لا يخفي علي أحد ما تمر به بلادنا في هذه الأيام ولذا أذكر نفسي وإخواني بهذه الوصايا الخمس لأنني أري أن الأحداث الجارية المتلاحقة قد شغلتنا جميعاً وأصبحنا نتابع الأخبار وننتقل من فضائية إلي أخري إلي حد الاستغراق الذي أنسانا أحياناً أصولاً كبيرة أسأل الله عز وجل ألا ينسينا ذكره وألا يهتك عنا ستره. وأرجو ألا يفهم أحد أحبابي أنني أقلل من شأن الأحداث الجارية أو أقلل من شأن المتابعة الدقيقة ..كلا فعلماؤنا يؤصلون لنا لا يجوز للعالم أو الحاكم أو المفتي أن يفتي في مسألة إلا بعلمين: الأول: فهم الواقع والثاني فهم الواجب في الواقع أي فهم الأدلة الشرعية التي تنسحب علي واقعنا الذي نتباحثه ونتدارسه لكن أرجو فقط ألا ننسي في هذه الأحداث المتلاحقة هذه الأصول الكبيرة التي أوصي بها نفسي وإخواني وهي الوصايا الخمس هي تجديد الإيمان . وإخلاص العبادة .تصحيح الأخلاق . إحسان العمل واعتصموا بالله . تجديد الإيمان وأقف معكم اليوم مع الوصية الأولي وهي تجديد الإيمان أخشي ما أخشاه أننا لا نسمع في هذه الأحداث من يذكرنا بربنا جل وعلا ومن يجدد إيماننا بربنا سبحانه وتعالي فلا ينبغي أن ننسي أن ما حدث في مصر إنما وقع بتوفيق الله وحده ووقع بإرادة الله وحده حتي لا يتوهم أحد من شبابنا أو من شعبنا أنه صنع شيئا أو غير أو بدل لولا أن الله تفضل ما استطاع شباب مصر كله بل ولا استطاع شباب الأرض جميعا أن يحدثوا في الكون أو علي وجه الأرض شيئاً لم يقدره ربنا سبحانه وتعالي فلا يقع شيء في الكون إلا بعلمه وتحت سمعه وبصره. قال جل جلاله : { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَيَ كُلِّ شَيْءي قَدِيرى "26آل عمران" فالله جل وعلا هو مالك الملك وهو الذي يحكم ويدبر الكون ولا ينبغي أن يتوهم أحد أن شيئاً ما يقع في أرض الله جل علاه بلا تقدير قدره الله سبحانه تعالي . فالكون كونه والملك ملكه والحكم حكمه والأمر أمره والتدبير تدبيره قال جل وعلا : {قُلْ إِنَّ الأَمْرَ كُلَّهُ لِلَّهِ..."154"آل عمران" .وقال جل وعلا : {وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّي فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْري فَهُوَ عَلَي كُلِّ شَيْءي قَدِيرى " 17 الأنعام قال أعرف الخلق به صلي الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم من حديث أبي موسي الأشعري: [إن الله لا ينام ولا ينبغي له أن ينام يخفض القسط ويرفعه يرفع إليه عمل الليل قبل عمل النهار وعمل النهار قبل عمل الليل حجابه النور لو كشفه لأحرقت سبحات وجهه ما انتهي إليه بصره من خلقه] وجاء رجل من أحبار اليهود إلي النبي صلي الله عليه وسلم يوماً والحديث رواه البخاري ومسلم من حديث ابن مسعود رضي الله عنه ليقول حبر اليهود أي عالم اليهود يا محمد إنا نجد مكتوباً عندنا في التوراة أن الله تعالي يجعل السموات علي إصبع والأرضين علي إصبع والماء والثري علي إصبع والشجر علي إصبع وسائر الخلائق علي إصبع ثم يهزهن ويقول أنا الملك فضحك النبي صلي الله عليه وسلم حتي بدت نواجذه تصديقا منه لقول الحق وقرأ قول الله تبارك وتعالي {وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتى بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَي عَمَّا يُشْرِكُونَ "67الزمر" إملأ قلبك بعظمة الملك واملأ قلبك بالإيمان بالملك واملأ قلبك بجلال الملك ولا تعلق قلبك إلا بالملك الحق سبحانه وتعالي فهو إن إن أمهل لا يهمل { قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاء وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاء وَتُعِزُّ مَن تَشَاء وَتُذِلُّ مَن تَشَاء بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَيَ كُلِّ شَيْءي قَدِيرى "26آل عمران" الله اسم علم مفرد دال علي الذات لصاحبه كل جلال وكل جمال وكل كمال فهو الاسم الذي ما ذكر في قليل إلا كثره ..الله الاسم الذي ما ذكر عند خوف إلا أمنه .. الله الاسم الذي ما تعلق به فقير إلا أغناه ..الله الاسم الذي ما تعلق به مظلوم إلا نصره وآواه .. الله الاسم الذي تستجاب به الدعوات ..الله الاسم الذي تستمطر به الرحمات .. الله الاسم الذي تقال به العثرات .. الله الاسم الذي تستجاب به الدعوات ..