كنت اعتقد أنه اسم فيلم شاهدناه في الستينيات. لكن المفاجأة أنه اصبح نتيجة حتمية لسنين من الظلم والقهر. نمت فيها أجيال وأجيال من الجهل والفقر والقهر والمعاناة. وكأن ولاة الأمر في البلاد قد اجتهدوا وركزوا جل اهتمامهم لتشكيل عنصر إجرامي في كل رقعة من انحاء الوطن. حاولوا بكل الوسائل إعداد شباب ضائع تائه انتزعوا منه أبسط حقوق الإنسان. فأبسط الحقوق أن الفرد في المجتمع يتمكن من العيش في حياة كريمة. وأن يجد قوت يومه. وأن يكون له حق في التعليم. وأن يعامل معاملة آدمية.. فبدلاً من ذلك جعلوه مجرماً دفعوه دفعاً للسطو والسرقة والبلطجة. ثم أخذوا في محاسبته وعقابه. جعلوه شخصية منبوذة من المجتمع. أهدروا حقه في الحياة. ثم حاكموه علي البلطجة. أن كنتم يا زبانية جهنم عندما نهبتم البلاد وتحكمتم في العبادة. ووأدتم الآمال وحتي الأحلام كنتم تترصدون أصحابها. قتلتم الحب ورزعتم الخوف. قتلتم الشهامة وبنيتم سداً من الخنوع والخضوع والاستكانة. عذبتم وقسوتم. وتعاليتم. ثم قلتم إنهم مجرمون. ونسيتم أنكم أنتم من أجرم في حقهم وأنتم من أفسد الحياة. ليتنا حين خلعنا الرأس استمرينا حتي نقضي علي باقي الجسد الفاسد. ليتنا لم نتوقف حين ثرنا وفرضنا الأمر الواقع وهزت ثورتنا قلوب الفاسدين. الواقع أثبت ذلك أثبت أن المستبد يستمد قوته من ضعف الراعية والمصري بعبقريته الفذة كان يقول في المثل "قال يا فرعون إيه فرعنك قال لم أجد من يردني". إننا الآن إذا أردنا لمصرنا التقدم ولشعبها العزة والكرامة. علينا أن نتذكر قوله تعالي "فمن يعمل مثقال ذرة خيراً يره ومن يعمل مثقال ذرة شراً يره" إن العمل عبادة وعلينا جميعاً أن نتعبد في محراب العمل لتعود مصر لتأخذ دورها ومكانتها في الحياة من جديد بعد سنين من الإقصاء والتهميش. إن هؤلاء الذين أصبحوا الآن مجرمين وبلطجية إنهم أبناء الأمة الذين لم يجدوا مناخاً مناسباً لينشأوا فيه نشأة صالحة. إن الإجرام في جميع أنحاء العالم ولولا أن خلقنا الله بشراً تتصارع فينا نزعة الخير والشر. لكنا ملائكة أو أبالسة لكن الله أراد أن يجمع فينا النزعتين. وأنزل الكتب السماوية للهداية والعمل الصالح. ومع ذلك فلا يخلو العالم من المفسدين. ولكن بنسب تزيد وتنقص حسب إدارة هذه البلاد. وكيف يحكم ولاة الأمر فيها. وحسب مدي تطورها وتقدمها. إن المجرم لم يولد مجرماً. وإنما اكتسب الإجرام من ظروفه. يقال إن جينات الإجرام في دمه ويقول الطب إنه يولد ولديه استعداد للإجرام إذا وجد المناخ الذي يساعد علي ظهور نوازع الشر عنده وقد يكون هذا الشخص نفسه من المشاهير في مجال من المجالات المختلفة إذا ساعدته الظروف علي افراغ طاقته فيما ينفع. إن المجرم لديه طاقة سواء كانت عقلية تتمثل في الذكاء وسرعة التصرف أو كانت جسمانية وتتمثل في البنية القوية وسرعة الحركة إن ولاة الأمر الآن بعد قيام الثورة المجيدة مطالبون بوضع حلول جذرية للحد من معاناة الفقراء في المساكن العشوائية التي ملأت ربوع الوطن. مطالبون أن ينفذوا ما وضع من خطط إصلاح علي الورق لا نجدها مفعلة علي أرض الواقع. ولابد أن نعلم أننا في مرحلة عظيمة في تاريخ مصر الحديث. إنني قبل الثورة كنت أقول دائماً إننا نعيش حياة العشوائية في كل شيء حتي الفكر كان عشوائياً. جميعناً يعلم أن مصر تحتاج الآن إلي رجال ونساء صالحين جنباً إلي جنب يعملون بكل طاقاتهم. ولا يكون حماسنا قولاً فقط بل عملاً علي أرض الواقع لكي لا يكون لأي فرد في المجتمع حق في أن يقول "جعلوني مجرماً" بل نعمل بكل إخلاص. نعمل كما أمرنا الله "وقل أعملوا فسيري الله عملكم ورسوله والمؤمنون" نعمل لكي يقول كل مواطن علي أرض مصر "جعلوني صالحاً".