- هل يدرك المصريون جميعا انهم يصنعون الان تاريخا جديدا ومغايرا في حياة الناس والمنطقة؟ وانهم باختيارهم الحر لأول رئيس مدني قد بدأوا خطوة جادة جدا نحو مستقبل مشرق بإذن الله..؟؟ الان نحن علي اعتاب مرحلة جديدة تماما العالم كله ينظر الي مصر والي تجربتها التي نرجو جميعا ان تكون متميزة ووضاءة.. الاسلاميون في قمة السلطة بعد قرون من الاضطهاد والظلم والتعسف والعمل تحت الارض وفي السراديب المظلمة.. الآن يتصدرون المشهد ويحتلون مقعد الصدارة.. ويصنعون أهم خطوة في طريق الحرية والانطلاق نحو المكانة الحقيقية لمصر. الان هدأ غبار المعركة الانتخابية.. وهو ما يستوجب ان نسقط معه كل ماحدث من تجاوزات.. ونزيل اثار القصف العنيف للمعركة الانتخابية وما صاحبها من اتهامات وادعاءات وتخرصات نالت من هذا الجانب او ذاك.. الان امام الدكتور محمد مرسي الرئيس الجديد - الذي نشد علي يديه مهنئين - فرصة تاريخية لتقديم نموذج حي وواقعي لحاكم مصري معاصر.. لتجربة مصرية جديدة في الحكم تضارع بل تنافس ما يتحاكي البعض به من تجارب في الشرق والغرب.. في آسيا او اوروبا. والسؤال البديهي هنا وهل المصريون قادرون علي ذلك؟ وهل سيتم السماح لمرشح من أصول إخوانية ان يقوم بذلك او يتحقق علي يديه الحلم؟ والاجابة بكل بساطة.. نعم المصريون قادرون علي تحقيق المعجزات والتجربة تؤكد انهم اذا ارادوا فعلوا وابدعوا وصنعوا المعجزات وقهروا كل الصعاب.. وروضوا كل التحديات.. مقتضي ذلك ان يقف المصريون جميعا بمختلف اتجاهاتهم الفكرية وانتماءاتهم العقدية وراء الهدف الصحيح وتحقيق الحلم الجديد.. مصر الجديدة.. مصر كل المصريين.. لا طائفية ولا حزبية.. مصر النهضة والتقدم والرقي والحضارة والاصالة.. مصر بعروبتها واسلامها الوسطي السمح.. بتنوعها الديني والثقافي وعمقها الحضاري.. باستيعابها لكل رافد جديد واحتضانها لكل وافد مفيد.. تضفي عليه من مصريتها وتصبغه بروحها المميزة والمتميزة. دور كبير للرئيس الجديد الذي يجب ان يخلع كل رداء حزبي او غيره وقد خلعه بالفعل عقب اعلان النتيجة وحزب الحرية والعدالة. لذلك.. ويسمو فوق كل شيء.. متناسيا كل ما حدث في الماضي القريب منه والبعيد.. ليس امامه الا المستقبل فقط ومايجب تحقيقه من اهداف. دور اكبر علي الشعب بكل فئاته وطوائفه وكل مفكريه ومثقفيه واحزابه الجادة وشبابه الوثاب المنطلق والمتطلع الي غد افضل.. مع الرئيس الجديد الذي جاء بارادة شعبية حرة وبعد معركة شرسة مع القوي المناهضة. انها لحظة الوحدة والتوحد.. لحظة التماسك في جبهة واحدة.. لحظة بدء العمل الجاد.. لحظة نسيان الصراع من اجل الصراع.. والتخلي عن قاعدة انا الأعلي صوتا.. وانا فيها يا اخفيها. لحظة المعارضة الجادة والشريفة والامينة.. معارضة البناء لا الهدم والتدمير.. معارضة الاصلاح والتقويم والارشاد والتوجيه الامين.. فقد كفي ما ضعيناه من وقت وماحرقناه من جهد فيما لا طائل منه ولا مفيد. يجب ان ندرك جميعا انه لا نظام جيدا بدون معارضة جيدة أمينة ونزيهة.. تبطل عمل المنافقين والطبالين والزمارين وحملة المباخر.. وتكشف المتطفلين والمتسلقين واصحاب المصالح الخاصة وشلة المنتفعين باي ثمن وفي اي وقت وحين. في اعتقادي ان منهج الرئيس الجديد وسلوكه هو الذي سيحدد ويرسم شكل المعارضة من حوله وطريقة عملها.. وايضا من طريقة تعامله معها.. هل سيحترمها ويتسع صدره لكل الاصوات.. ويقدر ما تقدمه من نقد واقتراحات بناءة.. هل سيسارع الي تصحيح الاخطاء