من المعلوم أن الحرية هي اسمي حق قرره الله سبحانه للعباد.. وأن الإسلام جاء ليحرر العباد من سيطرة العباد ويخضعهم لطاعة رب العباد فهو وحده من ندين له بالعبودية.. وتأتي الدساتير والقوانين لتكرس هذا الحق وتضع من الضوابط ما يتيحها ويحميها في كافة جوانبها حرية التنقل. وحرية الفكر وحرية التعبير وحرية الكلمة وغيرها من صور الحريات. لكن هل هذه الحرية مطلقة وبلا حدود وبلا ضوابط.. فيفعل كل إنسان ما يشاء وبصورة مفتوحة بلا قيود.. فيفعل كل إنسان ما يريد فيسب ويصخب ويشتم أو يلبس ما يشاء فيتعري في الطريق ويقول هذه حريتي.. أو يتجاهل ضوابط الأديان فيدبر شخص مكانا لتبادل الأزواج والزوجات تحت زعم الحرية.. وأن ضوابط الأديان والأعراف وما تجتمع عليه الأمة ما هو إلا مجرد قيود لم نعد في حاجة إليها. وبإسقاط هذه المسألة علي ما نمر به في بلادنا هذه الأيام نجد أننا قد حرمنا طويلا تحت القهر والديكتاتورية من ممارسة حريتنا بكافة أشكالها وصورها وكانت القبضة الأمنية للحاكم وأذرعه الأمنية المختلفة كفيلة تحت أنظمتها في التلصص والمتابعة والكبت والقهر والتدخل في شئون الناس مهما بلغت درجاتهم وإخضاعهم للمطاردة والاعتداء الجسدي والمعنوي والحرمان ومن الحقوق الأساسية وتفرغت القبضة الأمنية لحماية النظام وأطماعه دون مساس بالقيام بأهم واجبات الأمن في حماية الأموال والأعراض والنظام فأهدر جانب كبير من الحرية الفطرية الضرورية التي هي حق لكل إنسان بمجرد آدميته وحقه في البشرية والحياة.. فما بالك بالحقوق الأخري التي كفلتها الدساتير فحرم الإنسان من ممارسة حقه السياسي في الانتخابات والتعبير عن رأية وحرية الاختيار وذلك عن طريق تزوير الرأي والعملية الانتخابية بكافة مراحلها ابتداء من تقديم الأوراق وتدخل الجهات الأمنية لتحجب من المنبع بعض الراغبين في الترشح والحجج الأمنية أو الإدارية كثيرة ومتنوعة لديهم فإذا ما أفلت من هذه المسألة وجد أن رموز الانتخابات محجوزة للحزب الوطني الهلال والجمل لا اقتراب منهما ولا يطبق مبدأ الأولوية في تقديم الأوراق ومن حق المرشح الأسبق أن يختار من بين الرموز الموجودة بما فيها الشعارين السابقين.. وإمعانا في التنكيل والاحتقار والمساس بالحرية لم يكن مرشحو الحزب الوطني يقدمون أوراق ترشيحهم إلا في اليوم الأخير للترشيح بعد أن يتعرفوا علي المشهد فيجدون الرمزين في انتظارهم في سرقة علنية جهرية اخترقت كل الحق في الحرية. ولا يتوقف الأمر عند هذا الحد في كبت وقهر حرية الإنسان فقد كانت أجهزة الدولة من وزارات ومصانع وأجهزة إعلام وعمال يكرسون جهودهم علي حساب النظام في ميزانية الدولة وأموال دافعي الضرائب من إعلانات وندوات ويقدم أصحاب الفضائيات الخاصة لأنهم أكثر الناس استفادة من النظام في منحهم الامتيازات في القروض بلا ضمانات والأراضي في المدن الجديدة بأبخس الأثمان وبلا حدود يقدم هولاء قنواتهم لإدارة الحملة سواء في انتخابات الرئاسة أو البرلمان ونحوهما كنوع من المجاملة والهدية أو عمولة للنظام لكي يرضي عنهم ويستمر في تسهيلات تزداد المنح والهبات وإذا لم يتطوع هؤلاء بذلك فالويل والثبور والحرمان ولم يتمنعون والبركة ستحل عليهم من النظام بغض النظر عن قهر الأمة في عدم تحقيق المساواة بين المرشحين في الدعاية. ثم تقوم الأجهزة التنفيذية بالتبرع بأشكال وألوان الدعاية مخترقة السقف المالي المخصص للانفاق وليذهب الجميع إلي الجحيم.. وتخرج السيارات الحكومية علنا وعليها أسماء مرشحي النظام وينتقل الناخبون الذين يجمعون عنوة ويخرجون من مصانعهم أو مقار أعمالهم إلي لجان التصويت ليكملوا الشكل بالدرجة الأولي وأن هناك إقبالا. بالرغم من أن الأمين والقائمين علي اللجان قاموا بالواجب فالأمن يمنع الناخبين الذين يعلم جيدا اتجاههم للتصويت لغير مرشحي الحزب الوطني فيمنعون من مسافة كيلو متر قبل مقر اللجنة ويضيق عليهم حتي ينتهي زمن التصويت وإلا التنكيل بالضرب والإهانة حتي ينفر الناس ويكرهوا استعمال حقهم وحريتهم في التصويت ثم يكمل إداريو اللجان بعملية منظمة فهم مختارون من المحليات ومن الوزارات المختلفة المسيطر عليها من النظام وهم مدربون تدريبا كاملا علي سرعة إنجاز عملية التصويت بتسويد البطاقات لمرشحي الحزب بمساعدة رجال الأمن ومعظم اللجان لم يكن لها رؤية قضائية.