سيظل الاقصي هو الميزان الحساس لقوة الأمة أو ضعفها عبر العصور.. حينما تكون الأمة قوية تجد الاقصي في أحضانها يصلي فيه المسلمون الصلاة بخمسمائة صلاة ويشدون الرحال إليه من كل حدب وصوب.. ويذكرنا التاريخ انه عندما كان المسلمون أقوياء في عهد الفاروق عمر فتحوا القدس وعندما ضعفوا احتلها الصليبيون والتتار ثم اليهود ابناء القردة والخنازير الذين لم يكتفوا بالاحتلال والحفريات لهدم الاقصي بل حاولوا احراقه نهائيا في مؤامرة مدبرة عام 1389هجرية - الموافق لشهر أغسطس 1969 . تعود وقائع هذا الفعل الإجرامي الي قيام اليهودي الأسترالي "دنيس مايكل" بزيارة فلسطينالمحتلة باعتباره احد أتباع الصهيونية - المسيحية وقد جاء للسياحة الا انه في الحقيقة جاء لينفذ جريمته بإشعال النار في المسجد الأقصي والتهم الحريق أجزاءً مهمة منه وأهمها احترق منبر ¢نور الدين محمود¢ الذي صنعه ليضعه بالمسجد بعد تحريره ولكنه مات قبل ذلك ووضعه صلاح الدين الأيوبي والذي يعتبر رمزاً للفتح والتحرير والنصر علي الصليبيين الذين سيطروا علي القدس قرابة القرنين من الزمان وقد عاثوا في الأرض فسادا مثل الصهاينة حاليا حتي قيد الله للأمة الكردي صلاح الدين الذي وحد الجيوش وألهب القضية في نفوس أبناء الأمة فكتب الله له النصر والتحرير في موقعة حطين وهو نفس ما فعله سيف الدين قطز -الذي تعود جذوره الي أفغانستان الحالية- حين حرر الاقصي من التتار وكأنه مكتوب عليه ان يضيعه العرب بضعفهم ويحرره ابطال من المسلمين غير العرب الذين كتب عليهم التمزق والتشرذم حتي في أصعب المواقف التي يفقدون فيها مقدساتهم وأرضهم بل وتنتهك أعراضهم وصدق رسول الله صلي الله عليه وسلم ¢ ويل للعرب من شر قد اقترب¢. فهل ننتظر محررا آخر من آسيا وأفريقيا أو حتي من المسلمين الجدد في أوربا وأمريكا أم أن أحفاد الفاورق عمر بن الخطاب سيحاولون تحريره قبل المعركة النهائية مع اليهود -قبيل القيامة - التي جاء ذكرها في السنة النبوية حيث يقول صلي الله عليه وسلم ¢ لا تقوم الساعة حتي تقاتلوا اليهود حتي يقول الحجر وراءه اليهودي تعال يا مسلم هذا يهوديّ ورائي فاقتله¢ . وفي لفظ مسلم ¢ لا تقوم الساعة حتي تقاتلوا اليهود حتي يختبئ اليهودي وراء الحجر والشجر فيقول: الحجر والشجر: يا مسلم يا عبدالله هذا يهودي خلفي فتعال فاقتله إلاّ الغرقد¢ ومن لطف الله أن حريق الاقصي لم يمتد إلي كل المسجد حيث أوشك الحريق أن يصل الي قبة المسجد الأثرية المصنوعة من الفضة الخالصة إلا أن الفلسطينيين استطاعوا إنقاذ بقيته من أن تأكله النار وقامت إسرائيل بإلقاء القبض علي الجاني الذي ارتكب جريمته بتخطيط وتنسيق مع مجرميها واكبر دليل علي ذلك أنها لم تدنه وإنما ادعت أنه مجنون ويعاني من أمراض نفسية ضد العرب والمسلمين ولهذا تم ترحيله إلي أستراليا وما زال يعيش حتي الآن فيها سليم القوي الجسدية والنفسية وليس عليه أي أثر للجنون أو غيره كما ادعي الصهاينة الذين دبروا الجريمة وحموا فاعلها. ردود فعل ميتة تسببت جريمة إحراق الاقصي الي ردة فعل غاضبة كبيرة علي مستوي العالم الإسلامي وقامت المظاهرات الشعبية في كل الدول واكتفي القادة العرب المسلمين -كالعادة - بالشجب والإدانة وقد قيل انه من ضعف موقفهم اجتمعوا وقرروا إنشاء منظمة إسلامية كبري تهتم بقضايا الأمة إلا أنهم - كالعادة - اختلفوا علي الإسلام ولم يجدوا اسما يتفقون عليه سوي اسم ¢ منظمة المؤتمر الإسلامي¢ والتي تضم في عضويتها جميع الدول الإسلامية وكان الملك فيصل بن عبد العزيز هو صاحب فكرة الإنشاء في المؤتمر الذي عقد بالرباط وكان يرأس لجنة القدس فيها الملك الحسن الثاني الذي كان معروفا بعلاقاته السرية والعلنية باليهود في بلاده بتقليدهم ارفع المناصب والوزارات وكذلك مع الدولة الصهيونية التي يفترض ان اللجنة التي يرأسها تعادي الكيان الصهيوني.. وقد تم تغيير اسم ¢منظمة المؤتمر الإسلامي¢ منذ سنوات قليلة الي ¢منظمة التعاون الإسلامي¢ والتي تضم في عضويتها 57 دولة يمثل قرابة المليار وربع المليار ولكنه ¢غثاء السيل ¢بعد فشلهم في تحرير أقصاهم من ستة ملايين يهودي ..وقد شخص لنا رسول الله صلي الله عليه وسلم الداء فقال ¢توشك الأمم أن تداعي عليكم كما تداعي الأكلة الي قصعتها¢ فقال قائل: ومن قلة نحن يومئذ؟ قال: ¢بل انتم يومئذ كثير. ولكنكم غثاء كغثاء السيل. ولينزعن الله من صدور عدوكم المهابة منكم. وليقذفن الله في قلوبكم الوهن¢ فقال قائل: يارسول الله. وما الوهن؟ قال: ¢حب الدنيا وكراهية الموت¢. في اليوم التالي للحريق أدي آلاف المسلمين صلاة الجمعة في الساحة الخارجية للمسجد الأقصي وعمت المظاهرات القدس بعد ذلك احتجاجاً علي الحريق. تنفيذ المؤامرة وتشير أحداث حريق الاقصي انه بدأ من النافذة العلوية الواقعة في الزاوية الجنوبية الغربية من المسجد الأقصي والتي ترتفع عن أرضية المسجد حوالي عشرة أمتار ويصعب الوصول إليها من الداخل بدون استعمال سلَّم عالي الأمر الذي لم يكن متوفرًا لدي ¢دنيس روهان¢. ولهذا كان حريق هذه النافذة من الخارج وليس من الداخل وقامت سلطات الاحتلال الصهيوني - المدبرة للجريمة - بقطع المياه عن المنطقة المحيطة بالمسجد في نفس يوم الحريق وتعمَّدت سيارات الإطفاء التابعة لبلدية القدس- التي يسيطر عليها الاحتلال - التأخير حتي لا تشارك في إطفاء الحريق بل جاءت سيارات الإطفاء العربية من الخليل ورام الله قبلها وساهمت في إطفاء الحريق. ويصف المؤرخون منبر ¢صلاح الدين الأيوبي¢ الذي احترق انه يعتبر قطعةً نادرةً مصنوعةً من قطع خشبية معشَّق بعضها مع بعض دون استعمال مسامير أو أية مادة لاصقة وقد صنعه ¢نور الدين زنكي¢ وحفظه علي أمل أن يضعه في المسجد إذا حرَّره فلما مات قبل تحريره قام الناصر ¢صلاح الدين الأيوبي¢ بنقله ووضعه في مكانه الحالي بعد التحرير من دنس الصليبيين. وقد تأثر بالحريق ايضا مسجد ¢عمر¢ الذي كان سقفه من الطين والجسور الخشبية محراب ¢زكريا¢ المجاور لمسجد ¢عمر¢ ومقام الأربعين المجاور لمحراب¢زكريا¢ وثلاثة أروقة من أصل سبعة أروقة ممتدة من الجنوب إلي الشمال مع الأعمدة والأقواس والزخرفة وجزء من السقف الذي سقط علي الأرض خلال الحريق وعمودان رئيسيان مع القوس الحجري الكبير بينهما تحت قبة المسجد والقبة الخشبية الداخلية وزخرفتها الجبصية الملونة والمذهبة مع جميع الكتابات والنقوش النباتية والهندسية عليها المحراب الرخامي الملون والجدار الجنوبي وجميع التصفيح الرخامي الملون عليه وثمان وأربعون نافذة مصنوعة من الخشب والجبص والزجاج الملون والفريدة بصناعتها وأسلوب الحفر المائل علي الجبص لمنع دخول الأشعة المباشر إلي داخل المسجد وجميع السجّاد العجمي ومطلع سورة الإسراء المصنوع من الفسيفساء المذهبة فوق المحراب ويمتد بطول ثلاثة وعشرين مترًا إلي الجهة الشرقية والجسور الخشبية المزخرفة الحاملة للقناديل والممتدة بين تيجان الأعمدة.