جرت أحداث مخجلة في مصر وغيرها من بلاد العالم الإسلامي تحت اسم الدين. والدين منها براء ذلك أن الدين يقرر حماية حق الحياة لسائر البشر حيث يقول سبحانه وتعالي: "ولقد كرمنا بني آدم".. بصرف النظر عن نوع الدين الذي يؤمنون به. فهل في ظل هذا البيان يمكن فهم اعتداء علي حياة شخص بسبب دينه أو حتي بسبب سلوكه. غير المألوف لمن قتله كما حدث في السويس والشرقية ودهشور وسيناء أخيراً وغيرها من البلاد. فهل هذا جهاد أمر به الله إن الجهاد مطلوب ومفروض علي المسلمين إذا تعدي عليهم الكافرون. فيجب أن يهموا بالدفاع عن أنفسهم ووطنهم وبغير ذلك لا يعد جهادا بل هو اعتداء وإجرام يقع ممن يمارسونه علي المسلمين الذين لم يعتدوا عليهم. وهل يعقل أن يقتل المسلمون بعضهم بعضاً بسبب الدين كما يحدث في أفغانستان وباكستان والعراق وغيرها من الدول مثل ميانمار في شرق آسيا والصومال والكونغو والقطيف في السعودية وما كان في البحرين. لاشك أن هذه جرائم ارتكبت باسم الدين إلا أن الدين منها براء بل تتخالف مع الدين الذي يؤمن بالحرية للناس جميعاً وحقهم في حماية أرواحهم وأموالهم وعرضهم وهذا هو الدين الحق أما التطاول علي هذه الحقوق باسم الدين فهو انتهاك للدين والخروج علي جوهره وأصوله. وعلي ذلك فإن شيوع المواطنة أمر في غاية الأهمية بعيداً عن التدخل بين العبد وربه ويمكن آخرين يزعمون قربهم من الله دون سائر العباد بغير علم أو دليل وهو ما يهدد السلام والأمن الاجتماعي. وبالتالي تكون المواطنة هي الأساس الذي يجب السعي من أجله والدفاع عن مقدرات الوطن باعتبارها تكفل المساواة والحرية والعدالة بين المواطنين. يعيش الناس في أمن وسلام إعمالاً لقوله تعالي "ولقد كرمنا بني آدم" حتي يتمكنون من إعمال آيات الله الكريم من أجل التحضر بصورة حقه حيث رصد القرآن الكريم للعلم 850 آية ونحن من أجهل الأمم فمن يتأمل حياتنا لا يجد للمسلمين في الشرق من إنجاز يُذكر لهم وإنما يعيشون علي انجازات مسلمين في الغرب حيث أعملوا هذه الآيات وكانوا بالتالي مصدر العلم والمعرفة فيلس من سلعة أو خدمة نستمتع بها إلا كانت مستوردة من الغرب. ويأمر القرآن الكريم بالعمل واتقانه واعتباره من أهم العبادات في 731 آية ويقول رئيس وزراء اليابان الأسبق أتحدي أي بيت علي سطح الكرة الأرضية لا توجد فيه سلعة يابانية. والحق أن كل البيوت في العالم بها سلعة يابانية علي الأقل. أما نحن في الشرق فليس لدينا ما نقدمه لأننا لا نعمل وإذا عملنا لا نتقن ومن ثم فإن هؤلاء الناس هم الذين طبقوا هذه الآيات. وقد أنزل الله في القرآن الكريم في شأن العدل 92 آية ولو أردنا أن نتعرف علي مواطن الظلم لوجدنا أن بلاد المسلمين هي أبعد ما تكون عن العدل ولا تقوم إلا علي الظلم ولا يصل الشخص إلي حقه إلا عن طريق الرشوة والعلاقة وغيرها من الوسائل غير المشروعة وعلي ذلك فنحن بعيدون عن الإسلام وعلينا أن نقترب من جوهره بعيدون عن طقوسه وشكله وظاهره فالرسول الكريم يقول "إن الله لا ينظر إلي صوركم ولكن ينظر إلي قلوبكم" فعلينا إذن أن نتعرف علي جوهر الدين ونقف عليها ونجاهد في سبيلها بعيدين عن التخريب والتعصب والعراك والشجار باسم الدين الذي هو بريء من هذه المسالك وأن نحترم الاخرين فالدين المعاملة والمسلم من سلم الناس من لسانه ويده وهذا هو الإسلام الحق الذي يجب علينا جميعاً التمسك به والحفاظ عليه. أما أن يري شخص في نفسه أنه شديد التدين لمجرد أدائه الفرائض الدينية ويتخذ مظهر الافتاء والانتباه إلي تدينه كالجلباب القصير واللحية وغيرها ويخول لنفسه الحق في الاعتداء علي الاخرين الذين لايحاكونه في مظهره ويعتبر نفسه مسئولاً عن حملهم علي محاكاته أخذاً بمفهومه الخاص بالدين. فإن ذلك هو الخروج علي الدين ذلك أن الدين علاقة رابطة بين الإنسان وربه وليس من حق أحد التدخل فيها أو فرض الوصاية باسم الدين فالقرآن الكريم يقول للرسول صلي الله عليه وسلم "لست عليهم بمسيطر" ويقول "لا إكراه في الدين " ويقول كذلك "فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر" فليس هناك من وصاية علي الناس حتي للرسول عليه السلام فما بالك بسائر البشر أما القول بأنه من رأي منكراً فليغيره بيده أو بلسانه أو بقلبه وهو أضعف الإيمان فإن المقرر أن تغير المنكر بقوة هو اختصاص ولي الأمر أما سائر البشر فلهم الدعوي بالحسني إلي الفضائل كما وردت في الدين أما الاستنكار في القلب فذلك لمن لا يملك الدعوة أو الإبلاغ عن المنكر والله يقول: "أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم" وعلي ذلك فالعلاقة بين الناس يحكمها الله بحسب ما أنزل من شرائع دون إكراه أو إعنات أو قهر من أحد علي آخر وأقصي ما يملكه الداعون هو الدعوة إلي إعمال شرع الله أما حمل الناس علي إعمال الشرائع فهو من شأن ولي الأمر وحده وليس لآحاد الناس مشاركة ولي الأمر في ذلك أو تنصيب نفسه وكيلاً عن الله بغير سند أو دليل فالله سبحانه لم يول أحدا من عباده حاكماً علي غيره من الناس. وكيف ينص القرآن الكريم علي حماية حق الحياة وسلامة البدن وحق التملك في المال وصيانة الأعراض ويصير الخروج عليها باسم الدين؟ إن ذلك هو الكفر بما أنزل الله وليس لأحد أن يدعي لنفسه صفة في مساءلة العباد عدا ولي الأمر دون سواه والمواثيق الدولية والدساتير المختلفة تنص علي هذه الحماية وتحدد ما يسوغ للفرد وما يسوغ للسلطة دون اجتهاد أو تسلط. ولعدم تحديد هذا المفهوم في المجتمعات الإسلامية نجد أن مشاكل العالم قد انحصرت في البلاد الإسلامية حيث تسيل الدماء أنهاراً مع الأسف باسم الدين.