الله الاسم الذي بأمره ومن أجله قامت الأرض والسموات. والله الذي لا إله غيره لا يعنيني في هذه المرحلة إلا أن أجدد الإيمان بالله جل وعلا في قلوب أمتي الحبيبة. وفي قلوب شبابنا خاصة. حتي لا يُصاب واحد منا بشيء من الكبر أو العُجب أو الاستعلاء أو الغرور . فوالله أنا لا أملك لنفسي فضلا عن غيري ضراً ولا نفعاً. وأنت أيها العبد لله لا تملك لنفسك ضرا ولا نفعا فضلاً عن غيرك. فليعرف كل واحد منا قدره مع ربه فمن عرف ربه عرف نفسه. من عرف ربه بالغني المطلق عرف نفسه بالفقر المطلق. ومن عرف ربه بالعز التام عرف نفسه بالذل التام. ومن عرف ربه بالقوة المطلقة عرف نفسه بالضعف المطلق. فنحن في الكون لا نشكل أي شيء لولا فضله علينا ولولا ستره علينا لهلكنا وافتضحنا فتعرف عليه وجدد إيمانك به جل وعلا بأسماء جلاله بصفات كماله بالتعرف علي ذاته بالتعرف علي دينه وعلي شرعه فلا عزة لنا إلا بالإيمان به ولا نصرة لنا إلا بالإيمان به ولا استخلاف ولا تمكين لنا إلا بالإيمان به جل وعلا اعلم أن الإيمان به جل وعلا ليس مجرد كلمة ترددها الألسنة فحسب بل الإيمان الذي نُنصر به ونعز به ونمكن به وننجو به ونسعد به في الدنيا والآخرة هذا الإيمان قول باللسان واعتقاد بالجنان وعمل بالجوارح والأركان يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية . وتدبر قول الإمام البخاري رحمه الله يقول :لقيت أكثر من ألف رجل من علماء الأنصار متفقون علي أن الإيمان قول وعمل يزيد وينقص. الإيمان له أركان ألا وهي أن تؤمن بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره كما في الحديث الصحيح الذي رواه مسلم وغيره من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه . الإيمان له حلاوة.. هل تذوقت حلاوة الإيمان ؟!!ش روي البخاري ومسلم من حديث انس أنه صلي الله عليه وسلم قال : [ثلاث من كن فيه وجد بهن حلاوة الإيمان أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله وأن يكره أن يعود في الكفر بعدئذ أنقذه الله منه كما يكره أن يُقذف في النار] هذا الإيمان له طعم.. هل تذوقت طعم الإيمان؟!! .. روي مسلم في صحيحه من حديث عباس ابن عبد المطلب أنه صلي الله عليه وسلم قال: ذاق طعم الإيمان من رضي بالله ربا وبالإسلام دينا وبمحمد صلي الله عليه وسلم نبيا ورسولا. هذا الإيمان له نور.. نعم له نور إذا أشرق نور الإيمان في القلب ذاق صاحب هذا القلب حلاوة وطعم الإيمان روي أبي نعيم في الحلية بسند حسن أنه صلي الله عليه وسلم قال [ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر تدبر معي ما من القلوب قلب إلا وله سحابة كسحابة القمر فبين القمر مضيئ إن علته سحابة فأظلم فإذا تجلت عنه أضاء. يعني كما تحجب السحابة نور القمر عن الأرض كذلك تحجب سحب المعاصي نور الإيمان في القلب فإذا انقشعت سحابة السماء وصل نور القمر إلي الأرض وإذا انقشعت سحابة الذنوب والمعاصي بالتوبة والأوبة أشرق نور الإيمان في القلب رأيت الذنوب تميت القلوب وقد يورث الذل إدمانها وترك الذنوب حياة القلوب وخير لنفسك عصيانها .ولا تعجب أخي الحبيب إن قلت لك .اعلم يقينا أن القرآن الكريم كله من أول سورة الفاتحة إلي آخر سورة الناس في هذه القضية التي أتحدث فيها الآن في قضية الإيمان بالله جل وعلا لأن القرآن إما حديث مباشر عن ذات الله جل وعلا أو أسماء جلاله أو صفات كماله أو أفعاله سبحانه وإما حديث عن أهل الإيمان وعن صفاتهم وإما حديث عن أهل الكفر وصفاتهم وإما حديث عما أعده الله لأهل الإيمان في الآخرة وعما أعده الله لأهل الكفر في الآخرة وإما قصص طويل عن صراع الإيمان وأهله مع الكفر وأهله هذا هو القرآن الكريم كله في قضية الإيمان بالله جل وعلا. فيجب علينا في ظل هذه الأحداث الجارية المتلاحقة أن نتعهد إيماننا بربنا وأن نعلم أنه يزيد بالطاعة وينقص بالمعصية فجدد الإيمان في قلبك وتذكر قول نبيك صلي الله عليه وسلم "إن الإيمان ليخلق في جوف أحدكم كما يخلق الثوب" أي كما يبلي الثوب فاسألوا الله أن يجدد الإيمان في قلوبكم اسأل الله أن يجدد الإيمان في قلوبنا إنه ولي ذلك والقادر عليه .