حالة من الجدل شهدها الشارع المصري في أعقاب حادث التسمم الثاني للمدينة الجامعية بالأزهر ..البعض رأي أن الحادث متعمد وسياسي وتحاول من خلاله جماعة الإخوان المسلمين - الموجودة في السلطة حاليا - تصفية حساباتها مع الأزهر وإمامه الاكبر .. البعض الآخر رأي أن الحادث يؤكد وجود إهمال في جامعة الأزهر وأن الإخوان لا علاقة لهم من قريب أو من بعيد بهذا الحادث بل أن الإخوان كانوا من أوائل الداعمين لدور الازهر في التوفيق بين القوي والتيارات السياسية المختلفة وأنه لا خلاف بين النظام ومشيخة الازهر الشريف .... عقيدتي فتحت ملف العلاقة بين مؤسسة الرئاسة مشيخة الازهر في محاولة للإجابة عن السؤال المهم .. وهو ما طبيعة العلاقة بين المشيخة في الدراسة وقصر الإتحادية ؟ .. الإجابة نحاول رصدها في التقرير التالي: الحكاية القديمة ..بداية لابد أن نعترف أن هناك لوما مكتوما يحمله الإخوان المسلمون في صدورهم تجاه الإمام الاكبر الدكتور احمد الطيب شيخ الأزهر حيث يعتبرونه السبب في اعتقال عدد كبير من شبابهم خلال شغله منصب رئيس جامعة الازهر وذلك في اعقاب قيام خمسين من شباب الجماعة بتنظيم استعراض فنون قتالية امام مكتب الطيب وبعدها تم اعتقال هؤلاء الطلبة وظن الإخوان المسلمون أن الطيب هو الذي وقف خلف تلك الإعتقالات رغم أن الرجل نفي ذلك بل وبذل جهودا مكثفة حتي تم الإفراج عن هؤلاء الطلبة وعادوا لقاعات دروسهم رغم أن الكثيرين نسوا هذا الموقف إلا أن المهتمون بالشأن الازهري يؤكدون أن الإخوان لم ينسوا ذلك الموقف الذي التبس عليهم للطيب مهما حدث ولهذا جاءت أحداث التسسم المتتالية فرصة لتصفية حساباتهم معه لكن ولأن الواقع يطالبنا باستعراض كل الآراء فإننا سنجد أن هناك الكثير من قيادات الإخوان يؤكدون في العلن رفضهم المساس بشيخ الأزهر وبأي من علماء الأزهر من قريب أو من بعيد حيث أكد الدكتور عبدالرحمن البر - الشهير بمفتي الاخوان. عاد لينتقم من جهة اخري اكد الدكتور الدكتور إبراهيم الهدهد . نائب رئيس جامعة الأزهر. أن كل ما يحدث من اضطرابات داخل الجامعة يهدف إلي سيطرة الإخوان المسلمين علي الأزهر وجامعته مضيفا أن التقارير الطبية تثبت في كل مرة أن الإهمال ليس سببا رئيسيا في حوادث التسمم المتكررة وهناك دليل واضح أن الموضوع مدبر ولا يعقل أن تقع حادثتان مثل هذه الحوادث في تلك الفترة القصيرة. وقال الدكتور الهدهد : إن التصريحات التي أعلنها الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر في زيارته لدولة الإمارات. التي هاجم فيها جماعة الإخوان المسلمين. تؤكد أن الشغب الواقع في الجامعة رد علي هذه التصريحات. واضاف الدكتور الهدهد : من خلال حواراتنا مع اتحاد طلاب جامعة الأزهر وممثليه يثبت أن "الجماعة" تدير ما يحدث في الجامعة. خصوصا بعد تراجع الدكتور أسامة العبد رئيس الجامعة عن تقديم استقالته.نائب رئيس الجامعة قال إنه كان يتوقع تصاعد الأزمة بين الإخوان والأزهر لكنه يؤكد للجماعة أن مؤسسة الأزهر تستعصي علي الاستحواذ وأنها بعيدة عنكم مهما دبرتم لها من مؤامرات . هكذا تؤكد تلك التصريحات عودة أصابع الاتهام لمطاردة جماعة الإخوان المسلمين مرة أخري بعد الاضطرابات التي شهدتها جامعة الأزهر أمس علي خلفية نقل ما يقرب من 200 طالب من طلاب المدن الجامعية للعلاج بالمستشفيات من أعراض التسمم الغذائي عقب تناول وجبة سمك "التونة" المقررة في الجدول الغذائي لمطعم المدينة فالاحتجاجات الطلابية التي قادها اتحاد طلاب جامعة الأزهربرئاسة الطالب الإخواني أحمد البقري نائب رئيس اتحاد طلاب مصر بدأت فجأة وفي نفس يوم تأكيد رئيس جامعة الأزهر الدكتور أسامة العبد علي