والاستجابة للمطالب المشروعة ام سيتركهم يضربون الاخماس في الاسداس.. ويتبع مقولة سلفه "خليهم يتسلوا"..؟!! - لكن علي ايه حال دعونا نعترف بان الرئاسة الجديدة ومؤسستها في "مرحلة التليين".. وهذا ما يجب ان يدركه الرئيس قبل المرؤوسين.. وذلك حتي لا يأخذنا الحماس وتخدعنا نشوة الانتصار.. والرغبة في التغيير.. والافراط في حسن الظن.. الي مالا تحمد عقباه.. او نقع في مطبات صعبة قد تؤثر علي المسيرة او تصيب بالاحباط وتستدعي مشاعر اليأس وفقدان الامل. يجب ان يدرك الرئيس عددا من الحقائق اعتقد انها لا تغيب عنه منها: - ان مؤسسة الرئاسة في التليين وانها تبدأ معه مرحلة جديدة ومغايرة تماما في كل شيء.. وانها لا تزال تعاني نفسيا ومعنويا وماديا مما اصابها علي يد المخلوع وزبانيته.. وفي الاشارة ما يغني عن العبارة.. انها مقبلة علي منهج جديد تماما وعالم لم تشهده من قبل حيث يتصدر المشهد اول رئيس مدني منتخب.. جاء بارادة حرة.. وهي مؤسسة عاشت سنوات عمرها الستين الماضية تحت امرة العسكر وحكمهم.. وتقلبت معهم ذات اليمين وذات الشمال.. مؤسسة لاتزال خارجة للتو من عمرة شاملة.. تغيير في العفشة والموتور والفرش والجنوط.. ولابد ان تلتمس لهم العذر فهم الآن امام رئيس جديد ومن تيار جديد - وان كانت الغالبية العظمي منهم متدينون - يشهر في وجه الجميع.. الخوف من الله.. اطيعوني ما اطعت الله فيكم.. لن اعصي الله في وطني.. يبدأ خطبته بحمد الله والصلاة والسلام علي رسول الله.. لغة جديدة ومنهج جديد نرجو ان يستوعبه الجميع بسرعة.. سواء داخل القصر الرئاسي ومؤسسة الرئاسة.. او خارجها من الساسة والمثقفين وغيرهم. السيد الرئيس الجديد يجب ان يعلم وهو يعلم ان قصر الرئاسة عظيم.. وعليه ان يوغل فيه برفق.. الخطوات محسوبة والانفاس معدودة والحركات والسكنات تحت المراقبة.. لذا فان التعجل واستعجال النتائج خطر.. وحال مصر لا يحتمل مغامرة حتي ولو كانت شبه مأمونة.. وكذلك لا يحتمل تأجيلا او تسويفا او مراوغة. هنا لابد من التأكيد علي أهمية من هم حول الرئيس في هذا القصر المسحور.. فهم إما ان يكونوا عليه بردا وسلاما ويفتحون له ابواب العزة والكرامة. واما ان يكونوا عليه وبالا وشرا مستطيرا.. ولن يفلحوا في ذلك الا اذا تمكنوا من ان يعزلوه عن الشعب ويحجبوا عنه ما يريدون ولا يطلعوه الا علي ما يحبون.. كما فعلوا مع المخلوع والذي اخرجه الله من القصر الي السجن في طره.. وابقاه الله الي اليوم.. ليكون لمن خلفه آية.. ويالها من آية..!! ** اذا كنا نطالب الرئيس الجديد بالتروي والحكمة الا أن هذا لا يعني ان امامه عددا من المهام العاجلة في مقدمتها المصالحة الوطنية الشاملة وسرعة ترميم العلاقات بين السلطات المتصارعة والمتضاربة والتي يكاد بعضها يأكل بعضا بفعل التدافع والتقاذف الثوري.. واشياء اخري يحكمها ويسيطر عليها الخوف.. تؤثر عليها وعلي رؤيتها سحابات الضباب الكثيف التي تخنق المشهد العام.. وبالتالي عدم وضوح الرؤية للمستقبل القريب والبعيد علي السواء. الاتفاق التام والتناغم الحيوي بين الرئيس والمجلس لا مفر منه ولا بديل عنه. وعلي الجميع ان يدرك انه ليس من المصلحة الوطنية الآن الدفع بالرئيس الجديد مهما كانت الاسباب في اتجاه التصادم والمواجهة او حتي التنافر مع المجلس العسكري.. فمصلحة البلاد الحقيقية في الوقوف صفا واحدا ويدا واحدة لنتمكن من عبور المرحلة الانتقالية بأمان كامل.. وتقوم كل مؤسسة بدورها الوطني وفق ما يحدده الدستور والقانون.