كثيرًا من الناس يلوموننا علي أننا نؤمن ب¢نظرية المؤامرة¢ من الأعداء. ولكن حينما ننظر إلي الأحداث التي تقع في العالم ثم ننظر إلي كلام ربنا عز وجل فإننا نصرّ علي موقفنا من أعدائنا. لأنهم يضمرون لنا ولديننا حقدًا دفينًا. انظروا إلي ظاهرتين غريبتين: ملكة إنجلترا تعطي وسامًا رفيعًا. لمن ؟ للذي كتب "آيات شيطانية" ضد رسول الله مُحمّد صلّي الله عليه وسلم وتقيم مهرجانًا كبيرًا لتكريم هذا المرتد وليس عندها أي شعور بأن الأمة الإسلامية التي بلغت مليارًا ونصف المليار ستغضب لذلك. ليس في ذهنها أن نغضب أو نفرح. كما قال المصطفي صلّي الله عليه وسلم:"بَلْ أَنْتُمْ يَوْمَئِذي كَثِيرى وَلَكِنَّكُمْ غُثَاءى كَغُثَاءِ السَّيْلِ" .للأسف الشديد نجد هذا في إنجلترا. ثم نجد هنا في مصر تكريمًا لشاعر سب رب العزة وسب الصحابة. ويكرّم. ويأخذ كأس التفوّق. كل هذا في أسبوع واحد. الحقد يملأ قلوب أعدائنا ونحن مستسلمون. نهرول إلي ثقافة هؤلاء. وإلي أن نلحق بهؤلاء في الحضارة الغربية في كل ما يوحون به ويشيرون. لابد لنا أن نعتز بهويتنا وبإسلامنا. وأن نرفض كل ما يسيء إلي هذا الدين. ولكن هذا لن يتأتي إلاّ بفهم الدين. ولن يُفهم الدين إلاّ بالتعليم إلاّ بالقراءة والكتابة وقراءة القرآن وحفظ القرآن وتعليم السُّنّة وتحصين شباب الأمّة ضد هذه الفيروسات. يخبرنا الله عن نبيّه في قرآنه بقوله: "الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوباً عِندَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُم بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَآئِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ" "الأعراف: 751" نبيّنا مُحمّد صلّي الله عليه وسلم إذن بالرغم من أنه الأمي كان صلّي الله عليه وسلم هو الآمر الناهي. هو الذي يحل الطيبات ويحرم الخبائث. وقد كانت كل كلمة نطق بها نبيّنا "صلي الله عليه وسلم" وحيًا من السماء. وكانت هداية من رب السماء. كل ذلك نتيجة أن الله علّمه وقال: "وَأَنزَلَ اللّهُ عَلَيْكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً""النساء: 311" فالنّبيّ صلّي الله عليه وسلم لم يتعلّم من خلال القراءة والكتابة. لأنه لم يكن يقرأ ولا يكتب "وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابي وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ*بَلْ هُوَ آيَاتى بَيِّنَاتى فِي صُدُورِ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ" "العنكبوت: 84. 94" الذي علم مُحمّدًا صلّي الله عليه وسلم هو الله عز وجل. فهو أمي - من ناحية القراءة والكتابة - حتي يقطع الطريق علي من يقول بأنه يأتي بالقرآن من كتب الأولين "إِذاً لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ" "العنكبوت: 84" ولكن الله تكفّل بتعليم رسول الله صلّي الله عليه وسلم ما يريد ربنا أن يبلغه للعالمين. فكان نبيّنا صلّي الله عليه وسلم هو المبين لمراد الله عز وجل من البشر. وكان هو المعلم بتعليم الله عز وجل فمنبع العلم هو رب العزة وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءي مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء"البقرة: 552" فالله عز وجلّ هو الذي علّم آدم الأسماء كلها. وهو عز وجلّ الذي علّم سليمان وداود لغة الطير. وهو الذي علم داود أيضًا صنعة الحدادة وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسي لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّن بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنتُمْ شَاكِرُونَ"الأنبياء: 08". وهو عز وجلّ الذي علّم نوحًا كيف يصنع السفينة. وعلم كل الأنبياء والرسل منهج الدعوة إلي الله. فهو عز وجلّ مصدر العلم الوحيد» ولذلك كلما اقتربنا من منبع العلم أفاض علينا من فضله وكرمه وعلمه. من هنا كان لابد لكل من يريد أن يتعلم أن تكون صلته بالله عز وجل من أقوي ما يمكن. وهذا أمر قد وضحه الإمام الشافعي : شَكَوتُ إِلي وَكيعي سوءَ حِفظي . فَأَرشَدَني إِلي تَركِ المَعاصي وَأَخبَرَني بِأَنَّ العِلمَ نورى وَنورُ اللَهِ لا يُهدي لِعاصي. ولما كانت رسالة مُحمّد صلّي الله عليه وسلم تدعو إلي العلم كانت أول كلمات القرآن نزولاً "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" "العلق: 1". ولا تتأتي القراءة إلاّ بتعليم الكتابة "اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ *الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ"العلق: 3 - 5". "ن وَالْقَلَمِ وَمَا يَسْطُرُونَ*مَا أَنتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُوني "القلم: 1. 2". كان نبيّنا المرشد الأول كي يتعلم الخلق صنعة القراءة والكتابة» لأنها تضيف إلي عقله عقولاً أخري. كلما قرأ كتابًا ضم إلي عقله ما ضمّه الكتاب من علم. ثم إن الإنسان حينما يتعلم القراءة والكتابة يستطيع أن يحصد حسنات كثيرة من تلاوته لكتاب الله عز وجل. فكلنا يعلم بأن الحرف الواحد من كتاب ربنا قد رصد الله عز وجل لقارئه عشر حسنات. ولو لم يكن هناك تشجيع من الإسلام علي الكتابة والقراءة سوي أن يحصل المرء علي هذا الثواب العظيم حين يقرأ في كتاب الله عز وجل لكان ذلك كافيًا. فما بالك بنبيّنا مُحمّد "صلي الله عليه وسلم" النّبيّ الأمي الذي يطالب الأمّة أن تهرول وتسعي لطلب العلم. ويجعل ذلك فريضة علي كل مسلم ومسلمة"طَلَبُ الْعِلْمِ فَرِيضَةى عَلَي كُلِّ مُسْلِمي" "صحيح الجامع رقم 3913" طلب العلم معناه أن تسعي أنت إلي العلم لا أن تنتظر إلي أن يأتيك. إن كثيرًا من البرامج التي ترصد الدولة لها أموالاً طائلة منها ومن غيرها لمحو الأميّة لم تؤت ثمارها المرجوّة. ومازالت الأمة تشكو انصراف الأميين عن التعليم. لماذا ؟ لأن الأمي ليس لديه حافز إيماني يجعله يطلب ويسعي للعلم. لو فهم هذا الأمي أن ذلك فريضة كفريضة الصلاة والصوم ليعرف عبادته لربه وليفهم كلام ربّه. لاتجه نحو التعلم بنفس راضية راغبة. بل إن رسول الله صلّي الله عليه وسلم قد خطا خطوة عظيمة حين جعل من حقوق الجار الأمي علي جاره المتعلم أن يخرجه من ظلمات الأمية إلي نور العلم. وحين جعل من واجب الأمي أن يسعي ليتعلم من جاره. بمعني أن كلا منهما يسعي إلي الآخر. وهكذا يكون التكافل والتكامل بين أفراد الأمّة. لأن العلم فيه خير كثير.