* تسأل أمجد الشربيني.. الزواج في فرنسا يجعل الزوجة تحمل اسم زوجها.. فما رأي الدين في ذلك؟ وهل يعيب المسلم أن يفعل ذلك؟ ** يجيب د. علي جمعة - مفتي الجمهورية: العرف الغربي قائم علي أن البنت إذا لم تكن متزوجة فانها تذكر باسم أبيها وعائلتها أما إذا كانت المرأة متزوجة فانه يضاف إلي اسمها لقب عائلة زوجها وذلك بعد وصفها بكونها متزوجة بالمصطلح المفهوم من ذلك عندهم وهو مسز أو مدام أو نحو ذلك فتصير اضافة لقب عائلة الزوج حينئذ إلي اسم الزوجة في مثل هذا العرف قائمة مقام قولنا: "فلانة متزوجة من عائلة فلان" وهو نوع من التعريف الذي لا يوهم النسبة عندهم بحال وباب التعريف واسع فقد يكون بالولاء كما في: عكرمة مولي ابن عباس وقد يكون بالحرفة كما في: الغزالي وقد يكون باللقب أو الكنية كالأعرج والجاحظ وأبي محمد الأعمش وقد ينسب إلي أمه مع معرفة أبيه كما في: اسماعيل ابن علية وقد يكون بالزوجية كما ورد في القرآن من تعريف المرأة باضافاتها إلي زوجها في مثل قوله تعالي: "امرأة نوح وامرأة لوط" التحريم: 10 "امرأة فرعون" التحريم: 11 وقد روي البخاري ومسلم من حديث أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - "ان زينب امرأة ابن مسعود رضي الله عنهما جاءت تستأذن علي رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - فقيل: يا رسول الله هذه زينب تستأذن عليك فقال: أي الزيانب؟ فقيل: امرأة ابن مسعود قال: نعم. ائذنوا لها فاذن لها". والمحظور في الشرع انما هو انتساب الانسان إلي غير أبيه بلفظ البنوة أو ما يدل عليها لا مطلق النسبة والتعريف وقد يشيع بعض هذه الأشكال من التعريف في بعض الأماكن أو في بعض الأحوال ويغلب في الاطلاق حتي يصير عرفا ولا حرج في ذلك مادام لا يوهم الانتساب الذي يأباه الشرع وهو الانتساب بلفظ البنوة أو معناها إلي غير الأب كما ان ذلك لا يعد من التشبه المذموم شرعا إذا التشبه إنما يكون حراما بشرطين: أن يكون الفعل المتشبه به منهيا عنه في نفسه وأن يكون المتشبه يقصد التشبه فاذا انتفي أحد الشرطين لم يدم الفاعل شرعا ومما يدل علي ذلك ما رواه الإمام مسلم في صحيحه 624 عن جابر بن عبدالله رضي الله عنهما قال: "اشتكي رسول الله - صلي الله عليه وآله وسلم - فصلينا وراءه وهو قاعد فالتفت الينا فرآنا قياما فأشار إلينا فقعدنا فلما سلم قال: ان كدتم آنفا لتفعلون فعل فارس والروم يقومون علي ملوكهم وهم قعود فلا تفعلوا ائتموا بأئمتكم ان صلي قائما فصلوا قياما وان صلي قاعدا فصلوا قعودا". وكاد تدل في الاثبات علي انتفاء خبرها مع مقاربة وقوعه وفعل فارس والروم وقع منهم فعلا لكن الصحابة لما لم يقصدوا التشبه انتفي ذلك الوصف عنهم شرعا. ولذلك قال العلامة ابن نجيم الحنفي في البحر الرائق 2/11: "أعلم ان التشبه بأهل الكتاب لا يكره في كل شيء وإنا نأكل ونشرب كما يفعلون إنما الحرام هو التشبه فيما كان مذموما وفيما يقصد به التشبه" أه وليس في اضافة لقب عائلة الزوج إلي اسم زوجته ما ينفي نسبها إلي أبيها بل هو من باب التعريف كما سبق وانما آتي اشتباه التحريم من غلبة حذف كلمة ابن في الاسم بين الابن وابيه وهذا وان كان قد يمكن توجيه بالحذف لكثرة الاستعمال تخفيفا إلا انه أورث اللبس في الأسماء المركبة وغيرها مما لا يقصد به النسب وهذا ما دعا بعض الجهات الرسمية إلي إلغاء الأسماء المركبة لايهامها النسب بين جزأي المركب لان حذف كلمة ابن بين المنتسبين صار أشبه بالعرف العام فقد يتجه حينئذ منع اضافة لقب عائلة الزوج لاسم الزوجة بين أصحاب هذا العرف لايهامه النسب الشرعي لكن الأمر يختلف عند وجود العرف باضافة لقب عائلة الزوج لاسم الزوجة مع وضوح القرينة التي تنفي كون هذا نسبا شرعيا - وهي هنا وصفها بكونها امرأة متزوجة: مسز أو مدام أو نحوهما - وطالما ان هذا العرف لا يخالف الشرع فالأخذ به جائز لا حرج فيه ان شاء الله تعالي والشرع الشريف قد اعتبر الأعراف - ما لم تخالفه - وجعلها محكمة حتي صار من قواعد الفقهاء الكلية ان العادة محكمة ولم يدع المسلمين إلي التمرد عليها أو تقصد مخالفتها وذلك سعيا وراء اندماجهم في مجتمعاتهم وعدم انعزالهم عنها مما يمكنهم من التعايش والدعوة إلي صحيح الدين من غير صدام ولا نزاع مفتعل وذلك كله فيما لا تعارض فيه مع أصل من الأصول الشرعية.