يقولون عنه إنه يعد واحدا من قلة قليلة من العالمين العربي والإسلامي تجمع بين رحابه العلم وجدليته واستنارة الدين وثباته. وهذا الرجل السبعيني الباسم الذي تولي الوزارة أكثر من مرة منذ أكثر من ثلاثة عقود ونصف العقد مازال يبهر الناس ويسلبهم بأفكاره وتشبيهاته وإسقاطاته واستشهاداته.. هو الفقيه الدستوري والمفكر الإسلامي الدكتور أحمد كمال أبوالمجد. ولد أحمد كمال أبوالمجد في 2 من صفر 1349ه بأسيوط. وكان والده الشيخ محمد أبوالمجد العدوي نائبا لرئيس المحكمة العليا الشرعية. وجده لأبيه هو الشيخ محمد حسن العدوي من علماء بني عدي بأسيوط. وجده لأمه هو المرحوم الشيخ "حسنين مخلوف العدوي" من كبار العلماء. وكان شيخا للجامع الأحمدي بطنطا. وخاله الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية السابق وعضو جماعة كبار العلماء. تلقي أحمد كمال أبوالمجد معظم تعليمه بالقاهرة. وحصل علي ليسانس الحقوق من جامعة القاهرة في رجب 1369ه/مايو 1950م. وعين عقب تخرجه معاونا للنيابة بالجيزة لمدة 10 شهور. ثم عين في ربيع الآخر 1370ه/فبراير 1951م معيدا بكلية الحقوق جامعة القاهرة. وحصل علي دبلوم القانون العام ثم دبلوم الشريعة الإسلامية عامي 1370-1371ه/1951-1952م. وخلال الفترة من 1372-1373ه/1953-1954م سافر في إجازة دراسية لكل من فرنسا وانجلترا. ثم حصل علي الدكتوراه في القانون بامتياز من كلية الحقوق جامعة القاهرة وذلك في رسالته "الرقابة الدستورية علي القوانين" عام 1377ه/1958م. والذي عين علي أثرها مدرسا بكلية حقوق القاهرة في نفس العام. ونظرا لتطلعاته العلمية الطموحة سافر أحمد كمال أبوالمجد إلي الولاياتالمتحدة وحصل علي ماجستير القانون المقارن من جامعة ميتشجان في صفر 1378ه/سبتمبر 1958م. وفي هذه الأثناء تم اختياره عضوا بلجنة القانون بالمجلس الأعلي لرعاية الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية. وأيضا عضوا بلجنة التشريعات الإدارية. وفي 7 من شوال 1384ه/8 من فبراير 1965م اختير عضوا في لجنة مسابقة أسبوع الكتاب العربي. ثم مستشارا ثقافيا ومديرا للمكتب الثقافي لمصر بواشنطن في 13 من شعبان 1385ه/6 من ديسمبر 1965م. واستمر فيه حتي عام 1390ه/1971م. وفي 3 من ربيع الآخر 1391ه/27 من مايو 1971م تم تعيينه مشرفا علي لجنة الشئون السياسية المتفرعة من اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكي. فأستاذا مساعدا بحقوق القاهرة في 28/4/1391ه/21-6/1971م. فأمين أمانة الشباب بالاتحاد الاشتراكي في 19/6/1391ه/11/8/1971م. إلي أن تم تعيينه رئيسا للمجلس الأعلي لخدمات الشباب في 18/10/1391ه/6/12/1971م. تولي منصب وزير الدولة لشئون الشباب في 30/7/1392ه/8/9/1972م. ثم عين وزيرا للإعلام في 3/4/1394ه/25/4/1974م. وفي خلال الفترة 1397/1406ه/1977/1986م سافر إلي الكويت شغل منصب عميد كلية الحقوق والشريعة بجامعة