أكد شهود عيان أن مصر أكبر من كل الملوك والرؤساء لذلك فقد رحلوا جميعاً وبقيت مصر شامخة راسخة في مواجهة اعتي التحديات والصعاب التي تمر بها. مشيدين بعصر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر الذي كان زعيما بحق ولم يكن طمّاعاً كالرئيس المخلوع الذي تميز عصره بالطوابير في كل متطلبات الحياة! وحذروا من الصراع علي كرسي الرئاسة في الانتخابات الرئاسية التي هي إحدي ثمار ثورة 25 يناير مطالبين الجميع بالتوحد تحت راية رئيس كل المصريين أياً كان طالما هو اختيار الشعب. يقول حسين محمد حسين الجندي أغا - من مواليد مايو 1924: لقد منّ الله تعالي عليّ بالعمر الطويل حتي أنني عاصرت فترات حكم ملكي وجمهوري مختلفة مرّت بها مصر. وإن كنت لم أهتم كثيراً بالسياسة بحكم وجودي في قرية بعيدة عن العاصمة حيث ولدت بقرية الروبيات مركز طامية بالفيوم وكانت حياتي كلها كفاح وجهاد منذ كان عمري 5 سنوات حيث كان الطفل في هذه الفترة وفي مثل سني مسئولاً عن إعاشة نفسه وأحياناً أسرته. فخرجت للعمل صغيراً ونظراً لعدم وجود أعمال في ذلك الوقت لمثلي فقد عملت في رعي الجمال "الإبل" فكنت آخذها من أحد الملاك الكبار الذين يطلقون عليهم الإقطاعيين وأرعاها مقابل نسبة عند بيعها نتفق عليها من البداية كالثلث والثلثين مثلاً وكهذا. وأتذكر أنني ذات يوم وأنا أرعي الجمال بجوار سقارة أن "نعست" تحت شجرة فاستيقظت لأجد الجمال اختفت في الجبال فبحثت عنها ووجدتني في فتحة كبيرة تحت جبل وشاهدت مومياوات الفراعنة في توابيت "فاترعبت" وجريت هرباً فشكلها مخيف وطول أصحابها يرعب. وكان عمري وقتها لا يتجاوز الخمسة عشر. مورد الجيش ثم بعد ذلك أصبحت أعمل في حمل البضائع علي الجمال من الفيوم وأوصلها لعساكر الانجليز في الكامب بمنطقة حلوان. وهناك كنت أري العساكر الانجليز وهم يستعبدون المصريين ومرة كنت سأشتبك معهم لأني لم أتحمل أن أري مصرياً يهان من المستعمر لكن أحد الكبار سناً منعني. فقررت عدم التعامل مع الانجليز ورحلت عن حلوان واتخذت من جوار الكلية الحربية بمصر الجديدة مقراً للإقامة في "كوخ صفيح" وكانت عبارة عن جبال وأصبحت مسئولاً عن توريد الخضراوات للجيش المصري وأحضرها من سوق المنيب بالجيزة وكأنه كتب عليّ أن أعايش وأعاشر الجنود حتي وأنا خارج الخدمة. وهناك التقيت بالعديد من الجنود الذين حكوا لي قصص جلبهم من بلادهم بالقوة وكانوا يرفضون الخدمة العسكرية تحت حكم الانجليز والملك الذي استسلم لهم في كل شيء. وأذكر أنهم في حرب 48 كانوا يبكون بسبب الخيانة التي أدت للهزيمة. وهناك سمعت عن حركة تمرد لبعض الضباط والجنود علي الأوضاع ثم عرفت بعدها أنهم الضباط الأحرار وعلي رأسهم اللواء محمد نجيب والصاغ جمال عبدالناصر ورفاقهما وكثيراً ما كنت أراهم وهم يدخلون للكلية أو يخرجون منها. يضيف حسين أغا: كل هذا رغم أنني من أسرة ترجع لأصول تركية فجدي مصطفي أغا كان ولاة الخليفة العثماني ولديه "وسية" كبيرة يتوسطها قصر لكن كل هذا ضاع علي يد والدي الذي كان معروفاً بكثرة الزواج لدرجة أنه تزوج 9 مرات لكنه لم ينجب إلا 4 أبناء من زوجته الأولي أمي "حميدة" ثلاثة: حسن. زينب. وأنا.. ثم من زوجته الثانية "نعيمة" أخي مصطفي. وأنا تزوجت من اثنتين بدر - 75 سنة - وتحية - 65 سنة - ولي منهما 