كم سعدت لصعود التيار الإسلامي في مصر وكم أتمني أن يلتفت الإخوة في مصر لقضية سجناء إيطاليا وانا أريد أن أوضح موقفهم إذ أنه بالنسبة للموقوفين الإسلاميين في إيطاليا. فقد ادخل السجن بتهمة الارهاب الإسلامي خلال الفترة الماضية. من الشباب المسلم الكثير. وكان ذلك بالتعاون مع الأجهزة الأمنية للأنظمة السابقة في تونس ومصر وغيرها.. ولما لم يكن هنا قانون اعتقال بدون توجيه تهمة ومحاكمة فقد نسبت للجميع تهما مبنية علي تقارير أمنية واردة من هنا وهناك وهي في أحسن حالاتها مبالغ فيها. معتمدة علي نظريات وافتراضات فقط وليس هناك وقائع ولا أحداث فعلية. مع ارفاقها بسوء الترجمة من العربية للإيطالية. ثم الاستعانة بشهود زور من العرب.. فضلا عن التزوير والكذب والبهتان.. وهذا النوع من التلفيق والتزوير والزج بالأبرياء في السجون تتميز به إيطاليا عن باقي الدول الأوروبية!!.. وبدأ ذلك قبل حتي أحداث سبتمبر 2001. بدأ معنا عام 95 حيث لفقت لنا نحن المصريين من رواد "المعهد الثقافي الإسلامي بميلانو" قضية سميت باسم "أبوالهول" نظرا لأننا كلنا تقريبا كنا مصريين. وكان الاعتماد الاساسي علي شخص مصري اسمه إبراهيم قنديل من المحلة الكبري. وهو شخص محتال طرد من النمسا حيث كان يقيم. ثم جاء إلي إيطاليا وكان معرضا للطرد أيضا من إيطاليا. ثم لجأ للتعاون مع أجهزة الأمن الإيطالية وقتذاك. وتكلم كلاما خياليا. غالبا بالاتفاق معهم. ولكنه كان كلاما لا ينطلي علي أحد ذي عقل سليم. ولم يكن في ذلك الوقت ارهاب. وبالتالي وجهوا لنا اتهاماً أننا تنظيم جريمة منظمة "المافيا" ومن خلال أوراق القضية عرفنا أن ذلك كان بضغط من النظام المصري السابق. ومدهم بمعلومات مغلوطة ونجحوا في ارهاب الايطاليين منا. وبالطبع بالاستعانة بالأمريكان الذين لهم نفوذ كبير علي الإيطاليين. ولا يرفضون لهم طلبا.. وقد ارسلت السفارة المصرية في روما وقتها رسالة تهنئة وشكر لأجهزة الأمن الايطالية لأنهم اسقطوا ما اسموه وقتئذ "عصابة أنور شعبان الارهابية" ولكن والحمد لله لم يكن الجو في ذلك الوقت مشحونا بهذه الصورة ضد الإسلام والمسلمين فكانت التداعيات وبعد ظهور التلفيق والافتراء في صالحنا. وبعد حوالي خمس سنوات الغت المحكمة في ميلانو "القسم الثالث جنائي" القضية لعدم صدقية الادعاء وضعف الأدلة وأنها لا تتناسب مع الاتهام الموجه. ثم ايدت ذلك محكمة النقض التي اعترض لديها المدعي العام في ميلانو هذا القرار. ظننا أن القضية انتهت. واغلقت.. وكان الأمر كذلك بالفعل. حتي كانت احداث سبتمبر 2001. فاصبحت كل التراهات والأكاذيب قابلة للتصديق والتعامل معها علي أنها مسلمات.. وبالفعل أعادوا بعد ذلك فتح القضية في عام 2002 وإعادة تقديمنا للمحاكمة بنفس التهم. ولكن مع حذف الكلمة التي يدل علي أن التنظيم تنظيم مافيا. واصبح تنظيم جريمة عادية. واستمر نظر القضية حتي نهاية عام 2005. حيث سقطت بالتقادم وحصلنا علي البراءة جميعا منها من حصل عليها بسبب التقادم "أكثر من عشر سنين" والبعض براءة لعدم وجود الفعل المنسوب إليه. وخلال نفس الفترة دبرت قضية للإخوة من الجزائر واسموها "الشبكة" وذلك في نفس العام 1995. ثم قضية أخري