استكمل ما بدأته في الأعداد السابقة عن "أمونة" الدولة فعهد سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه أي سيطرت بني أميه علي مفاصل الخلافة الإسلامية وإقصاء غيرهم من بني هاشم وآل البيت عن الحكم. فكان أبوموسي الأشعري "الرجل الطيب الصالح" ولي علي البصرة منذ عهد عمر بن الخطاب وهو من الموالين لعلي بن أبي طالب ولما جاء عثمان بن عفان أقال أبوموسي الأشعري وولي مكانه عبدالله بن عامر وهو بن خال عثمان بن عفان وكان لهذا العبد لله من العمر 25 سنة. واستبد عبدالله بن عامر بالعراق وفارس وراح في تعيين رجاله واشترك فيما بعد في الفتنة الذي قتل فيها عثمان. وفي أثناء ذلك عزل عثمان عمرو بن العاص وولي مكانه عبدالله بن أبي وهو أخاه من الرضاعة. وأتوقف ويتوقف معي القارئ عند هذه الأسماء وما ذكرته من قبل: تعين الوليد بن عقبة أخو عثمان من الأم علي الكوفه. تعين عبدالله بن عامر ابن خاله علي البصرة. تعين عبدالله بن أبي صرح علي مصر وهو أخاه من الرضاعة. بالإضافة إلي معاوية بن أبي سفيان علي الشام. ومروان بن الحكم شيخ بني أمية كاتباً خاصاً له. أي أن جميع مفاصل الدولة استأثر بها بنو أميه وإقصاء غيرهم. وتم توليه الأهل والعشيرة علي جميع المناصب. والإنفاق عليهم ببزخ من أموال الدولة. مع هذه "الأمونة" للخلافة الإسلامية اتجه سيدنا عثمان رضي الله عنه إلي التنكيل بالمعارضة بمختلف أنواع التنكير مثلما حدث مع الصحابي التقي المتقشف أبو زر الغفاري الذي هاله انغماس شباب بني أميه في الترف فجعل يحمل عليهم ويدين سلوك هؤلاء وكانت حملة أبا زر لشباب بنو أميه تمثل رأي صحابة رسول الله صلي الله عليه وسلم كلهم ولكن عثمان بن عفان ضاق صدراً بهذه الحملة وبتحريض من شباب بني أميه نفاه إلي الربدة "في بادية نجد" فمات هناك وللحقيقة كما يقول المؤرخون أن عثمان استجاب لحمله أبي زر إلي حد ما. فحظر عدد من الملاهي التي كان شباب بنو أميه مغرمين بها كالقمار فأغضب هؤلاء ولم يستطع دفع نقمة الناقمين. أدت "أمونة" الخلافة وتسليم بني أمية إدارة الدولة تسليم مفتاح إلي إشعال الفتنة التي سوف نتحدث عنها في العدد القادم إن كان لنا عمر.