* ذهاب د. مرسي للصلاة في المسجد الأزهر بحضور شيخه الفاضل د. أحمد الطيب وكبار رجالات الأزهر يعد إقراراً من الرئيس بمكانة الأزهر كمرجعية للوسطية والإعتدال الإسلامي.. وأن مرجعية الأزهر الوسطية لن تتقدم عليها أي مرجعية أخري من أي حركة إسلامية مهما علا شأنها.. ورداً للاعتبار للأزهر وشيخه بعد أن طالتهما سهام السب والقذف والتطاول بغير حق ومن الصغير والكبير علي حد سواء.. ومن ذا الذي ينكر فضل الأزهر وشيوخه وعلمائه علي مصر والعالم الإسلامي كله علي مر العصور. * وعلينا ألا ننسي أن معظم قادة الحركة الإسلامية وعلمائها ومرشديها هم من خريجي الأزهر ومن تعلموا وتربوا في أروقته العلمية. * أسهم د. مرسي لدي الشعب المصري ترتفع بسرعة البرق بتواضعه وأدبه وترك نفسه علي سجيتها وتفاعله الجيد مع البسطاء وعوام الناس.. وربنا يرحمه من بطانة سوء تغره بنفسه أو تعلمه الكبر والترفع عن الناس.. فمن تواضع للناس رفعه الناس.. ومن تكبر عليهم انفض الناس من حوله "ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك". * قسم د. مرسي في ميدان التحرير يعد سابقة تاريخية فريدة.. فهذه أول مرة في تاريخ مصر يقسم رئيس الجمهورية اليمين أمام مئات الآلاف من شعبه ومحبيه ومؤيديه وهم يكبرون ويهتفون ويصيحون فرحين مرددين خلفه "ثوار.. أحرار.. هنكمل المشوار". * وقد تميز عهد الرئيس السابق حسني مبارك بالهواجس الأمنية المبالغ فيها.. حتي أنه لم يخرج قط في سيارة مكشوفة مثلما كان يخرج عبدالناصر والسادات.. ولم يلق أيه خطبة في أي مكان مفتوح.. وكان لا يذهب إلي أي مكان إلا بعد إخلائه من كل الناس.. فضلاً عن تفتيش جميع الحاضرين حتي لو كان نوابا في البرلمان.. وحضورهم قبل حضور الرئيس للقاعة بعدة ساعات وعدم قدرتهم علي الخروج منها.. ويعزو البعض الهوس الأمني الذي لازم مبارك طوال عهده بأنه بدأ حكمه بمشهد لم ينسه أبداً وهو مشهد مقتل السادات وهو إلي جواره.. فلم يعد يأمن لأي إنسان حتي لأقرب المقربين منه. * فتح الرئيس د. مرسي جاكتة البدلة وفتح صدره أمام الجماهير الغفيرة التي حضرت خطبته في ميدان التحرير قائلا "أنا لا ألبس صديري واقي" وهذه تعد لفتة وإشارة جميلة تعني إن الشعب يحرس رئيسه.. وحراسة الشعب للرئيس هي أقوي وأغلي من حماية الأمن للرئيس.. رغم أن كليهما لا يغني عن الآخر. * من أجمل اللفتات الذكية التي وردت في خطاب د/مرسي تفاعله مع قضية د. عمر وإشارته إلي أنه يري اليافطات في الميدان التي تطالب بالإفراج عنه.. وكأنه يقول إنه يراها بقلبه وعقله قبل عينه.. وأنه سيبذل كل جهده للإفراج عن د. عمر. * والحقيقة التي قد لا تعرفها أجيال الشباب الآن أن د. عمر هو أول من صرخ في وجه مبارك "لا لمبارك".. ومن أول من صدع بالحق تجاه مبارك ونظامه ولاقي من أهوال العذاب في سجونه الكثير والكثير رغم كبر سنه وكف بصره.. والآن د. عمر قد تجاوز السبعين ولديه أمراض الدنيا كلها بالإضافة إلي كف بصره مع سرطان البنكرياس. * من عجائب القدر أداء د. مرسي أمام المحكمة الدستورية بالمعادي والقريبة جداً من مستشفي المعادي الذي يرقد فيه الرئيس السابق مبارك علي سرير المرض وعلي شفا الموت.. وكلما اقترب مرسي من الكرسي كلما اقترب مبارك من الموت.. يارب ألهمنا العلم في معرفة حكمة أقدارك.. فقدر الله فيه من الأسرار والحكم الربانية ما يعجز العقول والألباب. * من عجائب الأقدار أن د. مرسي أقسم اليمين أمام المستشار فاروق سلطان الذي انتهت خدمته في نفس اليوم.. وبعد يوم سيقسم المستشار ماهر البحيري الرئيس الجديد للمحكمة الدستورية أمام الرئيس مرسي.. وكأن القدر يعيد الأدوار.. فمن أقسم أمامك اليوم أقسمت أمامه غداً.. هكذا الدنيا دوارة. * كلمة د. مرسي أمام المحكمة الدستورية تعد مصالحة مع القضاء مع وعد باستقلاله.. بعد أن أفسد بعض النواب العلاقة بين البرلمان والقضاء. * يحاول د. مرسي لملمة شتات الشعب المصري حوله وكان اعتذاره لطلاب جامعة القاهرة من أفضل ما صنعه د. مرسي في خطابه في جامعة القاهرة.. وكذلك الإشادة بالجيش المصري ومدحه والثناء عليه.. وكذلك مصالحة الشرطة المصرية والثناء عليهم.. لأن المصالحة بين مؤسسة الرئاسة والمؤسسة العسكرية والشرطية من أهم مقومات بناء الدولة.. وقد مدح د. مرسي المجلس العسكري قائلا: "لقد أوفي بعهده في تسليم السلطة".. وهذا قد يغسل ما لحق بالمجلس العسكري من إهانات وشتائم غير لائقة.. وفي أوقات غير صادقة.. وقد كان للحفل الذي أقامه الجيش للرئيس الجديد ومدح كل منهما للآخر أثره الكبير في إزالة هذه الجفوة. * ولعل هذا كله يفتح صفحة جديدة بين أطياف السلطة المختلفة من جهة والأطياف السياسية المتنوعة من جهة أخري. * إذا جعل الرئيس الجديد للمصري كرامة داخل وطنه فسوف يكون كريماًً خارج وطنه بطريقة آلية ودون تكلف.. وهذا ما حدث في عهد الرئيس عبدالناصر.. فعندما أهين المصري في وطنه في عهد مبارك أهين خارجه. * البعض يستعجل الرئيس د. مرسي استعجالاً مخلاً وغير موضوعي لإنجاز ما وعد حتي قبل أن يمر أسبوع علي توليته الرئاسة. * علي د. مرسي أن يحذر من بطانة السوء.. فهم آفة كل الحكام.. وعليه أن يسعد بمن يهدي إليه عيوبه أكثر ممن يجامله أو ينافقه. * هناك فرق كبير بين التطاول علي الرئيس وتجريحه ونشر ما لا يليق عن حياته الخاصة.. وبين النقد البناء لسياسته.. فالأول لا يليق بأمة خلقها الحياء.. والثاني واجب علي كل من يملك أدوات النقد البناء لسياسات الرئيس وأداء حكومته ومساعديه. * مضي وقت الكلام والجدل وكثرة الهراء ودقت ساعة العمل.. ونريد الآن أن نري الأيدي العاملة أكثر من الألسنة المتشاحنة والنفوس المتباغضة.