لمجموعة من التونسيين. سنة 1997 وهي التي التقطوا منها أحد شهود الزور الرئيسيين وكان سببا للزج بعدد كبير من الأبرياء في السجن بعد عام .2001 وبعد عام 2001 ازداد عدد القضايا التي قدمت للقضاء وفق قانون جديد "أو مجدد" يسمي هنا قانون مكافحة الارهاب "270" وطور لقانون "270 مكرر" ليتعامل مع ما يسمي بالارهاب الدولي!!.. وطبعا كل من وقع تحت طائلته كانوا من الشباب المسلم فقد سن القانون من أجلهم!!.. وكان الجو مشحونا بصورة كبيرة. فلا يحتاج المحقق ولا القاضي لادلة حقيقية ولكن يكفي النيات والأقوال.. وهو قانون يشبه قوانين محاكم التفتيش في العصور الوسطي ووقع تحت طائلته كل من ذهب يوما ما إلي أفغانستان أو البوسنة. أو فكر أن يذهب إلي هناك أو إلي العراق.. وتوسع القانون في ذلك حتي أن القضاة حكموا به علي بعضنا من الافتراضات التي يقدمها الادعاء أنه نوي أو استنبط المحققون من خلال التصنتات الهاتفية وغيرها ان نيته أن يذهب أو يجي أو يفعل.. ومن الاشياء المضحكة والمؤسفة معا. أن شابا من تونس اتصل بتونس واخبر المتصل عليه ان يحضر له مشروباً غازي من تونس اسمه "فرجينيا" وتحولت هذه الكلمة ان المقصود بها في نظر المحقق والادعاء انه يريد ان يعمل عملاً ارهابياً فيستشهد ويتزوج من الابكار "كلمة فرجينيا معناها العذراء" وبقي المسكين في السجن ثلاث سنوات. يحاول ان يقنعهم أن هذا اسم مشروب في تونس واحضر المحامين عينة من المشروب في المحكمة حتي اقتنعت وحكم عليه بالبراءة.. ولكن بعد أكثر من ثلاث سنوات!! ولتأييد ذلك لتكتمل القضية "الفيلم" قدموا ثلاثة شهود لا يعرفهم معظم المتهمين. ويعرفون هنا بالتائبين "أو المتعاونين مع القضاء" وزعموا أشياء ما انزل الله بها من سلطان. في الغالب أنهم لقنوها من قبل جهات النيابة والأمن.. ومع أن الكثير من تلك الروايات قد ثبت بطلانها تماما أثناء المرافعات. حيث كانت المحاكمات لها شكل قانوني سليم.. إلا أن الموضوع كان خارج إطار القانون والمرافعات فعليا.. وبطريقة أو بأخري كان القضاة يصدرون الأحكام التي وصلت إلي أكثر من عشر سنين علي بعض الأشخاص.. ومعظم المتهمين كانوا من الشباب التونسي حيث كان النظام التونسي السابق. يمعن في مطاردة هؤلاء وينكل بهم في الخارج والداخل. بل أن بعد انتهاء أحكام عدد منهم رحلوا إلي تونس "خالفت ايطاليا قرار أوروبا بعدم ترحيل التونسيين المعارضين إلي تونس للخطورة عليهم" كان ينتظرهم هناك أحكام بالسجن لعشرات السنين. حتي ظننا أنهم لن يخرجوا من السجن إلا جثثاً للدفن. ولكن الله غير الأحوال واطلق سراح الجميع والغيت تلك الأحكام. وخرجوا سالمين آمنين والحمد لله.. وهم بصدد تحريك قضيتهم في تونس وخارجها للمطالبة بحقوقهم التي انتهكها الايطاليون مع النظام التونسي السابق. هذا الوضع العام لمن وجهت له تهم الارهاب في إيطاليا.. سواء من اتم مدة حبسه وخرج أم من بقي منهم. وفي الواقع انه خلال هذا العام 2012 إن شاء الله سيخرج معظم المعتقلين فأكثرهم بقي له عدة اشهر. ومن بقي منهم يحتاج ان يتحرك من يهتم بأمرهم إعلاميا وسياسيا للضغط علي الايطاليين. أما قضيتي فعصية علي الفهم. مما حدا بالمحامين أن يقولوا: إنها