42 حفيداً. وعن ثورة يناير وما تلاها من تداعيات يقول حسين أغا: صحيح الثورة كشفت حجم فساد كبير كان يرتكبه الرئيس المخلوع لكن لا ننسي أننا كنا نعيش في أمان علي أنفسنا وبيوتنا وأهلنا بعكس النهاردة فما الذي أفادتني به الثورة إذا لم أحس بالأمن؟! وهذا أول مطلب يجب أن يهتم به ويركز عليه أي رئيس قادم فالأمن عند أي مواطن هو الأساس بعده يأتي الغذاء فالله تعالي يقول: "لإيلاف قريش إيلافهم رحلة الشتاء والصيف فليعبدوا رب هذا البيت الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف". ويتذكر صادق متولي محمد الجُزير- مواليد 13-9 -1920 أنه خدم في الجيش المصري منذ عهد الملك فاروق لمدة 13 شهرا كان الجنود وقتها يهتفون بحياة الملك "يعيش فاروق الأول ملك مصر والسودان" ثم بعد تنحيته في أوائل ثورة يوليو وتولية ابنه أحمد فؤاد الثاني"وكان وقتها طفلا صغيرا في اللفة" كان الهتاف لمدة أسبوع واحد فقط "يعيش أحمد فؤاد الثاني.. ملك مصر والسودان" ثم تغير الهتاف بعدها ليصبح باسم مصر وحتي الآن وإن شاء الله الي الأبد حيث كنا نقول:" تحيا مصر" وتغير أيام الوحدة مع سوريا " تحيا الجمهورية العربية المتحدة" ثم عاد لما هو عليه حاليا " تحيا جمهورية مصر العربية" يقول صادق: التحقت بالتجنيد عام 51 وتدرجت في الرتب من ¢أومباشي¢ حتي وصلت لرتبة نقيب . وفي تقييمه للعصور الرئاسية التي عاشها يؤكد صادق أن عصر الرئيس جمال عبد الناصر من أفضلها قائلا: أحسن أيام شوفناها هي أيام عبد الناصر ولن تعود أبدا لأنه كان ماسك البلد بجد وكل الناس بتحبه وتحترمه وكان رئيسا مصريا بجد ومكنش طماع زي الرئيس المخلوع رغم أنه بلدياتي فأنا من قرية شنوان وبيننا وبين كفر مصيلحة بحر شبين الكوم وكنا نعدّيه بالرجل لما الميّه تقل فيه. فالمخلوع لم يكن بارا ووفيا بأهله حتي إنهم يقولون أن أخته أرسلت له تليغرافا تدعوه لمشاركتها فرح ابنها فرفض الحضور. وأيضا عصر الرئيس السادات لم يكن سيئا ويكفي أنه كان رئيسا مصليا ويتقي الله حتي أنه عرف بالرئيس المؤمن. ومشكلة مبارك أن حاشيته كانت سيئة ولم تراع الله في الشعب والوطن. فأنا أعرف مثلا صفوت الشريف وزكريا عزمي منذ كانا ملازمين في الجيش فمن أين لهما بكل هذه الثروات؟ والأكثر من هذا فمبارك كان شحيحا وبخيلا في منحه وعلاواته للشعب حتي لما يعطيها فهي لا تساوي قيمة¢بطيخة¢ وأقصي علاوة لا تتجاوز 70 جنيها. واذكر بالمقارنة ما منحته لنا ثورة 25 يناير بشكل لم أتخيله من علاوة تجاوزت ال 50% رغم قصر وقتها لدرجة أنني عندما تسلمت المعاش راجعت الصراف فيها حتي لا يكون قد أخطأ فيتحمل هو ذلك لكنه اخبرني بشأن العلاوة. معني كده أن البلد غنية وفيها فلوس كتير لماذا إذن كان مبارك ¢مقشفها¢ علينا وسايب حاشيته وهو وولاده ورجالته تنعم في خير بلدنا لوحدهم؟! ويتمني ¢صادق¢ عودة العمل بنظام حق المجند في المشاركة الانتخابية والذي كان معمولا به حتي عصر السادات وألغي في عصر مبارك ولا يدري ما السبب. فيقول: أليس المجند إنسانا ومواطنا عاديا تسري عليه كل الظروف التي تسري علي المدني؟! وعن المرشحين الحاليين لرئاسة الجمهورية يقول صادق: الحقيقة أنا لا أري أيا منهم يصلح لهذا المنصب بعد ما شوفت عبد الناصر يملأه. لكن من يراه الشعب فهو الذي يجب أن نلتزم به