إن أهم خصائص الدعوة الإسلامية أنها دعوة حكيمة. تنزل العقلاء منازلهم. فلا تفرق في الناس بين عرابي أو اجمعي. أو اسود أو أبيض. أو أحمر أو أصفر. فلا عنصرية فيها. ولا شعوبية فالناس كلهم لأبيهم أدم عليه السلام. فلا فرق لأحد علي أحد إلا بالتقوي والعمل الصالح. وهي بذلك الفهم دعوة عامة للناس كافة. فنور النبي صلي الله عليه وسلم يقبل علي الجميع. حتي يطرد الظلم. ويعيد العقل إلي رشاده. والضرب علي أيدي المفسدين حتي تسلم وتنجو سفينة الحياة من الغرق. فلا دعوي لأنصار الفوضي الأخلاقية. فلا حرية لهم ولا إرادة ولا استقلال ما لم ينضبطوا بشرائع السماء. ويهتدوا بنور أول خلق الله سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. فلا ينفك نور النبي عن العقل طرفة عين. وإلا غرقت الدنيا في ظلمات الجهل والضلال. وهذا ما يوافقنا عليه العقلاء في الزمان والمكان. وما اهتدي إليه المفكر العالمي جارودي. بعد بحث جاد. وطلب دام. فالعقل مرتبط بالنبوة وأول خلق الله صلي الله عليه وسلم منذ البداية. وهو ما اثبتاه بكل جلاء ووضوح في كتابنا الفريد "نشأة العالم وأول خلق الله" ومن هنا نعرف أن إهمال العقل وعدم مخاطبة العقلاء ضد العلم الصحيح والفطرة السليمة والعقل الرشيد والذوق الرفيع. والنهج القويم وكيف يحق لنا أن نهمل مخاطبة العقل والعقلاء وهم مفتاح العلم وثمار الفهم الناضجة. ومنارات الحضارة. والرقي الأخلاقي؟ إن هذا في عرف الحكماء لا يجوز. ولا يستقيم في معني الخلاقة وعمارة الكون وصلاح الحياة. فلم ينشر ديننا إلا بين العقلاء من أمثال أبي بكر .. وعمر .. وعثمان .. وعلي رضي الله عنهم جميعاً. هؤلاء هم الخلفاء الراشدون الأربعة. وحول الرسول من الحكماء ما يجاوز الوصف والعدد فقد التف حوله أعاظم عقلاء البشر. بل كان من بين أصحابه أعاظم أبناء الحضارات ممثلين أصدق تمثيل لأكبر الإمبراطوريات في عصرهم. ففيهم بلال الحبشي. وصهيب الرومي. وسلمان الفارسي. ناهيك عن تضحيات المهاجرين. وحب الأنصار..! هؤلاء وهؤلاء هم الذين حملوا النور المحمدي إلي الآفاق العالمية علي أساس من التسامح ومكارم الأخلاق. والدعوة لله تعالي بالحكمة والموعظة الحسنة. أسوة بمنهج نبيهم وقدوتهم الحسنة سيدنا محمد صلي الله عليه وسلم. لقد كانت الرحمة والعلم والحلم ومكارم الاخلاق ميراثهم من نبيهم صلي الله عليه وسلم فكانت دعوتهم إلي الله سبحانه وتعالي علي بصيرة. فأسوتهم صلي الله عليه وسلم لم يكن قاسياًَ. أو غليظ القلب فظاً. بل كان الرفق دثارة. حتي حببه في نفوسهم فانصبغت نفوسهم به. وامتلأت قلوبهم رأفة ورحمة. فما كان الرفق في شيء إلا زانه. وما نزع من شيء إلا شانه. إن ديننا الحنيف لم يأت إلا لمخاطبة العقل والعقلاء. فالعقل الإنساني قاعدة البناء فلا يستقيم الإسلام بدونه. ولا تعرف العدالة مسارها إلا وصرحها ينبني علي أساس من العقل السليم. فالعدالة والعقل صنوان متلازمان. لا يفترقان. إلا كما يفارق التكليف والمسئولية النائم. والمجنون. والمستكرة المضطر. والغافل الناسي! نعم لا يستقيم الإسلام ولا تقوم اركانه إلا بالعلم والعقل والعدالة. فتلك دعامات الخلافة فلا تقدم في الحضارة والعمارة. ولا صلاح أو إصلاح إلا علي اساس من العقل والعلم والعدالة ومكان الاخلاق. فكراً وعقيدة وسلوكاً. ظاهرا وباطناً شريعة وحقيقة في قسط ووزن وخير فاضل. إن العقل السليم بمنأي عن الظلم والجور وسفا سف الأمور. ولا يوج إنسان عادل حاكما كان أومحكوما. إلا كان العقل زينته. وقلنسوته وتاجه الذي يتحلي به فلا تستقيم له الأمور في مناخ الفوضي وبيئة الشذوذ والتطرف وإشاعة الفحشاء والفجور بين الناس. ومن هنا نعرف. بل ونؤكد أن استقامة الحياة وصلاح الكون لا تكون ولا تتحقق ولا تنتشر إلا بين العقلاء والمتعلمين. ومحبي الفضيلة ومكان الآخلاق. ولا يشك عاقل من البشر أيا كان ولا يستريب من تحقق الغرض وحصول الفائدة بوجه من وجوه الاتفاق بين العقلاء. ولا يقدم في ذلك ما يتبدي بين العقلاء من الخلافات الظاهرة والحادة في الحادة في معظم الاحيان. وإلا ما تعددت العقائد والنظريات. وما تنافرت المذاهب والديانات. وما انقسم الناس إلي طوائف وفرق ولكان الناس أمة واحدة يعيشون اليوم في أمن وسلام. وفي "تبات ونبات" لا يخشون فقراً ولا فاقة ولا مرضاً ولا حتي "الفرة" وانفلونزا الطيور. وما كانوا يخشون زواجا ولا عقماً ولا تكاثراً في الأبناء سواء كانوا أولادا أو بناتا! بل إن الخلاف بين أتباع الدين الواحد ممكن وجائز. ومرجع ذلك بينهم إلي تعدد المشارب وطرائق البحث ومناهجه. فالخلاف في التفاصيل بالفعل واقع وحاصل. عملا وقولا في شتي مناحي الحياة ولا يفسد الخلاف في الرأي بين العلماء والعقلاء والباحثين للود قضية. ما دامت الأصول مصانة. والثوابت مقامة. أما الغوغائيون ومثيرو الشغب والفتن ودعاة العنصرية والصهيونية "الصهيونية « الصليبية" مصطلح لنا يجمع أولئك الذين يحاربون الله ورسوله ويعادون الأديان والقيم والفضائل الخلفية فمزاعمهم في حرية الرأي باطلة وزائفة فلا يوجد ما يسمي بالحرية المطلقة من كل قيد. أو ما يطلق عليه زوزا بالفوضي الخلاقة. وإلا كان ذلك نذير شؤم علي العقل والعقلاء! وللحديث بقية