الكويت. ثم عين مستشارا قانونيا ودستوريا لولي العهد ورئيس الوزراء الكويتي. وفي هذه الأثناء اختير قاضياً بالمحكمة الإدارية للبنك الدولي بواشنطن منذ عام 1399ه/1979م. ثم صار نائبا فرئيسا لها بعد ذلك ومنذ بداية عام 1406ه/1986م عاد ليشغل وظيفة أستاذ ورئيس قسم القانون العام بكلية الحقوق جامعة القاهرة. يشغل حاليا وظيفة أستاذ متفرغ للقانون الإداري والدستوري بكلية الحقوق جامعة القاهرة. وعضو مجمع البحوث الإسلامية بالأزهر الشريف. علاوة علي عضويته بالمجلس الأعلي للشئون الإسلامية. وعضويته بالمجلس القومي للمرأة وعضو المجمع الملكي لبحوث الحضارة الإسلامية بالأردن. وممثلا لمصر بأكاديمية المملكة المغربية. بالإضافة إلي امتهان للمحاماة أمام محكمة النقض والمحكمة الإدارية العليا والمحكمة الدستورية العليا. ويضيف أبوالمجد: تخرجت في العام 1950 وأول ما أتذكره في تلك الفترة أن الشعب المصري لم يكن تعداده كبيرا. وصورة مصر كانت مختلفة. كانت شوارع القاهرة جميلة والحدائق. ولذلك لما ذهبت في بعثة إلي باريس للدراسة نزلت في مارسيليا. وعندما قابلت اثنين من زملائي كانا يريدان أن الإسكندرية أجمل بكثير من مارسيليا. فالقاهرة كان لها جمال والإسكندرية كان لها جمال وأناقة. حتي الكورنيش والمحال التي كانت موجودة كانت مازالت في شبابها. لم نكن نشكو من التعليم. فإذا تسلمت للمدرسة تطلع متعلم. وإن تسلمت للجامعة تطلع مهني متميز. وكان من درس لي في مدرسة الثانوية نجم في العلم. حيث درس لنا اللغة الإنجليزية د. لويس مرقص. الذي أصبح بعد ذلك أستاذا لزوجتي في كلية الآداب. كما درس لنا الفرنساوي د. إسحق رمزي الذي صار أستاذا للفلسفة. وناظر المدرسة أحمد بك نجيب هاشم. الذي أصبح مستشارا ثقافيا في واشنطن وبعد ذلك وزيرا للتعليم. والذي درس لنا التاريخ د. عبدالحميد البطريق. الذي حببنا في التاريخ. وعرفنا بالثورة الفرنسية كأننا عشناها. والذي درس لنا الجغرافيا د. علي علوي شلتوت الذي كان أستاذا ومربيا. وفي تلك الأيام. كنا في أواخر الحرب العالمية الثانية. وكانت الصحافة عليها قيود. وكان عمي رحمه الله رئيس القلم السياسي في وزارة الداخلية. وعملنا واسطة كبيرة علشان نطلع مجلة طلابية سميناها "رواد الفكر" كما أتذكر أننا كنا في الجمعية الجغرافية. وكنا نذهب للمدرسة من الساعة الثامنة صباحا وكنا بنعمل خريطة مجسمة ونرسم الطائرة الألمانية التي أغارت علي لندن. وكنا نفعل ذلك يوميا. وكنا عايشين الحرب والسلام والمجتمع. وكنا نتعلم خبرات كثيرة جدا. كما كانت المدرسة تقدم لنا وجبة خفيفة في الفسحة الساعة العاشرة صباحا. ووجبة كاملة الساعة الثانية عشرة والنصف. وكان ناظر المدرسة في المدرسة الابتدائي يشرف علي تقديم الوجبات للطلاب الذين كان عددهم 12 طالبا في كل ترابيزة. ومرة أعطاني المدرس قطعة دهن. الناظر قال له أعطه قطعة لحم حمراء. وفي الثانوية كنت في مدرسة