ميعاد انصراف أطفالهم بوقت كاف حتي لا يشعر الطفل بالخوف من عدم حضور أحد الوالدين لاصطحابه إلي المنزل مرة أخري.. وكذلك اتباع اسلوب الحوار الهادئ في التفاهم مع الطفل غير المتقبل للروضة والانصات اليه بحب واهتمام والإجابة عن استفساراته بأسلوب منطقي بسيط يناسب قدراته المحدودة وعدم التسرع لنقله إلي فصل آخر أو روضة أخري لأن ذلك من شأنه أن يزيد المشكلة تعقيدا وتأزما وعدم الصراخ في وجه الطفل أو اتهامه بالفشل حتي لا يفقد الثقة في نفسه وتنتابه مشاعر الدونية والنقص والعجز والانهزامية وكراهية الذات والخجل والانطوائية والانسحاب. وحث الدكتور جمال شفيق إدارة الروضة ومشرفاتها علي ضرورة توافر الكوادر المؤهلة للتعامل السليم مع الأطفال في هذه الفئة العمرية وإجادة فهم احتياجات الأطفال ومتطلباتهم في النواحي الجسمية والعقلية والانفعالية والاجتماعية وسبل اشباعها وتحقيقها والتطبيق التربوي السليم "لبرنامج الاسبوع التمهيدي" بالروضة والذي يتم من خلاله التخفيف التدريجي لمشاعر الخوف والرهبة والغربة لدي الأطفال مما يبعث في نفوسهم الطمأنينة والألفة والراحة النفسية قدر الامكان وإثارة وتدعيم حب الروضة في نفوس الأطفال من خلال توفير أدوات اللعب والترفيه المختلفة وممارسة الأطفال للألعاب الجماعية والتنافسية والفردية حتي نسرع من درجة تفاعلهم واندماجهم مع بعضهم البعض وتوزيع الهدايا والجوائز الرمزية والحلويات والعصائر في الاسبوع الأول بالروضة مما يجذب الأطفال اليها ويجعلهم يحبونها ويرتبطون بها بصورة سريعة وضرورة أن تتعامل إدارة الروضة والمشرفون مع قلق وخوف أولياء الأمور بصورة ايجابية قائمة علي احترام مشاعرهم والتعاطف معهم والتعاون لما فيه راحة وسعادة أطفالهم. الصحة والجمال وتحدث الدكتور مجدي بدران عضو الجمعية المصرية للحساسية والمناعة فأشار إلي أهمية الموسيقي في المدرسة حيث تحول دروس الموسيقي المدرسة إلي مدرسة جاذبة للأطفال وتفيد في الاسترخاء النفسي والإقلال من العنف والتوتر والمشاحنات وتحسن سلوك الأطفال وتزيد من تقبلهم للمدرسة والنظام المدرسي وترفع مناعتهم بزيادة كيمياء السعادة علي حساب كيمياء الغضب وكذلك زراعة مساحات كبيرة في المدارس خلف الأبنية وفوق الأسطح والممرات وأمام الفصول وأرصفة المدرسة ذلك لأن اللون الأخضر يفيد في الاسترخاء والإقلال من التوتر والتلوث الذي يؤثر علي التحصيل الدراسي لأن اللون الأخضر يعمق الانتماء ويفهم الأطفال شعار "من زرع حصد" حينما يشاهدون المزروعات تكبر أمامهم كل يوم وتزيد من حبهم للأرض والبيئة والوطن. اضافة إلي الفوائد التغذوية حيث تزرع بعض المدارس الفاكهة والخضراوات ويتناولها الطلاب ومن الممكن عقد دروس عملية للرياضيات والعلوم والتربية الزراعية والتربية الفنية في حديقة المدرسة وإذكاء روح التنافس بتشجيع الطلبة علي زرع النباتات ورعايتها وكتابة اسمه علي الإناء الحاوي لها ومكافأة من يهتم بزرعه علي مدار الفصل الدراسي. أيضا من الأهمية العودة للاهتمام بالملاعب ودروس الرياضة البدنية حيث اثبتت الدراسات الحديثة ان ممارسة الطلبة لمجهود عضلي ساعة علي الأقل يوميا يحميهم من أخطار السمنة وارتفاع ضغط الدم وأمراض القلب والسكر. علاوة علي رفع مناعتهم وكفاءتهم الذهنية حيث ان قلة الحركة تضاعف معدلات حساسية الشعب الهوائية وتقلل المناعة. ونبه د. مجدي بدران إلي أهمية وجبة الافطار فهي تعزز القدرات الذهنية وتقوي الذاكرة. أما اهمال الافطار يزيد فرص تناول المأكولات المصنعة والمشروبات الغازية التي تمدهم بالطاقة الفارغة وتؤدي إلي الاصابة بالسمنة والأنيميا. لذلك يجب الاهتمام بالأغذية الغنية بالكالسيوم الموجود في اللبن والسمك والسردين والسلمون والبيض واللحم. أما التغذية المدرسية الحالية فهي غير جذابة وغير متنوعة ولا تلبي الاحتياجات الغذائية للأعمار المختلفة وقد تحدث حالات تسمم بسبب ضعف الرقابة. أشار د. بدران إلي مخاطر الشنطة المدرسية غير الصحية حيث تؤدي إلي آلام العضلات والمفاصل والشعور الدائم فيما بعد بالتعب ومشاكل بالضلوع وعضلات العنق وأعلي وأسفل الظهر والكتفين والساقين والقدمين وتقوس بالعمود الفقري وانحنائه لأحد الجانبين وعند تجاوز وزن الحقيبة 10% من وزن الطفل تتأثر وظائف الرئة سلبيا نتيجة لميل العمود الفقري جانبيا وبالتالي تقييد حركة الرئة المعنية في التنفس ولذلك يفضل شراء شنطة مدرسية خفيفة الوزن أو المجرورة "بعجل" والأفضلية للحقيبة التي ترتكز علي الكتفين ومزودة بحزام حول الخصر. روح التنافس أكد الدكتور عمر السيد الشوربجي عميد- معهد الدراسات العليا للطفولة- ضرورة أن تكون المدرسة مركزا للحفاظ علي البيئة بأن تكون المدرسة عنوان للنظافة في الحي أو القرية وعقد مسابقات دورية تنمي حب البيئة ومكافأة المتميزين "جوائز لأصدقاء البيئة علي مستوي الفصول والمدارس" انشاء نواد للبيئة. غرس ثقافة ترشيد استهلاك الموارد البيئية وتدريب الطلبة للعمل سفراء للبيئة في مجتمعاتهم ينشرون ثقافة ترشيد استهلاك الموارد البيئية في أسرهم والحفاظ علي ممتلكات المدرسة من مبان ومقاعد ومعامل ومرافق ومقاصف وملاعب والتقليل من استهلاك الطاقة. عدم تلويث المياه والحفاظ علي النباتات وعدم اقتلاع الأشجار أو قطف الزهور والحد من تلوث الهواء والتوعية بمخاطر زحف الغابات الأسمنتية علي الأراضي الزراعية.