قاربت أيام شهر رمضان المبارك علي الانتهاء ولذا فإنا نذكر كل مسلم عرف فليلزم وكل من التزم في رمضان أن يكون عبدا لله ملتزما طائعا وأن يكون ربانياً وألا يكن عبدا رمضانياً وكما تعودنا دائماً أقدم لكم هذا الموضوع في ثلاثة عناصر أولها الثوابت الإيمانية . ها هو رمضان قد انتهي فمن كان يعبد رمضان فإِنَّ رمضان قد فات ومن كان يعبد الله فإِنَّ الله حيى لا يموت. لقد انتهي شهر الصيام. انتهي شهر القيام والقرآن. انتهي شهر البر والجود والإِحسان. ربح فيه من ربح وخسر فيه من خسر. فليت شعري من المقبول منا في رمضان فنهنيه ومن المطرود المحروم منا فنعزيه. فيا عين جودي بالدمع من أَسفي علي فراق ليالي ذات أنوارِ علي ليال لشهر الصوم ما جُعِلَت إلا لتمحيص آثامي و أوزارِ ما كان أحسننا والشمل مجتمع منا المُصَلِي ومِنَّا القانتُ القاري فابكوا علي ما مضي في الشهر واغتنموا ما قد بقي من فضل أعمارِ مما لا ريب فيه أَنَّ الله جل وعلا قد فضل شهر رمضان علي سائر الشهور والأَزمان. واختصه بكثير من رحماته وبركاته. ويسر الله فيه الطاعة لعباده مما لا يحتاج إِلي دليل أَو برهان. فأَنتَ تري المسلمين في رمضان ينطلقون بأَريحية ويسر إِلي طاعة الرحيم الرحمن جل وعلا. ولم لا؟ قد غُلِّقت أَبواب الجحيم. وفتحت أَبواب النعيم. وغل فيه مردة الجن والشياطين. فأَنتَ تري الناس تقبل علي طاعة الله وعبادته بأَريحية عجيبة. ولكن ما يُحزن القلب ويؤلم النفس أَنكَ تري كثيراً ممن عطروا بأَنفاسهم الذكية المساجد في رمضان يعرضون عن طاعة الله رب البرية بعد رمضان. وكأَنهم في رمضان يعبدون رباً آخر. فالإِيمان له ثوابت لا يستغني عنها المؤمن حتي يلقي الكبير المتعال. فمثلاً الصلاة: مَن مِن المؤمنين الصادقين يستغني عن الصلاة بعد رمضان؟ انظر إِلي المساجد في رمضان. وانظر إِلي ذات المساجد بعد رمضان. وهل يستغني مؤمن صادق مع الله عن هذا الأَصل الأَصيل وعن هذه الثوابت الإِيمانية حتي يلقي رب البرية وهو الركن الثاني من أَركان هذا الدين قال تعالي: "حَافِظُوا عَلَي الصَّلَوَاتِ وَالصَّلاَةِ الْوُسْطَي وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ" "البقرة: 238" . وقال جل وعلا: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ" "الحج: 77" . وحذر الله أشد التحذير من تضييع الصلاة ومن تركها في رمضان أَو غير رمضان فقال جل وعلا:"فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفى أَضَاعُوا الصَّلاَةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا" "مريم: 59" . وقال جل وعلا: "كُلُّ نَفْسي بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةى إِلاَّ أَصْحَابَ الْيَمِينِ فِي جَنَّاتي يَتَسَاءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ" "المدثر: 38-43". فيا من هيأَ الله له صيام شهر رمضان لا تضع الصلاة. فالصلاة صلة لك بالله. ومعين لك يطهرك من المعاصي والذنوب. وفي الصحيحين من حديث أَبي هريرة أَنَّ النبي صَلَي اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: ¢من غدا إِلي المسجد أَو راح أَعَدَّ الله له نُزلاً في الجنة كلما غدا أَو راح¢. الراوي: أبو هريرة - المحدث: البخاري - المصدر: الجامع الصحيح - الصفحة أو الرقم: 662 - خلاصة الدرجة: صحيح. الراوي: أبو هريرة - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 669 - خلاصة الدرجة: صحيح. وفي صحيح مسلم من حديث أَبي هريرة أَنَّ النبي صَلَي اللهُ عَليهِ وَسلَّم قال: ¢أَلا أَدلكم علي ما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات؟¢ قالوا: بلي يا رسول الله قال:¢ إسباغ الوضوء علي المكاره. وكثرة الخُطا إلي المساجد. وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط. فذلكم الرباط. فذلكم الرباط¢. الراوي: أبو هريرة - المحدث: مسلم - المصدر: المسند الصحيح - الصفحة أو الرقم: 251 - خلاصة الدرجة: صحيح . وافترض الله علي المؤمنين الصلاة وتعبدهم بها في كل زمان ومكان حتي يلقي العبد ربه ليُسأل أَول ما يُسأَل عن الصلاة . وعن أبي هريرة قال صَلَي اللهُ عَليهِ وَسلَّم: ¢إِنَّ أَول ما يُحاسب به العبد يوم القيامة من عمله صلاته. فإِنّ صلحت فقد أَفلح وأَنجح. وإِن فسدت فقد خاب وخسر¢.الراوي: أبو هريرة - المحدث: الترمذي - المصدر: سنن الترمذي - الصفحة أو الرقم: 413 - خلاصة الدرجة: حسن غريب من هذا الوجه. ومن الثوابت الإِيمانية: القرآن . و القرآن حياة القلوب والأَرواح. القرآن حياة النفوس والصدور. القرآن حياة الأَبدان. القرآن شراب النفس وطعامها. فهل يستغني مؤمن عن روحه؟ هل يستغني مؤمن عن أَصل حياته. إِنَّ القرآن يهدي للتي هي أَقوم فلا تضيعوا هذا الطريق ولا تنصرفوا عنها. إِنَّ طرف القرآن بيد الله. وإِنَّ طرفه أَيديكم فإِذا تمسكتم بهذا الحبل المتين لن تضلوا. ولن تهلكوا أَبداً. وهل يستغني أَحدى عن أَن يكلمه الله في اليوم مرات. فمن أَراد أَن يُكلم الله فليدخل في الصلاة ومن أَرادَ أَن يُكلمَه الله فليقرأَ القرآن. وهل تستغن عن ربك أَيها الموحد؟. لا تضيع القرآن بعد رمضان. واعلم أَنَّ الله قد مَنَّ عليك بالقرآن في رمضان فجعلت لنفسك ورداً يومياً. فلماذا بعد رمضان تركت هذا الورد ووضعت المصحف في علبته كأَنك لن تحتاج إِليه إِلا في رمضان المقبل؟! البقيية العدد القادم