* يسأل سالم عبدالله وهدان من بورسعيد: ما حكم الشرع في حد الحرابة وهل يسقط الحد علي قاطع الطريق إذا أعلن توبته؟ ** يجيب الإمام الأكبر د.محمد سيد طنطاوي شيخ الأزهر السابق: كلمة الحرابة مأخوذة من الحرب. لأن الذين يقومون بقتل الناس واغتصاب أموالهم. هم محاربون لشريعة الله تعالي. فالحرابة أو قطع الطريق. تطلق علي جماعة مسلحة من الناس تتربص بالناس لقتلهم. ولسلب أموالهم. ولهتك أعراضهم. وإحداث الفوضي والإرهاب في المجتمع. دون مراعاة لأحكام الدين. أو للقيم الأخلاقية أو الاجتماعية. أو للكرامة الإنسانية. وقد يكون قاطع الطريق عدداً من الأفراد المسلحين. وقد يكون فرداً واحداً يقطع الطريق علي الآمنين. ويعتدي عليهم بالقتل أو بسلب أموالهم. ويدخل في حكم قطاع الطرق. تلك العصابات التي تقتل الناس وتخطف الأطفال. وتسطو علي المساكن وعلي البنوك وعلي المواصلات. فترعرع زمن المجتمع. وتبث الرعب والخوف في قلوب الناس. وعقوبة الحرابة أو قطع الطريق: وضحها الله تعالي توضيحاً لا خفاء فيه. في قوله سبحانه وتعالي : "إنما جزاء الذين يحاربون الله ورسوله ويسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض ذلك لهم خزي في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب عظيم. إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم فاعلموا أن الله غفور رحيم" المائدة: 33. .34 ومعني "يحاربون الله ورسوله" يحاربون دين الله. وشريعة رسوله. عن طريق العدوان علي الآمنين وقلهم. وسلب أموالهم. وهتك أعراضهم وتمزيق كراماتهم وعقوبة هؤلاء "الذين يسعون في الأرض فساداً أن يقتلوا أو يصلبوا أو تقطع أيديهم وأرجلهم من خلاف أو ينفوا من الأرض". وهذه العقوبة: هي تأمين الناس علي حياتهم. وعلي أموالهم. وعلي أعراضهم. في أسفارهم وفي إقامتهم ولقد بيَّن الرسول صلي الله عليه وسلم في أحاديث متعددة. أن هؤلاء الذين يقتلون الآمنين. أو يعتدون عليهم بأية صورة من صور الاعتداء. ليسوا من الإسلام في شيء. ومن هذه الأحاديث قوله صلي الله عليه وسلم كما جاء في الصحيحين: "من حمل علينا السلاح فليس منا". أي: من حمل السلاح لقتال المسلمين أو غيرهم بدون حق. فليس علي طريقتنا ولا علي هدينا ولا علي شريعتنا. لأن شريعة الإسلام تصون أنفس الناس وأموالهم. وتعاقب بالعقوبات الرادعة. كل من يعتدي علي غيره. لكي يسود الأمان والاطمئنان في الأمة. الشروط التي يجب أن تتوافر فيمن يقام علي حد الحرابة أو قطع الطريق. ما يأتي: أ" أن يكون مكلفاً. أي: بالغاً عاقلاً. فالصبي والمجنون لا يعد الواحد منهما محارباً أي قاطع طريق. لعدم تكليفهما شرعاً. ب" أن يكون حاملاً للسلاح الذي من شأنه أن يخيف الناس. لأن قوة قطاع الطرق في اعتمادهم علي أسلحتهم. وأية أسلحة من شأنها أن تقتل. أو بها يحصل ما يؤدي إلي القتل تعد من باب الحرابة. ج" أن يحدث منهم فعلاً قطع الطريق والعدوان علي الناس. سواء أكان ذلك العدوان داخل المدن أم خارجها. في صحراء أم في غير صحراء. لأن الآية بعمومها تتناول كل من يسفك الدماء. ويسلب الأموال. وينتهك الأعراض. وهذا ما يراه جمهور الفقهاء. د" أن يكون قاطع الطريق مختاراً فإن ثبت أنه مكره أو مجبر. لا يقام عليه حد قاطع الطريق. وإنما مرجع الحكم فيه إلي ما تراه الهيئات القضائية بشأنه. قطاع الطرق علي أربعة أقسام وكل منهم له عقوبته الخاصة به: أ" فإن كان قطاع الطرق قد قتلوا فقط. ولم يأخذوا مالاً من المقتول. قتلهم ولي الأمر. " وإن كانوا قد قتلوا وسلبوا المال من المقتول قتلوا وصلبوا علي خشبة ونحوها. ج" وإن كانوا قد أخذوا المال ولم يقتلوا. قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف بن تقطع منهم اليد اليمني والرجل اليسري. د" وإن كانوا لم قتلوا ولم يأخذوا مالاً. ولكنهم هددوا الناس وأخافوهم. قبض عليهم ولي الأمر. وتفاهم في مكان بعيد. بحيث يعزلهم عن غيرهم وهذا رأي الأحناف والشافعية والحنابلة. حكم توبتهم: دل قوله تعالي : "إلا الذين تابوا من قبل أن تقدروا عليهم" علي أن قطاع الطرق. إذا تابوا وسلموا أنفسهم لولي الأمر قبل القبض عليهم. سقط عنهم حد الحرابة أو قطع الطريق. وعوقبوا بعقوبات أخري تراها الهيئات القضائية مناسبة إلا أن هذه التوبة. لا تسقط عنهم حقوق العباد. فإذا كانوا قد أخذوا مالاً من غيرهم. فعليهم أن يردوا هذا المال لصاحبه. لأن حقوق العباد لا تسقط إلا بدفعها لأصحابها. أو بعفو أصحابها عمن أخذها. أو يعف أو أولياء المقتول عن القاتل. أما حقوق الله تعالي كالصلاة مثلاً فأمرها مفوض إلي الخالق عز وجل إن شاء عاقب سبحانه المقصر. وإن شاء عفا عنه.