فاروق الأول النموذجية وكانت وجبة الصباح التي تقدم لنا عبارة عن فنجان كاكاو وقطعة "باتيه" أو "جاتوه". وفي آخر السنة أقاموا لنا حفلا كانت وجبة الغداء فيه مضاعفة. وألقي مدرس اللغة العربية قصيدة. كان آخرها بيت فيها أتذكره "ولولا أكلة قد أتخمتني لجئت بما يعز علي أبوجهل".. كانت هناك سعادة وسرور ومافيش عذاب في المدرسة. رحلة الدكتوراة ويقول أبوالمجد بعد تخرجي بأربع سنوات سافرت إلي فرنسا للحصول علي الدكتوراة وهناك فوجئت بتيار يتكون ضد ثورة يوليو لدرجة أن تأييدي للثورة جعل البعض يتهمني بالعمالة والخيانة أنا غبت عن الساحة من سنة 54. وذهبت إلي فرنسا للحصول علي دكتوراة. وأذكر أن تأييدي لثورة يوليو جعل البعض من المصريين الذين كانوا يعيشون في الخارج يتهمني بالخيانة وأذكر أن الدكتور رفعت محجوب رحمه الله. كان يقول "هؤلاء الخونة ومن يؤيدهم يكون خائنا". وكان فيه تيار ضد الثورة يتجمع بالخارج. مسجد باريس بعد ذلك غبت عن الساحة حيث طردتني السلطات الفرنسية حيث كنت أذهب إلي مسجد في باريس. لإلقاء كلمة بعد الصلاة لمدة عشر دقائق. فلما قامت الثورة الجزائرية نسيت أنني في فرنسا فألقيت كلمة في مسجد باريس. وقلت الآية الكريمة "لنأتيهم بجنود لا قبل لهم بها ولنخرجنهم منها أذلة وهم صاغرون". فوجدت البوليس يطلبني باستمرار. وجاءني أمر طرد. فأحسست أنني في خطر.. فلذت إلي السفارة المصرية. وذهبت إلي السفير المصري. قال لي "لازم أتحرك". فقلت له "أدوني فرصة 48 ساعة علشان أمشي". قال لي غدا تأتي الساعة الثانية عشرة. فذهبت في نفس الميعاد. فقال لي "ثبت أن كلامك مظبوط وأنا هاحميك. خبط علي الحجرة التي أمامك وستجد اثنين من الدبلوماسيين. كان منهما واحد اسمه عادل فاضل". قال لي "ياللا بينا علي المحافظة". وأنا كنت قد ذهبت في اليوم السابق إلي المحافظة. أخذوا مني كارت الإقامة وأجلسوني من الساعة التاسعة حتي الساعة الخامسة. وجلست مع المجرمين وتجار المخدرات واللصوص. وعندما ذهبت مع الدبلوماسي إلي نائب المحافظ سألته "لماذا استخرجتم قرارا بطرده. بالرغم من عدم وجود أساس قانوني لطرده. ومع ذلك نحن سنرسله إلي بلجيكا أو لندن. لكن خلي بالك سنطرد أمامه عشرة فرنساويين من مصر وسيكونون أيضا رجال أعمال وأساتذة". فاحمر وجه نائب المحافظ. ورجعت في هذا اليوم إلي البيت الإسباني في المدينة الجامعية فوجدت تليغرافا "بالإشارة إلي الطلب الذي كنت قد تقدمت به. قررت الإدارة العامة في الجلسات الماضية نقل دراستكم من باريس إلي لندن. ومنحكم تذكرة سفر من باريس إلي لندن. في حدود أربعة جنيهات استرلينية". فذهبت إلي لندن واستكملت دراستي وقمت بمعظم الدراسة هناك. وعدت للقاهرة لمناقشتها. حول هواياته يقول الدكتور أبوالمجد أعشق ممارسة رياضة المشي وأحب مشاهدة مباريات كرة القدم ولكنني لست متعصبا لفريق بعينه وإن كنت أتعصب عند مشاهدة مباريات المنتخب القومي.