أواصل حديثي معكم عن التقوي وأهميتها كسبيل للنجاة في الدنيا والآخرة . وأتطرق معكم اليوم الي قضية في غاية الخطورة ألا وهي المعصية إذ أنها شؤم في الدنيا والآخرة. المعصية ضنك. وشقاء. وضيق. وهم. وقلق وصراع وتكالب علي الدنيا.المعصية.. بلاء ووباء. "وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَي" "124" طه. ضنك في الدنيا. وعمي في الآخرة. بسبب المعصية. قال الصادق الذي لا ينطق عن الهوي. كما في مستدرك الحاكم وغيره بسند صحيح من حديث ابن عمر أنه صلي الله عليه وسلم قال:¢ يا معشر المهاجرين خصال خمس أن ابتليتم بهن . وأعوذ بالله أن تدركوهن . لم تظهر الفاحشة في قوم قط. حتي يُعلنوا بها. إلا فشا فيهم الأوجاع والأسقام التي لم تكن في أسلافهم. ولم ينقص المكيال والميزان. إلا أخذوا بالسنين . وشدة المؤنة. وجور السلطان. ولم يمنعوا زكاة أموالهم. إلا منعوا القطر من السماء. ولولا البهائم لم يمطروا. ولم ينقضوا عهد الله وعهد رسوله. إلا سلط الله عليهم عدواً من غيرهم. فأخذ بعض ما في أيديهم. وما لم تحكم أئمتهم بكتاب الله. إلا جعل بأسهم بينهم¢. والله ما جُعل بأسنا بيننا الآن. إلا لأننا لم نحكّم إلي اللحظة كتاب الله جل علاه. ولم نحكم إلي اللحظة شريعة الله. ولا شريعة رسول الله. وسنظل في هذا الضنك. والهم. والقلق. حتي نرجع إلي كتاب ربنا. وإلي سنة نبينا. فتطبيق الشريعة ليست شعارات مزيفة تُرفع. وليست كلمات باطلة تتردد. لنحصل بها كرسي بمجلس شعب أو مجلس شوري.بل شريعة الله كتاب وسنة بأدب. وحكمة. ورحمة. وتواضع. وعدل. وإنصاف. ليستشعر الناس علي أرض الواقع عدل الشريعة. رحمة الشريعة. عظمة الشريعة. فضل الشريعة. لا أن يخشي الناس الشريعة بسببنا. بسوء أقوالنا. وسوء أفعالنا.ولذا فأنا همي أن يُفرق المصريون والمسلمون بين شريعة الله المحكمة. وبين من يرفعون راية الشريعة من أمثالي. فأنا لست حجة علي الشرع. فإن أخطأت أنا فشريعة الله منزهة ومبرأة من كل خطأ. ومن كل نقص. ومن كل عيب. فلأتحمل أنا أمام الله. ثم أمام خلقه نتيجة خطأي في شريعة ربي وحقها. وتبقي الشريعة مبرأة من كل عيب. ومن كل نقص لأنها شريعة الخالق الذي يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير.¢أن يُطاع فلا يُعصي . وأن يُذكر فلا يُنسي¢..هل نذكر الله؟ هل تلهج ألسنتنا بذكره؟ هل صارت ألسنتنا لا تلهج في الليل والنهار إلا بذكر السياسة.أنا لا أقول السياسة حرام. ولا أقول لا تتكلم في السياسة. لكن أرجوا منك أن تذكر الله عُشر ما تذكر السياسة. اذكر ربك.ألا تتفق معي أيها الحبيب الغالي أن كثير منا الآن يقضي الليل كله حتي يسمع المؤذن يؤذن لصلاة الفجر . والله.. لا يذكر الله في الليلة مرة . ولا يصلي لله في تلك الليلة ركعة. بل وربما لا يصلي الفجر.أنا لا أغالي ولا أبالغ. الرجل أصبح سياسياً صار ناشطاً سياسياً ومحللاً استراتيجياً. لا حرج عليك لكن صلي لا تنسي ذكر الله. فالذكر حياة للقلب. وللروح. بل وحياة للحياة. لا.. أقولها لك بوضوح إن ذكرت الله فأنت حي . وإن غفلت عن ذكر الله فأنت ميت ولو ملأت الدنيا والإعلام ضجيجاً. أنت ميت وإن كنت من عداد الأحياء إن غفلت عن ذكر رب الأرض والسماء. تريد الدليل علي هذا الحكم الخطير؟. خذ قول البشير النذير في الصحيحين من حديث أبي موسي الأشعري أن الحبيب النبي صلي الله عليه وسلم قال: ¢مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت¢. الذاكر لله حي.. والغافل عن ذكر الله ميت. الذاكر لله حي وإن حُبست منه الأعضاء وإن لم يملأ الفضائيات. والإعلام ضجيجاً. وصراخاً. وعويلاً هذا حي. والغافل عن ذكر الله ميت وإن ملأ الإعلام ضجيجاً. وعويلاً. وصراخاً. وكذباً. وافتراء. وانتهاكاً للأعراض وتعدياً علي الحرمات. هذا ميت.. ميت القلب. ميت الضمير. ميت المشاعر. ميت الأخلاق.