حتي تخرج بلادنا من أزمتها. لكن وإن كان لابد من انتخاب رئيس جديد فأول نصيحتي له أن يتقي الله في الشعب وخاصة سكان المقابر الذين أجبرتهم الظروف للعيش بجوار الموتي. فأي حياة هذه التي يحيونها بجوار موتاهم؟! ثاني صفة في الرئيس المراد أن يكون قويا حازما لإعادة الأمن والطمأنينة للشعب الذي لم يعرف البلطجة والاعتداء علي الآمنين إلا في الآونة الأخيرة وفي عصر مبارك. قوة لا تغريه علي الظلم ولكن في نفس الوقت لا يكون ¢طرطورا¢ يحركه من حوله. عصر الكرامة يلتقط خيط الحديث محمد نور محمد- من مواليد 1-10-1937 مشيدا بعصر الرئيس الأسبق جمال عبد الناصر فيقول: كان ناصر زعيما بحق فقد عشنا في عهده حرية وكرامة لم نرها من بعده. وبعكس ما يشيع خصومه فنحن لم نر في عهده أية تهم وتلفيقات بالباطل ولا احد يحتك بك طالما أنت في عملك وشغلك ولذلك فلن يأتي ناصر تاني مهما حاولنا أو ادعي البعض أنه ناصر العصر. يشير¢نور¢ الي أنه في عهد الملك فاروق كان ابن 14 عاما ولا يتذكر جيدا ما كان في عصره أما في عصر ناصر فقد بدأ العمل معه في حفر وبناء السد العالي وتهجير النوبة- وبهذه المناسبة يتعجب من المطالبين بتعويض النوبيين لأنهم أخذوا مساكن وأراضي بديلة فهل يأخذون التعويض مرتين أم سيردون ما أخذوه من قبل؟! وأيضا بالنسبة لتعويض شهداء يناير لماذا لا يُعوّض كذلك شهداء الحروب السابقة التي خاضتها مصر وكان هؤلاء شهداء في مواجهة العدو المحتل؟! يشير الي أنه كان يعمل بشركة النيل العامة للطرق والكباري. علي كسارات المحاجر مع مقاول يدعي محمد عبد الجليل ب25 قرشا في اليوم أي 7 جنيهات ونصف في الشهر ونحمل متر التراب علي أكتافنا ب4 قروش. حتي لو كان العمل في سيناء وكانت الحياة جميلة والكل بيحب بعضه. وقد دخلت ¢الكُتّاب¢ في قريتنا بقرش صاغ ومن لم يستطع يقدم البيض أو الذرة والعيش وهكذا بالمقايضة. وجاء ناصر وجعل التعليم مجانيا لكل الناس فتساوي الجميع فرأينا أصحاب المناصب العليا من أبناء الفقراء الذين كانوا ممنوعين من قبل ناصر. جنازة تاريخية ويتذكر¢نور¢ أنه يوم وفاة ناصر توقف العمل في كل الأماكن وشارك الجميع في تشييع جنازته. ويقول نور: كنا وقتها نعمل بطريق الواحات البحرية. فكل المناطق التي أقيمت عليها مدينة 6 أكتوبر تم التجهيز لها منذ عهد ناصر وأيضا مطار القاهرة. رحمه الله فلم نر معه طوابير العيش والبوتاجاز ولا أي نوع من الطوابير التي ظهرت مع مبارك فكانت أكبر إنجاز له. حتي عندما ظهرت ازمة اللحمة في عهد السادات ووصل سعرها 3 جنيهات للكيلو قرر وقف عمل الجزارين لمدة شهر وخصص يومين فقط للذبح لمواجهة جشع الجزارين. أما مبارك فترك كل واحد ¢ياكل¢ لحم المصريين كما يحب حتي المخدرات والمساطيل والبطالة والبلطجية انتشروا في عصره وقنوات الرذيلة والفحش. وللحق فإن سنواته العشر الأولي كانت ¢كويسه¢ لكن لما كبر جمال وتمكنت منه الحاشية والبطانة السوء كانت المصائب علي مصر. عن رأيه في المرشحين للرئاسة حاليا يري ¢نور¢ أن أفضلهم هو عمرو موسي- رغم خروجه من السباق- لأنه سياسي محنك وله علاقات خارجية جيدة. أما شفيق فهو رجل عسكري والشعب لا يريد عسكريين. وحمدين وأبو الفتوح ومرسي پفلم يمارسوا العمل السياسي من قبل في أي وزارة. ونحن نريد من يخرجنا من ¢الوحلة¢ التي وقعنا فيها.