أحقيته في البقاء بالمنصب وهكذا تم قطع طريق صلاح سالم طوال ساعات الليل وإعادة فتحه بعد اشتباكات مع الأهالي. ثم تجددت صباح أمس باحتشاد المئات من طلاب الجامعة أمام مقر الجامعة بمدينة نصر وأمام مشيخة الأزهر وإغلاق مقر الجامعة بالتزامن مع انعقاد الاجتماع الطارئ لمجلس شئون الأزهر لمتابعة الموقف. علي الجانب الأخر يري الامام الاكبر الدكتور احمد الطيب وعدد كبير من الأزهريين عدم تحميل الأمر أكثر مما يحتمل مؤكدين أن محاولات النيل من الإمام الأكبر محكوم عليها بالفشل. الازهر مستقل في هذا الإطار يقول الدكتور الأحمد أبو النور عضو هيئة كبار العلماء : الأزهر ليس في خلاف مع أحد وإذا كان هناك من يحمل أي ضغينة للأزهر فذلك شأنه وهو الذي سيتحمل تبعات ذلك أن الأزهر مؤسسة علمية وتعليمية. وليس مؤسسة سياسية ولن يخوض في الجدل السياسي الدائر حاليا لأن تحويله لمؤسسة سياسية يعني خضوعها لسلطة أو جهة ما داخل الدولة. وأن دور الأزهر ليس أن يكون جزءا من النظام أو ثائرا عليه. فالأزهر ليس حزبًا سياسيًا وليس مطلوبًا منه أن يصفق لأحد أو يثور علي نظام معين. فالأزهر فوق الجميع. ودور الأزهر علمي ويتلخص في الحفاظ علي الهوية الإسلامية وثقافتها. ولا يجب أن يتقيد بسلطة معينة. وإذا فعل ذلك سيموت. فالأزهر له سياسته واستقلاليته. وإن الأزهر كان له دور رائع في مقاومة الطغيان إذا تعلق الأمر باحتلال أو عدوان خارجي علي البلاد. وإنه إذا حدث مثل هذا الأمر فسيكون أول من يتصدي له. وإن أحدًا لا يستطيع أن يزايد علي موقف الأزهر الداعم لأي حركة تحرير داخل مصر وخارجها. والأزهر لا يتردد ولا يخاف. فالأزهر مؤسسة تعليمية لمصر والعالم. والأزهر ليس له حزب ولن يكون حزبا وإنما هو مرجعية دينية للعالم الإسلامي كله. ملعب السياسة قال الدكتور أحمد عمر هاشم الرئيس السابق لجامعة الازهر وأستاذ السنة النبوية : من الواضح أن هناك من ساءه وجود الازهر كمؤسسة وطنية تمارس دورا مهما لجمع كلمة المسلمين بشكل عام وكلمة المصريين بشكل خاص فحاول جره إلي ملعب السياسة ولكن الأزهر كعادته بشيوخه وعلماءه نجحوا في الإختبار ولم ينجح أحد في استفزازهم و الأزهر يمارس دورًا وطنيًّا معروفًا تاريخيًّا وحضاريًّا ولا يمارس السياسة ولا ينحاز لأي فصيل سياسي أو ديني علي حساب آخر ولم يكن يوما ما طرفًا في أي معادلة سياسية أيًّا كانت وهذا سر قوته ونجاحه وثقة كل القوي والأطياف والجماهير فيه ومن الإنصاف أن نؤكد أنه كان دائمًا في الأزهر عقول تدرك مواطن الخلل وكانت مستعدة للإصلاح. وعندما أتتها الفرصة المناسبة بوصول الدكتور ¢أحمد الطيب¢ إلي مشيخة الأزهر. انطلق قطار الإصلاح بدءًا بالتعليم الأزهري وتطويره. وتكثيف الحوار الجاد بين الإسلاميين وغيرهم من التيارات. الازهر والصراع قال الدكتور نصر فريد واصل . مفتي مصر الأسبق وعضو هيئة كبار العلماء . أن الأزهر بطبعه لا يمارس السياسة ولذا فليس ثمة تعارض بين دور الأزهر ودور أي من مؤسسات الدولة الأخر ولعل هذا ما جعل الأزهر هو الجهة الوحيدة في مصر التي نجحت في حشد كل القوي السياسية في فترات الصراع الخانقة التي مرت بها مصر ولولا جهود الأزهر ولولا مكانته وهيبته لما نجح في لم شمل كل تلك القوي السياسية أكثر من مرة و الأزهر الشريف هو رمز الوسطية الإسلامية علي مدار تاريخه. ولم يتواني عن أي دور من شأنه الدفاع عن الدين والدولة. مطالبًا كافة القوي والجماعات برفع يديها عنه. وتركه بعيدًا عن الصراعات السياسية والنعرات الحزبية الضيقة. لكن الازهر مؤسسة عريقة ولن ينال منها أحد مهما فعل. وبخاصة أنهم يحكمون البلاد بمنطق أصحاب العزبة التي ورثوها عن أبائهم¢.