قضية سياسية!!.. وهذا ما حدثني به مسئول في الجالية الإسلامية علي مستوي ايطاليا حيث زارني في السجن وقال: لقد تحدثت إلي عدد من المسئولين والسياسيين فوجدتهم قد وضعوا حول موضوعك حلقة. ولا يريد أحد أن يتكلم فيه. وأيضا كل ما نسبوه إلي من تهم. ليس فقط لا توجد. بل لم أفكر فيها فضلا عن اتكلم عنها.. فلا يوجد في التسجيلات الهاتفية والتصنات في مكتبي وغيرها أي شيء يمكن ان يعتبر مجرد مخالفة. ولم يثبت لي أن اتصلت بالذين معي في نفس القضية مع أن الاتهام الموجه إلي أني أنا قائد وزعيم هذه المجموعة!! وفي البداية كان كلام أحد شهود الزور الذين التقطوه من قبل وهو تونسي كان في السجن في قضية سابقة. ويبدو انه ضغط عليه بطريقة أو بأخري فحولوه إلي متعاون مع القضاء وأخذ يتكلم بمثل هذا الكلام الذي ليس له أساس من الصحة. واعتقد أن هذا الكلام قد أملي عليه فقد زعم انه كان هناك مخطط لعمليات ارهابية ضد قاعدة عسكرية ومركز مدينة ومحطة قطارات ميلانو. ومركز للدرك.. ومثل هذا الترهات.. هذا علي العموم. ثم زعم إنني هددت احد الأشخاص بكلاشنكوف في المسجد. وطبعا هذا كلام ساقط لأن الشخص الذي زعم هذا الشاهد إنني هددته موجود وشهد انه لم يحدث شيء من هذا فاسقطوا هذا الكلام من كلام هذا الشاهد ثم أثناء المداولات بدأ هذا الكلام يتهاوي شيئا فشيئا. واصبح في أحسن حالاته كلام غير موثوق فيه.. حتي وصلوا إلي أني لم أفعل شيئا ذا طبيعة إجرامية ولكن لي قدرة علي التأثير في أفكار الناس والسيطرة علي عقولهم. وإني قدمت مساعدات لبعض من اتهموا وادينوابالارهاب وفقا لنظرية التوقع والاستباق وليس لأنهم قاموا أو حتي فكروا بأي عمل لا ارهابي ولا غيره.. ورغم أن مساعدة الناس ليست جريمة في أي قانون مهما كان هذا الانسان مجرما أو غير مجرم. علي إني ساعدت من ساعدت وفي حينها لم يكن متهما فضلا ان يكون مدانا في قضايا مثل هذه القضايا. وغير ذلك من الكلام غير المنطقي.. ورغم ذلك بنوا الحكم الذي حكم به علي وعلي الآخرين علي هذا الكلام.. حتي أن أحد الأشخاص معنا في القضية حكم عليه القاضي بأعلي حد للعقوبة وهو عشر سنوات. رغم ثبوت كذب الشهود في حقه.. وكانت القضية تحاكمنا ومن معي علي الفترة ما بين 1997 حتي ..2001 وبدأت القضية فعليا في شهر مايو 2005. والمرافعات في سنة 2007 وانتهت قضائيا في شهر ابريل ..2010 انظر كيف المدة الطويلة.. ولما كان من غير الممكن أن يحاكموني بقانون مكافحة الارهاب 270 مكرر. فبدأوا الاتهام بقانون يسمي 416 وهو خاص للجريمة العادية. ولكنه الحق به عند الحكم ملحق صدر عام 80 مفاده: إن تلك الجرائم كان نهايتها ذات طبيعة ارهابية.. رغم أن ذلك تطبيق غير صحيح للملحق الذي ينص علي انه "لابد ان يكون تطبيقه بدليل واضح لا يعتريه أي شبهة" وكأن ثبوت كذب الشهود مرات عديدة أثناء الجلسة وعدم ثباتهم علي رواية واحدة ليس شبه. وبالتالي لم تلتفت إليه المحكمة واضافت هذه الاضافة. وبالتالي يعامل المحكوم عليه معاملة المحكوم عليه بقانون 270 مكرر. وخلال هذه المدة لم يكن هناك أي شيء فعلي في إيطاليا ولا في غيرها.. وكما اخبرتكم انه كانت هناك عدة قضايا في هذه الفترة خاصة لأشخاص كانوا