لقد حثنا الله تبارك وتعالي علي الاقتداء برسولنا صلي الله عليه وسلم في أقواله وأفعاله وأحواله "قد كان لكم في رسول الله أسوة حسنة لمن كان يرجو الله واليوم الآخر وذكر الله كثيرا" الأحزاب: 21. ولقد كان عليه الصلاة والسلام أكثر الناس ثورة علي الباطل وأعوانه فحقق سنة التدافع في أروع صورها "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لهدمت صوامع وبيع وصلوات ومساجد يذكر فيها اسم الله كثيرا ولينصرن الله من ينصره إن الله لقوي عزيز" الحج: .40 ولكن الباطل لا ينتهي من دفعاته الجهنمية التي حاول في بعضها تحجيم دعوة النبي صلي الله عليه وسلم بمحاولة دفعه إلي العمل في إطار متاح مؤطر مرسوم الحدود ولكنه عليه الصلاة والسلام علم صحابته كنه المدافعة فصاروا في موضع الفاعل لا المفعول به. فرسموا هم الحدود وحجموا الباطل وانتصروا عليه يوم كانوا قلة. ولكنها كانت قلة فاعلة. فما أشبه اليوم بالبارحة: في رضا كثرة غير فاعلة من الإسلاميين عن العمل في إطار المتاح فتكاد تنشر ثقافة الانبطاح! معاناة كثير من شباب الإسلاميين ودعاتهم من ناشري ثقافة "العمل في إطار المتاح" قبل الثورة وبعدها هي هي فقبل الثورة فضائيات إسلامية جهلها قد ارتضي تلك الثقافة فصال فيها وجال بعض الدعاة المصنوعين وبعض المخدوعين وكثير من المنتفعين فكنا نسمع بعدم الممانعة في التنسيق مع أمن الدولة وكأن هذا الأمر دين وكنا نري إخواننا يبادرون في غزوة ودعاة ينادون بالانبطاح مستدلين في غير موضع الاستدلال بصلح الحديبية- حتي كنا نشعر بأنفاس أمن الدولة في زفرات بعضهم- وكأن هذا الأمر دين!! كنا نشعر برسم هالات مقدسة حول دعاة بعينهم كلامهم هو الحق وما عداه الباطل- هكذا كانوا يحاولون غسل مخ الشباب وكأن هذا الأمر دين!! وكذلك كان الحال علي الأرض وفي العديد من المساجد. لكن ولله الحمد والمنة كان علي الصعيد الآخر ثلة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم يقولون الحق ولا يخافون في الله لومة لائم. ثم كانت الثورة. فكان الحلم الكبير بالتغيير ولكن فلول نظام ثقافة العمل في إطار المتاح يأبون الانصياع ويعلنون الامتناع واستدلال اليوم يأتي في صورة تنازل الحسن سبط النبي صلي الله عليه وسلم لمعاوية خال المؤمنين رضي الله عنه وكالعادة استدلال في غير موضع وقياس لا تنطبق عليه الشروط وكأن التنازل عن المشروع الإسلامي وتطبيق الشريعة لصالح أذناب النظام المباركي الظالم البائد هو تنازل السبط للخال وكلاهما خير مع فارق الفضل والنسب- لصالح حقن دماء المسلمين والإصلاح بين فئتين مؤمنتين صالحتين!! خلاصة القول: ليست هناك نتيجة محتومة لثقافة العمل في إطار المتاح إلا الانبطاح. والتاريخ الحديث فيه شواهد وكتابنا العزيز خير شاهد "ولولا دفع الله الناس بعضهم ببعض لفسدت الأرض" البقرة:251 فلولا دفع الحق للباطل لعلا الباطل ولانبطح أهل الحق أمام أمواج الباطل العاتية ولغرقت الدنيا في الفساد والضد بالضد فبالمدافعة تكون نتيجة الصراع لصالح قوة الحق وتتطهر الأرض من رجس الباطل وأعوانه. والله غالب علي أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.