¢مثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه كمثل الحي والميت¢ روي الترمذي والبيهقي والحاكم بسند صحيح من حديث أبي الدرداء. أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ¢آلا أخبركم - خلي بالك اسمع البشري دي - ¢آلا أخبركم بخير أعمالكم وأزكاها عند مليككم. وأرفعها في درجاتكم. وخير لكم من إنفاق الذهب والفضة. وخير لكم من أن تلقوا عدوكم فتضربوا أعناقهم ويضربوا أعناقكم؟. قالوا: بلي يا رسول الله. قال: ذكر الله¢.ذكر الله خير لكم من كل هذا. ولما لا وأنت إن ذكرته فأنت في معيته. وما أحوجنا الآن ورب الكعبة إلي معيته. قال جل جلاله في الحديث القدسي الذي رواه البخاري ومسلم من حديث أبو هريرة عن سيدي رسول الله صلي الله عليه وسلم: ¢قال الله تعالي: أنا عند ظن عبدي بي. وأنا معه إذا ذكرني¢ .أيها الغافل اذكر. أيها الغافل انتبه. أيها اللاهي انتبه.. "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ.." "7" إبراهيم. هل شكرنا؟.أنا أقول لا والله ما شكرنا. نعم.. لا والله ما شكرنا. إذ لو شكرنا لزادنا فوعد ربي لا يتأخر "وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ" "7" إبراهيم. ما شكرنا الله علي نعمه. ما شكرنا الله علي فضله.بل تأزمنا وتنمرنا. وتجرأنا وتبجحنا. وقال كثير منا أنا فعلت والآخر قال أنا صنعت. والثالث قال أنا الذي قلت. والرابع قال أنا الذي قمت. ونسينا أن الفضل ابتداء وانتهاء للملك.والله لا أملك شيئاً. والله لا تملك شيئاً. والله لا أقدر أن أذكر كلمة واحدة مما أذكره الآن إلا بفضله. وكرمه. وحكمته. وحلمه. ورحمته.والله ما أتيت إليكم إلا بفضله. وما تكلمت إلا بفضلة. وما حفظت آية وحديث إلا بفضله. وما نطق لساني إلا بفضله. وما حفظ جناني إلا بفضله. وما قامت أركاني إلا بفضله. وما وحدته إلا بفضله. وما أتيت إلي بيته إلا بفضله. فأي فضل لك وأي فضل لي؟. الفضل ابتداء وانتهاءاً له.فهل شكرناه؟ هل اتقيناه ليزيدنا من فضله جل علاه؟.أم أننا تجرأنا عليه. وانتهكنا حرماته. وتعدينا علي حدوده. ولم نطبق كتابه. ولا شريعة رسوله صلي الله عليه وآله وسلم. "..إِن تَعُدُّواْ نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا إِنَّ الإِنسَانَ لَظَلُومى كَفَّارى" "37" إبراهيم. فالشكر هو الحافظ. والجالب. هو الحافظ للنعم الحالية. ضاعت كثير من النعم. لعدم الشكر. وهو الجالب للنعم المستقبلية. تأخرت الكثير من النعم لعدم الشكر. وللوقوع في المعاصي.اسمع.. للصادق الذي لا ينطق عن الهوي. كما في الحلية لأبي نعيم بسند صحيح أنه صلي الله عليه وسلم قال: ¢إن روح القدس-يعني جبريل- إن روح القدس نفث في روعي - أي في قلبي- أن نفساً لن تموت حتي تستكمل رزقها وأجلها. فاتقوا الله. وأجملوا في الطلب. ولا يحملن استبطاء الرزق أن يطلبه بمعصية الله فإن ما عند الله لا ينال إلا بطاعته¢.وللحديث بقية العدد القادم بمشيئة الله.