* تسأل هند س.م - من القاهرة: هناك أرملة كانت تحصل علي معاش زوجها المتوفي. ثم تزوجت زواجاً عرفياً حتي تحتفظ بهذا المعاش لأبنائها.. الآن وبعد 28 سنة - تسأل: هل الأموال التي حصلت عليها من الحكومة لتربية أبنائها وهي متزوجة.. حرام أم لا؟ وإن كانت حراماً ماذا تفعل؟ ** يجيب د. علي جمعة مفتي الجمهورية: في الحقيقة الزواج العرفي زواج غير مستقر. وهو وإن كان حلالاً شرعاً. والعلاقة بين الرجل والمرأة في هذه الحالة لا تكون من باب الزنا. ولو حدثت ثمرة منه يثبت نسب الطفل إلي أبيه وأمه. ويترتب عليه شرعاً الميراث. فالمرأة تستفيد من ميراث زوجها والزوج يستفيد من ميراث زوجته. رغم كل ذلك فإننا لا نثبته أمام القضاء. بمعني أننا دفعنا الناس ابتداءً من سنة 1931 إلي توثيق عقد الزواج عند المأذون. الذي هو مأذون من حضرة القاضي. ولذلك المأذون عندما يأخذ الدفتر ويغيب عنا يومين. يذهب إلي القاضي حتي يسجله عنده في المحكمة. ويختمه بخاتم المحكمة.. وكأننا تزوجنا أمام القاضي.. أو أمام المندوب عنه وهو المأذون وهو الذي أذن له من القاضي بذلك. ولذلك المأذون يتبع وزارة العدل.. وعندما يتزوج شخص غير مصري بمصرية أو العكس. أو اثنان غير مصريين. يتزوجان أمام الشهر العقاري الذي هو أيضاً تابع لوزارة العدل.. أي في النهاية تابع للقاضي.. وهذا التوثيق هو الذي يجعل الزواج معترفاً به رسمياً.. أما عدم التوثيق لا يجعله معترفاً به رسمياً.. وبالنسبة للحالة التي معنا فهي مسألة أخلاقية.. ولو ان هذه المرأة سألتني قبل ان تتزوج عرفياً: هل يمكن ان أتزوج عرفياً من أجل ان يستمر المعاش؟ لقلت لها: لا تفعلي هذا. أما الآن. وبعد 28 سنة زواج. تأخذ فيها هذا المعاش. فأنا أقول لها: إن الصورة التي تأخذين المعاش فيها صورة غير مخالفة لشيء من الرسميات. ليس فيها مخالفة قانونية. ليس فيها مخالفة شرعية. ولكن مخالفة أخلاقية. فزواجك العرفي ليس زواجاً رسمياً. وعدم زواجها رسميامعناه أنها لا تستطيع ان تثبت هذا الزواج أمام القاضي. أمام الحكومة. هي قامت بمخاطرة. وبناء علي هذه المخاطرة أخذت هذه الأموال بطريقة لا تستطيع أن تردها. فلو ذهبت وقالت: أنا أخذت كل المعاش هذا وأنا متزوجة. فسوف يسألونها: أنت لم تكوني متزوجة عندنا. فأين ما يثبت أنك متزوجة؟ أين وثيقة الزواج؟ وبناء عليه.. فهذه المرأة. وهي تسأل الآن عن الذي أخذته. أقول لها: إن عليك أن تستغفري الله سبحانه وتعالي. وليس عليك شيء تسددينه. لأن ما أخذته ليس بصورة رسمية. وبصورة لم تفرض عليك القوانين واللوائح ان تبلغي أنك قد تزوجت.. فهذا الزواج العرفي غير معترف به.. ولكي يعترف به لابد ان يوثق.. فهو مسألة اخلاقية قبل أن تكون مسألة رسمية. وما فعلته المرأة يعد حيلة.. وذلك لانها وجدت ثغرة في القانون.. وهناك فرق بين مخالفة القانون واستغلال ثغرات القانون.. استغلال الثغرة لا يعد مخالفة.. وليس احتيالاً أو خداعاً.. وثغرات القانون ما يسمح به القانون بناء علي صياغته غير التامة.. وثغرات القانون مادة تدرس في بعض جامعات سويسرا وفرنسا والولايات المتحدة. المحامي البارع لا يحتال علي نصوص القانون أو بنوده. إنما يستغل القانون مستغلاً ثغراته.. وقد فعل سعد زغلول هذا الأمر في قضية تغير علي اثرها نص القانون.. فسعد باشا كان يشتغل بالمحاماة. وجاء رجل من الصعيد قتل عدة أفراد وحكم عليه. وكانت مادة القانون الجنائي المصري حينئذ تنص علي انه "يعاقب شنقاً من قتل وكذا وكذا..". فصدر الحكم بناءً علي نص القانون. وكان هذا الرجل قوي البنية. وعندما وضع في المشنقة ونفذ فيه الحكم لم يمت. وتعجب الناس. ونزل الرجل وذهب به إلي السجن مرة ثانية.. وجاء سعد باشا زغلول محامياً عنه في المرة الثانية.. وقال لهم: لقد نفذت عليه العقوبة ولا يجوز تنفيذ الحكم مرتين علي الإنسان. فقالوا: انه لم يمت. فقال: ان القانون لم يقل: تميتوه. وإنما قال: اشنقوه.. فهذه ثغرة قانونية. ومن يومها اجتمع المجلس التشريعي وغير نص القانون. وأصبح "الإعدام شنقاً".