يترددون علي المركز الإسلامي "المعهد الثقافي الإسلامي" خاصة بعض من كان قد ذهب إلي أفغانستان.. رغم أنه في ذلك الوقت ليست هناك جريمة اسمها السفر إلي أفغانستان. ولا لأي مكان في العالم.. ثم ازدادت وتيرة تلك القضايا بعد احداث نيويورك. وكأن إيطاليا هي التي حدث فيها الحدث.. حتي في البلاد الأوروبية الأخري التي حدثت فيها أحداث ارهابية حقيقية مثل بريطانيا وإسبانيا لم يحدث فيها عدد ولا كم من القضايا مثل ما حدث إيطاليا.. صحيح أوضاع المسلمين عموما والإسلاميين خصوصا أصابها الكثير من الصعوبات لكن لم يصل تلفيق القضايا وعمل محاكم بهذه الطريقة الفجة. ووضع الناس في السجون وربما جملة من تعرض لهذه المحاكمات في إيطاليا التي لم يحدث فيها أي حادث علي الاطلاق وصل إلي حوالي أكثر من150 شخصا خلال هذه الفترة!! ومرة أخري احسب ان الزج بي في مثل هذه القضية ثم السجن بناء علي تواطؤ وتحريض من الأنظمة السابقة في مصر وتونس.. كما استغل بعض السياسيين الايطاليين من اليمين المتطرف تلك الحملة وذلك الشحن. واستفاد من هذه القضايا وقضيتي بالذات حيث يشار إلي أني إمام المسلمين في ميلانو لكسب أصوات انتخابية وابراز مواقف عنترية لجمهور الناخبين. بل أنهم مارسوا ضغوطا سواء إعلامية أو غيرها ليصدر الحكم علي الوجه الذي صدر به. إخواني الكرام: اطلت عليكم ولكن.. لابد من شكوي لذي مروءة يسليك أو ينسيك أو يتوجعا. وأيضا مرة أخري ان ما هو مطلوب الآن بعد أن من الله تعالي علي الناس في مصر وتونس وغيرها بإزالة الغمم. إن يسعي أهلنا وذوونا في استرداد حقوقنا عبر الطرق القانونية والسياسية واستخدام الأدوات المتاحة لذلك. ونحن نحاول أن نحرك دعوي في محكمة حقوق الإنسان الأوروبية ضد كل هذه الإجراءات.. صحيح أن ما قضيناه في السجن من شهور واعوام لن يعود. ولكن ما يهم الجميع الآن هو اثبات أن ذلك كله كان محض افتراء وكذب وتزوير وعنصرية ضد المسلمين. وحتي لا يستمر أو يتكرر في المستقبل إن شاء الله. والمطلوب هو التحرك العاجل في هذا المجال وطرق كل القنوات القانونية والسياسية. بكل ما تستطيعون وقد يسر الله لكم الأمر ولعل بعض الإخوان الأحباب اصبحوا نوابا في مجلس الشعب. فيمكنهم من خلال ذلك تحريك القضية علي مستوي سياسي. بالإضافة إلي تحريكها إعلاميا. لقد ألف أحد المحامين الايطاليين كتابا حول هذه القضايا اسمه "الارهاب الإسلامي التزوير والخلط".. "باللغة الايطالية" تعرض فيه بالتحليل القانوني والأمني لكل ما قيل وظهر جليا أن كل ذلك كله محض خيال وافتراء.. ومثل هذا الكتاب وما يحتويه من بعض محاضر الجلسات والشهادات يصلح والله اعلم لتحريك دعوي في محكمة حقوق الإنسان ضد ما حدث عموما.. أما المحامون هنا فلديهم بعض التخوفات وربما عليهم بعض الضغوط "ليس في هذه الأمور حرية رأي ولا تعبير ولا غير ذلك من الكلام خاصة في إيطاليا" وكذلك يمكن تحريك القضية إعلاميا وتسليط الضوء علي هذه القضايا وخاصة إذا تبني ذلك قناة لها انتشار ومحاولة الوصول لشهود الزور هنا في إيطاليا. والاتصال بالمحامين والمختصين لعرض وتحليل القضية في الإعلام قانونيا.. واعتقد انه سيكون موضوعا شيقا للمشاهد العربي.. والله اعلم.