يحفظ التاريخ دعائم قوية بين مصر وسائر الدول العربية لكن هذه العلاقة تتميز كثيراً مع المملكة العربية السعودية. صحيح أن المشاعر الدينية وأداء عبادة العمر تؤدي دوراً كبيراً في هذه العلاقة وهي علاقة تربطها أخوة قديمة تنتمي الي تعاليم الدين الذي ينظم حركة الحياة الاجتماعية التي تعبر عنها مقولة قليلة الكلمات عظيمة المعاني وهي أن الإسلام عقيدة وعمل. فالعقيدة تأتي من الإيمان بالله الواحد الأحد والرسالة الخاتمة. والعمل ينتمي الي هذه الطبيعة المشتركة في الحياة الاجتماعية التي ينظمها الدين والتي تتمثل في قواعد كثيرة ابرزها بالنص الشريف التعاون علي البر والتقوي وعدم التعاون علي الإثم والعدوان. والتأمل في طبيعة هذا التعاون يفيد بأنه خاضع للإيجاب والسلب. فالإيجاب يتمثل في التعاون علي البر والتقوي. والسلب يتمثل في عدم التعاون علي الإثم والعدوان فهو هنا لا يكتفي بالأمر وإنما يضيف إليه النهي. والأمر يتمثل في عمل الخير. والنهي يتمثل في ترك الإثم والشر. وهذا توازن عظيم بين الفعل والترك لأن كلا منهما يؤدي الي الخير وهو مضمون التعاون بين المؤمنين الذين تجمعهم اخوة الإيمان قبل الاخوة الاجتماعية والسياسية لأن الإيمان هو الذي يسير الحياة بجميع ألوان النشاط فيها إيجاباً وسلباً. والدول تتعرض في فترات من حياتها لهزات اجتماعية تبرز فيها اختلافات تؤدي الي الشحناء والتعارض. ولا مخرج من ذلك إلا بالالتزام بتعاليم الدين عقيدة وسلوكا تنظمهما الأخوة والإصلاح بين المختلفين في الرأي. والإسلام يدعو الي الإصلاح بين المختلفين ويتمثل ذلك في قول الله تعالي: "إنما المؤمنون إخوة فأصلحوا بين أخويكم". والإصلاح بين المختلفين في المجتمع الايماني اساس ثابت في العلاقة الاجتماعية. إذ لا يتصور ان يتفق الناس علي أمر واحد دون اختلاف في وجهات النظر. ولكن يعصم هذا الاختلاف من الزلل أن المرجعية الأولي واحدة لا تقبل التجزئة ولا التشرذم. وقد عبرت النصوص الإسلامية عغن ذلك في مواضع كثيرة من حياتها لعل من أبرزها التعريفات المتضمنة للإيمان والإسلام ولا مفر من اجتماعهما لأن الإيمان يعبر عن العقيدة في حين ان الإسلام يعبر عن السلوك. فهما كل واحد وعمل مشترك لا تغني فيه جزئية عن أخري. ونحن نمر الآن بفترة مهمة من حياتنا وقد تختلف فيها الرؤي لكنها تتفق في المرجعية الأولي. وقد عبر عن ذلك الإمام الشافعي رضي الله عنه حين قال: رأيي صواب يحتمل الخطأ ورأي غيري خطأ يحتمل الصواب. وهي مقولة حكيمة من عالم جليل وإمام بارز في حياتنا التشريعية الأمر الذي يوجب علينا الافادة منها بالعمل وليس بالقول فقط.